شريط الأخبار
ولي العهد يعلن إطلاق رابط التسجيل في جائزة الحسين للعمل التطوعي تخفيض مجز على الضرائب العامة والخاصة للسيارات.. وتثبيت الخاصة على الكهرباء عند 27% البحث الجنائي يقبض على أربعة متورطين بسرقة سركة طلال ابو غزالة العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية وأبنائه الواعين يصوغ من التحديات فرصًا للتقدم كارثة تعاطي مخدرات بدائية وراء وفاة 3 بالزرقاء.. وهذه هي التفاصيل وفد اقتصادي سعودي كبير يزور الأردن في التاسع من الشهر المقبل لتعزيز الشراكات الاستثمارية مكتب BLK يباشر اجراءات قانونية في دبي بخصوص قضية الباخرة الصينية ISL Bohnia غزة.. هدنة مؤقتة ام نهاية للمحرقة صعوبة الامتحان بين الشكوى والتبرير مطبخ الحملة الأردنية يواصل تقديم الطعام في جنوب غزة - فيديو توجه حكومي لخفض الرسوم الجمركية على السيارات الامريكية غدا.. العيد الحادي والثلاثون لميلاد ولي العهد عطية : الكتلة ستتحرك نيابيا وسياسيا ويطالب لجنة التربية عقد اجتماع عاجل وفاة غامضة لثلاثة اشخاص بالزرقاء ما تزال تحير المتابعين الخصاونة: مغتربون اشتكوا تعذر حصولهم على تأشيرات المرور عبر الأراضي السعودية ايران: منفتحون على اتفاق نووي جديد ونوافق على نقل مخزون اليورانيوم المخصب للخارج لقاء مرتقب بين نتنياهو وترامب ينهي حرب غزة خلال اسبوعين ضمن اتفاقيات اقليمية اوسع تعديل ساعات الدوام على جسر الملك حسين الاسبوع المقبل رفض دفع "خاوة" فطعنه القاتل بصدره معهد وايزمن ليس هدفا عاديا

فن التسحيج.. الفقراء يصفقون خوفا من الجوع والأغنياء يسحجون طمعا بالمزيد!

فن التسحيج.. الفقراء يصفقون خوفا من الجوع والأغنياء يسحجون طمعا بالمزيد!


 

عدنان البدارين

في السنوات الأخيرة، تحول مصطلح "التسحيج" من دلالته الفولكلورية المرتبطة بالدبكة والأعراس إلى مفهوم سياسي واجتماعي مثير للجدل. فبينما يعرفه البعض على أنه "التطبيل الأعمى" للسلطة أو للأشخاص النافذين، يرى آخرون أنه تعبير مشروع عن التأييد أو الامتنان عندما يكون صادرا عن قناعة.

 

لكن اللافت هو تحول الكلمة إلى أداة اتهام جاهزة تلقى على كل من يخرج عن خطاب العداء للحكومات والدول أو يثني على إنجاز ما، حتى لو كان مستحقا، فكيف وصلنا إلى هذه الثنائية؟ وهل يمكن فصل الظاهرة عن سياقها الاجتماعي والسياسي الأوسع؟.

 

المشكلة أن المصطلح أصبح يستخدم كفزاعة لتكميم الأفواه، فالمدح المبالغ فيه مرفوض، والنقد مرفوض أيضا إذا اتهم صاحبه بـ"معاداة الوطن"، ما خلق حالة من الانقسام حيث لم يعد هناك مساحة للرأي المتوازن.

 

ويلجأ الناس إلى "التسحيج" عند الخوف أو المصالح، ويتحول في أنظمة تسودها المركزية الشديدة التأييد إلى وسيلة للبقاء أو الترقي، خاصة عندما تغيب العدالة وتختزل الفرص في الولاء لا الكفاءة، هنا يصبح "التسحيج" تعبيرا عن علاقة قوة غير متكافئة.

