صعوبة الامتحان بين الشكوى والتبرير


في كل عام .. لا تخلو جولة امتحانات للثانوية العامة بصورة خاصة إلا اشتكى بعض الطلبة من صعوبة امتحان ما، سواء أكانت الصعوبة حقيقية أم وهمية .. إلا أننا في هذا العام نجد الشكوى تتسع من صعوبة امتحان مادة الرياضيات، وتتفاعل .. وتجد لها صدى على أكثر من صعيد .. إضافة إلى الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور .. ويشهد شاهد من أهلها عندما يؤكدها خبراء تربويون ويعربون عن استيائهم مما جاء في الامتحان، حيث إن أسئلة الاختيار من متعدد وهي أسئلة تحتاج بلا شك وفي مادة الرياضيات بالذات إلى حل مطول وخطوات قبل الاختيار قد أخذت من الطلاب معظم الوقت المحدد للورقة الامتحانية، مما أثر سلبًا على نفسية الطلبة في الوقت المتبقي من الامتحان. فيما ذكر معلمون أنّ بعض الأسئلة التي جاءت في الامتحان كانت من خارج كتاب مادة الرياضيات، معتبرين أنّ الامتحان هو الأصعب منذ عشرات السنين في الأردن!!.
وكالعادة في وطننا العربي .. وقبل تحليل الورقة الامتحانية يأتي الرد .. حيث نجد النفي والتبرير جاهزين .. فجميع الأوراق الامتحانية تم إعدادها وفق معايير تربوية دقيقة .. وجداول مواصفات تضمن شمول الأسئلة لجميع محاور المنهاج المدرسي .. مع مراعاة مستويات الطلبة المختلفة من فهم وتطبيق وتحليل وتفسير وتوظيف للمعلومات .. وجميع الأسئلة الواردة في الأوراق الامتحانية تم اشتقاقها من داخل المنهاج المقرر، دون طرح أي سؤال من خارجه، وهو ما يرسخ مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص!!.
أعود فأقول إن الشكاوى من صعوبة الامتحانات ظاهرة سنوية في كل مكان .. وتقابلنا الشكاوى الحقيقية غالبًا عندما يتم تكليف من هم خارج الميدان التربوي بوضع الورقة الامتحانية كالمشرفين التربويين أو الاستعانة ببعض أساتذة الجامعة .. ومع احترامنا لمكانتهم العلمية إلا أن الأصل أن يضع الامتحان من هم في الميدان، فيتم اختيار واحد أو أكثر من المعلمين الأكفاء في الميدان، وتكليف كل واحد بوضع أكثر من ورقة امتحانية، ليصبح بين يدي مشرف المادة أكثر من ورقة امتحانية، تعطيه حرية اختيار الورقة التي يراها الأنسب بعد مراجعة شمولها لجميع المهارات .. والمخرجات .. وسلم الدرجات .. وحل أسئلتها (كطالب متميز) والقياس على ذلك ليتأكد من إمكانية حل أسئلة الورقة في الوقت المحدد، وتمكن الطالب من مراجعة ورقته قبل تسليمها.
وبعد .. فإنه في الوقت الذي يبلغ عدد المعلمين في الميدان عدة آلاف لكل مادة، فمن غير المقبول وغير المبرر أن نجد ورقة امتحانية لا تلبي المواصفات المطلوبة، ولا تحقق المخرجات الحقيقية للمادة، وتثير زوبعة في المجتمع ..
إن التجارب أثبتت أن المعلم الكفء في الميدان هو الأكثر قدرةً من غيره ممن هم خارج الميدان على إخراج ورقة امتحانية مناسبة أقل عرضة للشكوى والنقد!!.
والله من وراء القصد،،،
د. محمد علي النجار