ندوة في "الوحدة": مواقف الشارع الغربي تتغير.. وشريحة واسعة باتت تنتصر لغزة وفلسطين


حاولت ندوة حوارية في
حزب الوحدة الشعبية تحليل أسباب وخلفيات التعارض ما بين الموقف الشعبي، والموقف
الرسمي في الغرب تجاه الإبادة الجماعية في غزة..
في ظل تزايد الحراك
الشعبي الغربي ضد الابادة الجماعية في غزة.
واستهلت الندوة التي أقامتها
دائرة الثقافة والإعلام المركزي في الحزب الأربعاء الماضي، بالوقوف دقيقة صمت
إجلالاً ووفاءً لأرواح شهداء الأردن وفلسطين وأمتنا العربية.
وافتتح عضو الحزب مجد
الفراج الندوة بالاشارة الى استمرار العدو الصهيوني بحربه البربرية وعدوانه الغاشم
وارتكابه إبادة جماعية في قطاع غزة وسط صمت عربي ودولي رسمي مخزِ ومعيب، فيما قدم
للمتحدثين بالندوة وهما الدكتور توفيق شومر، وعضو المكتب السياسي للحزب د. موسى
العزب.
وقال د. توفيق شومر:
يوجد الآن موجة شعبية شديدة لدعم غزة، حيث نعيش الآن لحظة تاريخية فارقة، ونعود
إلى لحظة سقوط الاشتراكية والاتحاد السوفيتي، واعلان جوج بوش الاب الانتصار
التاريخي للامبريالية وامريكا والهيمنه على العالم احادي القطب عام 1990 مع ترافق
ذلك للثورة التكنولوجية الهامة جدا والتي سميت بالثورة الرابعة.
وأضاف: الاختلاف
الاساسي الذي حدث مع هذه الثورة هو ما حصل في بنية النظام الرأسمالي، مما ادى الى
هيمنة راس المال المالي وتراجع دور راس المال التجاري والصناعي في دور الهيمنة
الامبريالية، نحن ندرك بأن للرأس المال المالي دور في الرأسمالية منذ عقود وتحدث
لينين عنها، ولكن مع هذا التحول هذه المرة حدثت مجموعة من التغييرات المهمة؛
واوضح شومران اولى
التغيريات "مناخية، الثانية كانت ثورة الاتصالات والتكنولوجيا والتي أدت الى
تضخم كبير في القطاع الخدمي وتراجع للصناعات، وانتقل التصنيع الى الدول الاطراف
مما أدى الى تقدم الصين في هذا المجال.
على المستوى الاجتماعي
السياسي - يقول شومر- حاولت الامبريالية
ان تسوق لكذبتين كبيرتين؛ الاولى هي الديمقراطية وحقوق الانسان، والثانية هي
الطبقة الوسطى والتسويق لهما، وبقيت الامور على هذا المنوال الى أن تحولنا الى أول
أزمة اقتصادية عام 2008، حيث قامت الحكومات الامبريالية بإنقاذ الاثرياء وليس
الطبقة الوسطى، وهذا أدى الى انكشاف أولى هذه الكذبات.
وأردف شومر: "نتج
عن ذلك أزمة اقتصادية، أدركت من خلالها الطبقة الوسطى ضآلة حجمها، وادركت بأنها
ليست سوى طبقة عاملة خدمية. هذه الازمة الرأسمالية استمرت، وكانت ايذانا بتراجع
هيمنة الامبريالية وبدأنا نرى أن هناك قوى أخرى صاعدة، حيث تشكل البريكس منذ
بدايات 2008، الى الاعلان الرسمي عام 2012، وظهرت الصين كمنافس حقيقي
للولايات المتحدة".
وأضاف شومر:
"قبل 7 اكتوبر وفي عهد ترامب الأول، كان البحث ينصب على الاتفاقيات
الابراهيمية وترتيباتها في المنطقة، ثم خطر خط الحرير الصيني، وطريق المسرى
السياسي لتنفيذ الاتفاقات الاقتصادية. ولكن بسبب 7 اكتوبر وصواريخ حماس، تعقد
تطبيق هذه المخططات، ورأينا هذه الدرجة من الشراسة والابادة الجماعية بقرار
إمبريالي وشراكة أمريكية مباشرة. وتولدت قناعة بأنه دون الانتصار على المقاومة، لا
يمكن مواجهة هذا الخطر، والأخطار القادمة من الصين أيضا".
واضاف "نسمع الآن
بأن الدول الأوروبية وبعد 19 شهرا من الإبادة بدأت تنادي بإدخال المساعدات، وتوقيف
الحرب، ولكن بشكل خجول وغير حاسم."
من جانبه، أعرب د. موسى العزب عن إدانته للصمت
أمام الإبادة الجماعية في غزة، وتفاقم ازدواجية المعايير بالعالم، حيث أشار إلى
مقارنة بين السخط الذي أثاره القصف الروسي على أوكرانيا، والصمت المتواطئ تجاه
القصف الذي يستهدف السكان المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
وأضاف العزب: إن موقف
الشارع الشعبي الغربي يرتكز على مقاربة تقول: "إنه من الضروري لفت انتباه
الحكومات الغربية إلى حقيقة يتم تغييبها. وهي أنه في هذه اللحظات ومنذ أكثر من عام
ونصف، هناك شعب يُقتل أمام العالم أجمع، وحكوماتنا ترى هذا ولكنها تتعامى، وتتهمنا
بالمبالغة، وتأجيج الصراع".
