غزة.. هدنة مؤقتة ام نهاية للمحرقة


د حيدر البستنجي
- حماس تقرأ المشهد من زوايا مختلفة ومراكز القوى
تستعد
- هناك حلول جراحية يتم مناقشتها امريكياً
واسرائيلياً ربما يتم تسريعها ومنها الإغتيالات .
- المصلحة الامريكية التي تريد إقفال ملف غزة
والبناء على ما تحقق لها في الشرق الأوسط الجديد.
لا يمكن فصل
الاستراتيجي عن الواقعي في قضية معقدة مثل المحرقة الجارية حاليا في غزة ، فالسلوك
غير المدروس او عدم استقراء الواقع وبناء الخطط المحكمة، او الاهتمام
بتتابع الخطوات خطوة خطوة ونتيجة نتيجة، هو وحدة ما يؤدي لفهم
حقيقي يمكن تغيير المشهد وينقذ ما يمكن انقاذه ، أما اهمال التفاصيل
وآثارها و ترك الشقوق دون ترميم او انتباه فسوف يؤدي إلى خراب عميم في
النهاية.
تدور المفاوضات حاليا
حول تعديلات خطة ويتكوف والتي عرضت اولاً ضمن ظروف شرق اوسطية
مختلفة حيث تم تغيير المشهد السياسي بالكامل ، وبالرغم من ذلك لا تزال هذه
الخطة اساس الحل، واحد أدواته إلا انها لم تعد تتسم بالمرونة الكافية
بسبب الاختلال الكبير في موازيين القوى ، وكل ما هو مطروح على الطاولة
الان يتلخص في بندين فقط الاول:
إقفال ملف الأسرى
مقابل فتح الباب للهدوء والمساعدات مع استمرار الوجود الاسرائيلي في
الاماكن التي يتواجد فيها مع إزاحات طفيفة ليبقى سيف الحرب او العمليات النوعية
مسلطا على غزة وفي اي وقت وقد استعد الاحتلال لذلك ففي الشمال قام بتبديل
الفرقة 252 لتأتي مكانها الفرقة 99 ، أي أن الاحتلال تحول في تلك المحافظة من فرقة
هجوم واقتحام ، الي فرقة تمركز طويلة الأمد ومراقبة ، هذا يعني الاستعداد لهدنة
مؤقته مع امكانية العودة لشكل من أشكال العمليات النوعية عند توفر الضرورة على
طريقة قص العشب هذا الأمر يتيح استمرار تحكم إسرائيل بمفاتيح الحياة في غزة
وترك المجتمع الفلسطيني لمشاكله العميقة والتي ستظهر تدريجيا وقد تحقّق لإسرائيل
اكثر مما يمكن ان تحققه بأيديها..
السيناريو الثاني
والمرتبط بوقف الحرب نهائيا: وهذا مرتبط بقبول حماس ترتيبات الخروج
من المشهد الغزاوي بطريقة او بأخرى فلا توجد حكومة او سياسي اسرائيلي
حاليا يمكن ان يمرر بقاء حماس في غزة شعبيًا ويبدو ان الادارة الامريكية تتفهم هذا
الأمر ولا تمانع به ، طبعاً هذا قد يؤدي الي ادارة مدنية اسرائيلية
لقطاع غزة او تسليم غزة لجهة عربية لتنفيذ الخطة المصرية لإعادة الإعمار والتي
ترفضها اسرائيل حالياً وتفضل ان تترك غزة تدير شؤونها مع مراقبة مدنية اسرائيلية
عبر اذرع او عشائر دون وجود ظاهر لحماس طبعاً .
حماس من جهتها أبدت
موافقة على البند الاول مع تعديلات طفيفة ما يعني ان الهدنة ممكنة وغالبا
خلال فترة قريبة . حماس أيضاً ، لا زالت ترفض بشدة اي اجراءات للخروج من المشهد
الغزاوي وتعتقد انها لازالت تملك قوة كافية لحكم غزة من جديد والقيادة
الحالية لحماس لا زالت تقرأ المشهد من زاويا مختلفة وهناك تيار لا يزال يحلم بعودة
ايران للمشهد قريباً، يقابله تيار اخواني يرغب في الحفاظ على جسم
الحركة وأموالها ووجودها السياسي حتى لو في الخارج ويعول على دور تركي
قد يعيد تعويم الحركة فلسطينياً من جديد ولذلك لا تبدو نهاية الحرب حاليا
ممكنة ، هدنة نعم، ولكن دون التزامات سياسية وهذا الأمر ترحب به اسرائيل
ايضا ولكنه يتناقض مع المصلحة الامريكية التي تريد إقفال ملف غزة والبناء على ما
تحقق لها في الشرق الأوسط الجديد ، هل يؤدي ذلك إلى أعمال جراحية او اغتيالات
لتغيير المواقف ،ربما، وعلى التيار الذي لازال يراهن على دور إيراني ان يتحسس
راسه، فخلال السنة الأخيرة تغير المشهد تماماً في الشرق الأوسط المعقد بالتاريخ
والجغرافيا ، هناك آليات وأدوات جديدة تفرض نفسها على الطاولة ولم يعد ممكنا
استمرار التعاطي مع الأمور بنفس العقلية السابقة ، الديناصورات اختفت والعقول
المتحجرة ستختفي ايضاً ولابد من فهم الصيرورة الجديدة لتجنب الانهيار ومزيداً من
الألم.ولا غالب إلا الله.