شريط الأخبار
فخ جوعى غزة.. 75 شهيدا و400 جريح خلال تسلم المساعدات "المياه والري": ضبط 873 إعتداء على قناة الملك عبدالله من بداية العام استطلاع: اغلب اللاجئين السوريين في الاردن لا ينوون الرجوع لسوريا مصري يهاجم متعصبين صهاينة بالمولوتوف بامريكا ويهتف لفلسطين مجزرة الجوعى بغزة: الاحتلال يبيد 31 فلسطينيا ويصيب 200 بمركز المساعدت "خريجي خضوري" تواصل استقبال المشاركات بجائزة خليل السالم الزراعية السعودية: اعادة ربع مليون حاج لا يحمل تصريحا.. واخراج 200 الف مخالف من مكة اللجنة الوزارية العربية الاسلامية: سنواصل جهودنا لوقف العدوان الاسرائيلي صاروخ باليستي وثلاث طائرات مسيرة يمنية تضرب مطار ومناطق العدو الاسرائيلي الملك: ضرورة تكثيف الجهود العربية المبذولة لوقف الحرب على غزة متابعة لزيارة الملك.. العيسوي يلتقي شيوخ ووجهاء الجفر للوقوف على مطالب واحتياجات القضاء غزة.. صباحٌ آخر من الدم رئيس تجارة الأردن: المملكة بوابة استراتيجية لاستثمارات البرازيل في المنطقة الصفدي اسرائيل مستمرة بقتل كل فرص السلام بالمنطقة رئيس الوزراء يوجه بتخصيص أراضٍ لإنشاء إسكانات للمعلمين في المحافظات ويتكوف: رد حماس على مقترح الهدنة غير مقبول بتاتا الاحتلال يزعم رسميا استشهاد محمد السنوار حماس تسلم ردّها على المقترح الأمريكي: نعم ولكن تثبيت سعر الكاز وبنزين 90 وخفض 95 والسولار "الرعاية التنفسية" تدق ناقوس الخطر: الأردن السابع عالميًا في انتشار التدخين

التهديدات الوجودية لا تقايض بالصفقات

التهديدات الوجودية لا تقايض بالصفقات


 

 

 

د. مروان المعشر

لا شك أن الاجتماع بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي ترامب الأسبوع الماضي كان صعبا للغاية. وقد عبرت ملامح الملك بوضوح عن استيائه التام وهو يستمع للرئيس الأمريكي يتحدث عن تهجير الفلسطينيين من غزة للأردن ومصر كأنهم أحجار في لعبة شطرنج يحركهم كما يشاء.

لكن من المهم الإدراك أن الملك كان يعرف تماما ما سيقوله ترامب، ولكنه اتبع خطة واضحة وذكية وهي عدم المواجهة العلنية المباشرة مع ترامب، لأن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة. لكن ما حدث في الاجتماع المغلق كان مختلفا تماما. فالهدف الأردني كان ولا يزال بكل وضوح إفهام ترامب خطورة خطته على الأردن كما على الجانب الفلسطيني، وأن الأردن تبعا لذلك ليس مستعدا لقبول أي صفقة أو أي تهديد، مهما كانت الصفقة مربحة أو التهديد مؤلما، فالأمر في النهاية يمثل تهديدا وجوديا للأردن، وهو بالتالي ليس عرضة للصفقات. الخطة الأردنية تمثلت في أكل العنب وليس في قتل الناطور، وباعتقادي أن الملك نجح في إيصال الموقف الأردني بوضوح دون المواجهة المباشرة التي لن تنفع الأردن، ولن تنفع الجانب الفلسطيني أيضا.

من المهم الإدراك أن المؤتمر الصحافي الذي عقد جاء قبل اللقاء المغلق، ولم يكن متفقا عليه سابقا، بل باغت الوفد الأردني في اللحظة الأخيرة. بالرغم من ذلك، حافظ الملك على رباطة جأشه، والمعلومات التي رشحت من اللقاء تفيد أن الملك شرح لترامب أن هذه خطة لا يستطيع الأردن الموافقة عليها بأي شكل من الأشكال، وأن الأردن بالتعاون مع مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة سيتقدمون بخطة متكاملة ومفصلة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها.


