لن تُزهر من دونك...
بقلم / سوسن الحلبي
لم تكن وحدك في ألمك هنا يا صاحبي... فقد كنتُ أرقبك من بعيد،
كما كنتَ ترقبني... وكانت حجارتي تنهار من كل أركاني كلما دُكّت بآلياتهم، كما
انهارت على وجنتيك الدموع...
كنتُ أحاول أن أبقى متماسكًا كما كنتْ... لكنّ كلّ شيءٍ قد
تهاوى من حولي، وغطَّى الطغيانُ كلّ احتمالي... فما عُدتُ أقوى على الصمود...
كنتّ أراك تنظر نحوي يا رفيق الأرض، وعيناك تغدقان بالدموع...
وحرقة قلبك الذي أسكنه، كما كنتَ تسكنني يومًا، لم تنطفئ حتى بعد انتهاء الدمار...
لكن صدقني، لم يؤذني بطشهم كما آلمتني جراحك... فيا ليتني
استطعتُ إيقاف هدم جدراني، كي أستطيع إيقاف كل تلك الخيبات والآلام...
قالوا: سيبنون مكاني بيتًا لهم على هذه الأرض...
قالوا: سيتخلصون من كلّ
الذكريات والأحلام...
قالوا: سيدفنون أيامًا كثيرةً في الماضي كانت لنا، وأنّ
القادم سيكون لهم بكل ما فيه...
فقلت لهم:
أنا لست مجرد طينٍ وحجارةٍ بُنيت على حافة الطريق...
أنا باقٍ في الأرض لا
أزول... وظلّي الذي رسمته الشمس على تلك التلال، لن يرحل يومًا، ولن يغيب...
يكفيني أني محفورٌ بداخلك بكل تفاصيلي، باقٍ فيك بكلّ شموخ...
سيأتون من بعد ذلك ويبنون بيوتًا غير التي عرفتها...
وسيقولون: هي لنا، فلا تعتدِ...
وسيزرعون سلاحهم على أعتابها... ويقولون لك: استقم، ولا تطالع
أرضًا احتضنت خطاك، وأنبتت زهورًا رويتها يومًا بيديك... سنزرعها اليوم كما نشاء،
ونسقي تلك الزهور...
لكن زهور أرضك ستأبى أن
تزهر على شرفات الظلم بتيهها... وستأبى أن تُزهر يومًا على أشلاء ماضيك، مهما
ارتوت بأيديهم من دونك...