ولفت العزب إلى انتصار
شريحة واسعة من الشارع الغربي لغزة ولفلسطين، وأوضح أن هذه الفئة تتشكل من طلاب
ومثقفين ومفكرين وفنانين وسياسيين منتخبين، يصرخون "بأن الوقت حان لرفع
الصوت، وعلى الضمير الإنساني أن يتحرك، فهناك شعب يتعرض للقصف يومياً منذ 8 أكتوبر
2023، وهو تحت الحصار والتنكيل قبل هذا التاريخ بكثير.. إن قصف السكان المدنيين
يمثل فضيحة إنسانية وسياسية وأخلاقية، ومحظور تماماً بموجب القانون الدولي، الأمر
الذي نعتبره حقيقة مخيفة"!!
وأضاف " تلك الفئة
المتضامنة ترفض ازدواجية المعايير، حيث إنهم يدينون الكيان الصهيوني ونتنياهو وبن
غفير، ويرتكزون على المبادئ الأممية الراسخة؛ مثل الدفاع عن القانون الدولي وحق
الشعوب في تقرير المصير، وللفلسطينيين الحق بالعيش بكرامة وسلام في دولتهم
الخاصة"..كما ان"المنتفضين في الشارع الغربي يؤكدون على مطالبهم المتمثلة
بالتوقف عن تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح والذخائر".
وزاد العزب "
ينادي هؤلاء بضرورة إجراء مراجعة سياسية وتاريخية لما يُسمى برسوخ أصول المصالح
الجيوسياسية التي خلقت تضامنا غربيا دائما مع الاحتلال الصهيوني، ولكنهم يصرون
الآن على ضرورة كبح العدوانية والغطرسة الصهيونية، ومحاسبتها على خرقها لكل
الاتفاقيات الدولية، خاصة أن عدم تنفيذ القرارات الدولية شجعها على الغطرسة وتفاقم
العدوان في السابق، ما سهل لها إطلاق يدها الآن على ممارسة الإبادة الجماعية بحق
الفلسطينيين".
وفيما يتعلق بتحيز
الإعلام الغربي للكيان الصهيوني راى العزب بأنه " قبل السابع من أكتوبر 2023،
درج الإعلام الغربي على تغطية الصراع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني بشكل مجزوء
ومنحاز، وغيّر الطوفان الوضع بشكل كامل بحيث شغل الموضوع كامل مساحة الإعلام في
الجانب الغربي والصهيوني، ولكن في الأيام التي أعقبت السابع من أكتوبر2023، تسبب
الرد الصهيوني الوحشي غير المتناسب في ارتقاء عدد كبير من الشهداء الفلسطينيين،
ففترت همة الإعلام، خاصة مع تتابع موجات القتل والتدمير للسكان المحاصرين، والتسبب
في استشهاد أعداد هائلة من الغزيين، أغلبهم من المدنيين (..).
كذلك أوضح العزب بأن تحيز الإعلام الغربي للكيان
الصهيوني قديم وله علاقة كاملة بالتوجه الغربي الذي يتبناه معظم الصحفيين،
وغالبيتهم تلقوا تعليمهم في نفس المدارس، وجاؤوا تقريباً من نفس الأوساط
الاجتماعية، وبالنسبة لهؤلاء، فإن العالم الغربي وقيمه الأخلاقية يتفوق على الآخرين،
حيث يُعتبر تأييدهم لإرهاب الكيان الصهيوني شكلا من التلاحم الحضاري!!
ورغم فظاعات المشهد، ووحشية مشاهد القتل
والمعاناة الرهيبة، يعمل القيمون على إعلام الغرب على عدم عرضها للرأي العام، رغم
ظهورها على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تتلاشى نداءات الاستغاثة الصادرة من غزة،
وتُترك مساحات واسعة لخطاب نتنياهو وسردية الحكومة والإعلام العبري، وهكذا فإن
وسائل الإعلام التي تدافع عن الصهيونية تحصل على عدد أكبر من المشاهدين، ويتم حجب
المعارضين، علاوة على محاولاتهم أحياناً انتقاد نتنياهو، ولكن ليس جيش الاحتلال،
لترويج أكذوبة أن الحرب تقع بين الكيان الصهيوني وحماس، في محاولة لإلغاء حضور الشعب
الفلسطيني، وتصوير بأن ما يقوم به الاحتلال من إبادة جماعية ومجازر فادحة ليس
انتقامًا، بل هو رد فعل على العدوان!!
وزاد العزب "بالوقت
الذي يصاحب ما سبق حالة من حجب المعلومات، وإخفاء الحرب، وتفكيك الحقائق، والتلاعب
بالمعلومات المنشورة، وما يلحقه هذا من دور تخريبي تضليلي على المجتمعات وقواها
المحركة في خضم صراع جيوإستراتيجي مفصلي. لكن القنوات والإذاعات الحرة وحدها
تجاوزت قانون الصمت رغم تعرضها للمحاصرة والعقوبات فهناك صحف ومنابر إعلامية مهمة
رغم قلتها، استطاعت أن تحقق قدراً كبيراً من المهنية في معالجة الصراع بطريقة متوازنة،
وهذه بالتحديد تتعرض لعدة هجمات بسبب موضوعيتها. وفقاً للعزب..