شريط الأخبار
القوات المسلحة توضح ملابسات انفجار مسيرة الازرق: قصرت عن مداها اسرائيل تزعم:. احباط تسلل من الاردن الى فلسطين المحتلة العيسوي: الأردن بقيادة الملك يواجه تحولات الإقليم بثوابت راسخة العودات يهنيء مجلس نقابة المهندسين .. وغوشة: مقبلون على تحديث شامل لتشريعات النقابة هل يموه مجددا..ترامب سيتخذ قرارا في شأن إيران “خلال الأسبوعين المقبلين” الغارديان: ترامب امتنع عن ضرب إيران لشكوكه بقدرة "مخترقة التحصينات" على تدمير منشأة فوردو "شلالات من الصواريخ” وانفجارات ضخمة تضرب اسرائيل صباحا البنك المركزي يثبت سعر الفائدة اصابة طفلة واضرار مادية اثر سقوط طائرة مسيرة بالازرق جرش:صورة حية من صور الأمن الوطني ترامب عن ضرب إيران: قد أفعل وقد لا أفعل التربية: صرف سلف طارئة بقيمة 4.7 مليون دينار قبل نهاية حزيران حرب الظل.. ايران تنشط في تفكيك شبكات وورش الموساد في ايران الافراج عن نائب امين عام "العمل الاسلامي" "المهندسين": رسالة الملك امام البرلمان الاوروبي خاطبت عمق الضمير العالمي حكم قطعي ببراءة مفوض التعزيز في الوطني لحقوق الانسان زريقات خامئني ردا على ترامب: الشعب الايراني لايهدد و لن يستسلم ارتفاع على الحرارة ودرجات أعلى من معدلاتها الحاج توفيق: سلاسل الإمداد الغذائي صامدة ومخزون استراتيجي لشهور حسم الأمر.. ننتظر فقط ساعة الصفر لدخول امريكا الحرب

كيف تكتب قيادة نتنياهو نهاية "إسرائيل"؟

كيف تكتب قيادة نتنياهو نهاية إسرائيل؟


‏مُنى حوّا *

‏نستطيع فهم هذا الانزلاق التاريخي عبر مجموعة من النظريات العسكرية والسياسية والاجتماعية التي تُفسر كيف تنقلب القوة إلى عبء، والانتصار إلى فخ، والتوسع إلى سقوط. وما أكتبه هنا ليس تطبيعًا مع الألم، ولا زرعًا لوهم، ولا تجميلًا للهزيمة. بل محاولة لقراءة المشهد كما هو: بعقل بارد، وبصيرة ساخنة، وقلب لا يُخادع نفسه.

 

‏أولًا: فرط التمدد(Overextension)

‏كلما توسعت دولة خارج حدودها الجغرافية والديموغرافية بشكل يفوق قدرتها على السيطرة، فإنها لا تتجه نحو القوة، بل تنزلق إلى ما يُعرف في الأدبيات السياسية بفرط التمدد. هذا المفهوم يشير إلى لحظة تتجاوز فيها الدولة قدراتها الفعلية فتفتح جبهات وصراعات لا تستطيع إدارتها، ما يؤدي إلى إنهاكها ثم تفككها لاحقًا.

 

‏ثانيًا: وهم النصر(Victory Delusion)

‏عندما تظن الدولة أن سلسلة انتصاراتها الجزئية تعني حسمًا كاملًا، فيدفعها الغرور إلى المغامرة الكبرى. ما يحدث مع "إسرائيل" اليوم هو تصورٌ مفرط للسيطرة يقود إلى قرارات توسعية انفعالية، تنتهي بها إلى حالة من العمى الاستراتيجي.