 

او يلجأون اليه عند غياب البديل النقدي، عندما ينظر إلى أي تأييد – حتى لو كان موضوعيا – على أنه "تسحيج"، يدفع الناس إلى الصمت أو التطبيل، لأن النقد نفسه قد يعتبر خيانة.

 

كذلك بسبب الفجوة بين الدولة والمواطن، حيث إذا فشلت الدولة في توفير الحد الأدنى من العيش الكريم، سيرى أي مدح لها كـ"تزويق للفشل"، حتى لو جاء من مواطن مخلص.. العجز عن تمييز التأييد الصادق من النفاق يعكس أزمة ثقة عميقة.

 

عندما تتداخل المصالح الوطنية مع المصالح الضيقة، يصبح التعبير عن الولاء مهنة لها روادها، وما عليك سوى أن تفتح التلفزيون، أو تدخل مبنى حكوميا، لتشهد عروضا بهلوانية من نوع خاص.. موظفون يصفقون لقرارات لم تنفذ، وإعلاميون يبيعون ضمائرهم، و"مثقفون" يكتبون قصائد المديح مقابل مقعد في الصف الأول.

 

أما السؤال الأهم: هل هؤلاء "سحيجة" بالوراثة، أم أن النظام – أي نظام - حولهم إلى مهرجين؟ الجواب ببساطة كليهما.. عندما تغلق أبواب العدالة، وتفتح نوافذ المحسوبية، يصبح "التطبيل" هو الوسيلة الوحيدة للبقاء. الفقراء يسحجون خوفا من الجوع، والأغنياء يسحجون طمعا بالمزيد.

 

في المقابل، تحول اتهام الآخرين بـ"التسحيج" إلى وسيلة لإسكات أي صوت مختلف، فحين ينعت المواطن الذي يرفع علم بلاده أو يفرح بإنجاز وطني بـ"السحيج"، تختزل قضيته في اتهام يلغي شرعيته دون مناقشة حجته، هذا يذكي الاستقطاب ويبعد المجتمع حتى عن التفكير الموضوعي.

 

الغريب أن الجميع يلعن "المسحجين"، لكن أحدا لا يسأل لماذا يوجدون؟ والجواب بسيط.. لأن الأنظمة التي تخلقهم تريدهم!، عندما تحاسب المواطن على صمته أكثر من نفاقه، فأنت تدفعه إلى أن يصبح "مهرجا" يسبح بحمد الرياح حيث تميل.

 

الأكثر سخرية أن "التسحيج" لم يعد مقتصرا على الحكومات! بل صار لكل حزب مسحجوه، ولكل زعيم قبيلة مهرجوه، بل حتى "المعارضة" صار لها "مسحجو المعارضة" الذين يصفقون لزعيمهم بنفس العقلية!.

 

يجب ان نفهم بعمق التفريق بين المدح المشروع والنفاق اذ ليس كل تأييد "تسحيجا"، فالثناء على إنجاز صحي أو تعليمي – مثلا – حق إذا كان مستحقا، وان المواطن عندما يشعر أن حقوقه مكفولة، يقل انخراطه في علاقات الولاء القسري، ويصبح نقده أو تأييده أكثر صدقا.

 

في النهاية يجب تجنب التوصيفات الجاهزة فاتهام الآخرين بـ"التسحيج" لمجرد اختلاف الرأي يعمق الانقسام والأجدى هو مناقشة الأفكار بدل تصنيف الأشخاص.

 

الخطورة ليست في "التسحيج" نفسه، بل في تحويله إلى سلاح لإقصاء الخصوم أو تبرير الفشل، فإذا كان النفاق الاجتماعي دليلا على اختلال النظام، فإن اتهام كل صوت إيجابي بالتسحيج دليل على اختلال النقاش العام، المجتمع السليم هو الذي يميز بين التأييد القائم على الحقائق والمدح الزائف، دون أن يجبر أفراده على اختيار أحد طرفي المعادلة المستحيلة، إما "التسحيج" أو "العداء"، وهنا تبدأ المعضلة.