مع المحتل يُطلَب الصمود والمقاومة


د.
طـارق سـامي خـوري
كثيرًا
ما يُردَّد على لسان البعض
"المسيح
قال: من ضربك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر!”
لكنهم
ينسَون، أو يتناسَون، أن المسيح قال أيضًا:
"من لا
يملك سيفًا، فليبع ثوبه ويشترِ سيفًا.”
كيف
يمكن الجمع بين هذين القولين؟ وما المعنى الحقيقي الذي قصده السيد المسيح في كلٍ
منهما؟
العبارة
الأولى جاءت في سياقٍ إنساني داخلي، تدعو إلى التسامح بين الإخوة، بين الجيران،
بين أفراد العائلة الواحدة، وأبناء الوطن الواحد. دعا المسيح فيها إلى الإطفاء لا
الإشعال، إلى الاحتواء لا التصعيد، إلى تغليب الرحمة على الغضب، حين يكون الخلاف
داخل البيت الواحد أو المجتمع الواحد.
أما
القول الثاني، المتعلّق بالسيف، فله سياق مختلف تمامًا.
قاله
المسيح حين كانت المواجهة مع المعتدي، مع الغاصب، مع من جاء ليسلب الأرض ويهدر
الدماء ويهتك الكرامات. هنا، لم يدعُ المسيح إلى الصمت أو الاستكانة، بل إلى
الاستعداد والقتال دفاعًا عن الحق والعدل والإنسان.
بعبارة
أخرى:
مع
الأخ، يُطلَب التسامح،
ومع
المحتل، يُطلَب الصمود والمقاومة.
فالمسيح
لم يكن رسول ضعف، كما يحاول البعض تصويره،
بل كان
رسول محبة مشروطة بالحق، وعدالة مشروطة بالكرامة، وكرامة لا تُصان إلا بالموقف
الشجاع.
المحبة
التي لا موقف لها، ليست محبة.
والمسيحية
التي لا تدافع عن المظلوم، ليست مسيحية.
والمجتمع
الذي يسكت عن الظلم، يقتل ذاته مرتين.