 

‏ثالثًا: إرهاق القوة العظمى (Great Power Fatigue)

‏تعبير يُستخدم لوصف الحالة التي تصل إليها الدول حين تصبح قوتها عبئًا بدل أن تكون رصيدًا. دولة صغيرة من حيث السكان والجغرافيا، بلا عمق استراتيجي حقيقي، تحاول أن تلعب دور اللاعب الإقليمي الأول، فتُرهق مؤسساتها السياسية والعسكرية، وتستنزف حتى داعميها. فائض القوة حين يُستخدم بشكل غير متوازن، ينتج استنزافًا لا انتصارًا.

 

‏رابعًا: فخ الحروب متعددة الجبهات (Multi-Front Warfare Trap)

‏قد يبدو فتح أكثر من جبهة في وقت واحد علامة على المبادرة، لكنه يتحول إلى كارثة حين تفشل الدولة في السيطرة على أي جبهة. "إسرائيل" الآن منخرطة في غزة، ولبنان، وسوريا، والان إيران، وتواجه تهديدات من اليمن والعراق. تعدد الجبهات أضعف مركز القيادة، وأربك قدرة الجيش على إدارة الموارد والرد بفعالية.

 

‏خامسًا: الحروب الأبدية (Forever Wars)

وهو ‏نمط من الصراعات التي تفقد فيها الدولة القدرة على تحقيق نصر حاسم أو فرض تسوية نهائية، فتدخل في حالة استنزاف دائم، دون أفق زمني. "إسرائيل" اليوم تبدو كمن دخل هذه الحقبة: كل معركة تفتح جبهة جديدة، وكل جبهة تتحول إلى مستنقع.

 

‏وهذا المصطلح نشأ بعد 11 أيلول لوصف تورّط أميركا في صراعات بلا نهاية ضد أعداء غير واضحين. ورغم بداياتها السريعة بإسقاط طالبان وصدام، دخلت أميركا حربًا مفتوحة مع تنظيمات متجددة، بلا أفق أو نصر حاسم. اليوم العدو يُعيد إنتاج المشهد ذاته: سلسلة عمليات يعتبرها انتصارات، انزلاق إلى مواجهة دائمة مع قوى لا مركزية، وحروب بلا خارطة طريق. لا عدو واضح، ولا نهاية قريبة، إنما هو استنزاف بلا توقف. المعضلة؟ أن "اسرائيل" تواصل الحرب لا لأنها تعرف ما بعدها، بل لأنها تخشى ما لا تراه في اليوم التالي

 

‏سادسًا: كلفة تتجاوز العائد

 (Cost exceeds Gain)

‏كل جولة جديدة تخوضها "إسرائيل" تكلفها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا أكثر مما تُحقق لها من مكاسب. الشرعية تتآكل، الهيمنة تُستنزف، والمجتمع يدخل في حالة توتر دائم. الانتصارات اللحظية تتحول إلى عبء مستمر.

 

‏سابعًا: النصر القاتل(Pyrrhic Victory)

‏وهو نصر يتحقق عسكريًا لكنه يُفقد الدولة توازنها الداخلي ومقومات بقائها. هو كالفوز في معركة تتركك غير قادر على خوض الحرب التالية. "إسرائيل" ربحت جولات، لكنها تفقد قدرتها على المواصلة.

 

‏وفي هذا السياق، نسترجع تحليل ابن خلدون في لحظة سقوط الدول. فهو يشبّه نهاية الدولة بوميض القنديل قبل انطفائه. التوهج الأخير، البريق الكاذب. "إسرائيل" اليوم في ذروة سطوتها، لكنها تحترق في قلب هذه الذروة. تتوسع أكثر مما تملك، وتقاتل أكثر مما تحتمل، وتُمعن في فرض الهيمنة بينما تفقد السيطرة.

 

‏ولهذا لا بد لنا من أن نقرأ هذا المشهد من مسافة. لا للتطبيع مع الألم، ولا لتزيين الخسارة، بل لفهم مسار الصراع. لأن المقاومة الواعية لا تهتف فقط، بل تحلل وتبني وتهيئ نفسها لليوم التالي.

 

‏إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا

 * كاتبة فلسطينية