واضح أن ذلك باغت الرئيس الأمريكي، إضافة للفتة الإنسانية المتمثلة في معالجة ألفين من الفلسطينيين في الأردن ممن بترت أطرافهم، ما أربك ترامب ودفعه للقول إن الولايات المتحدة ستنظر في هذه الخطة، وهو ما صرح به لاحقا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.

لقد اتبع الملك أسلوبا يدرك كيف يخاطب الجانب الأمريكي، ورغم أن البعض أراد أسلوبا عاطفيا مواجها، إلا أنه من الواضح أن مخاطبة الجانب الأمريكي بلغة منطقية وبخطة مضادة للخطة الأمريكية هو الأسلوب الأنجع والأذكى والأكثر فعالية. تبعا لذلك، من الواضح أن الاجتماع، وبالرغم من صعوبته، حقق اختراقا يجب البناء عليه. على الأردن اليوم استثمار ما تحقق لمواصلة الحديث مع الجانب الأمريكي بانتظام من قبل المسؤولين المعنيين، لتحويل هذا الاختراق إلى إجهاض خطة ترامب نهائيا. وها هي الأخبار تطالعنا برفض أكثر من مئة وأربعين عضوا من الكونغرس لخطة ترامب، كما أن معلومات مؤكدة تشير إلى رفض العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين للخطة، ما يجب استغلاله لتعظيم فرص إزاحة الخطة جانبا وللأبد.

هناك موضوعان يجب التوقف عندهما. أولهما هذا التأييد الشعبي العارم والحاشد لموقف الملك في رفض التهجير. يقف الأردنيون والأردنيات اليوم صفا واحداً، بغض النظر عن اختلافاتهم ومشاربهم وأصولهم، وراء جلالة الملك والموقف الأردني، ويثبتون مرة أخرى أنهم لن يسمحوا بتهديد خارجي أن ينال من الأردن، وهو موقف يجب البناء عليه. لطالما تم الحديث عن ضرورة تحصين الجبهة الداخلية، وها هي هذه الجبهة تظهر للخارج والداخل صلابة الموقف الشعبي ووقوفه مع دولته حين تتعرض لضغوط خارجية. من المهم العمل لتحصين هذه الجبهة باستمرار، فهي الحصن المنيع أمام التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.

اما الموضوع الثاني فهو نجاح الرئيس ترامب في بلورة موقف عربي موحد ضد خطته وهو ما لم يكن متوقعا، على الأقل بمثل هذه الصلابة. وفي حين أن قرارات القمم العربية عادة لا تؤثر كثيرا في مجريات الأحداث، إلا أن قرارات القمة المقبلة بالذات مرشحة لأن تكون في غاية الأهمية، خاصة إن خرجت بخطة مضادة مدروسة بعناية، وإن خرجت أيضا بدعم مالي للفلسطينيين، وللدول التي يمكن أن تتعرض لضغوطات مالية كالأردن ومصر. ولا شك أن الموقف السعودي الذي أعلن أن المملكة لن توقع اتفاقا مع إسرائيل دون الالتزام بدولة فلسطينية، وأعلن أيضا أن هذا الموقف ثابت وليس عرضة للتغيير، سيكون له أثر بالغ في واشنطن التي لا تزال تأمل في توقيع مثل هذا الاتفاق وترغب في تجاهل أي إشارة لحق الفلسطينيين في دولتهم.

لقد تجاهلت الخطة الأمريكية عدة حقائق أولها أن الولايات المتحدة لا تملك غزة ولا تملك الوسائل لتهجير الفلسطينيين، وأهمها أن ستة عشر شهرا من القصف والقتل والتدمير الإسرائيلي لم تنجح في إخراج الفلسطينيين من أرضهم، ولن تنجح في ذلك أيضا تصريحات لرئيس أمريكي تجاوز كل القوانين الدولية في تأييده لتطهير عرقي ينبذه العالم أجمع.

زيارة الملك ناجحة بكل المقاييس، وقد أثبت ومن ورائه كل الأردنيين والأردنيات أن أي تهجير لا يقايض بأية صفقات، فالاعتبار الوجودي للدولة الأردنية يعلو على أية صفقات.

القدس العربي