الاحتلال يغرق السلطة بمستنقع الأزمة المالية سعيا لانهيارها.. وضرب التعليم يبدأ


أرخت الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية والتي تسببت بها السياسة
الإسرائيلية، بظلالها على كافة مناحي الحياة، بما في ذلك قطاع التدريس، حيث أعلنت
وزارة التربية والتعليم تأجيل افتتاح العام الدراسي الجديد.
والجمعة، أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تأجيل افتتاح العام
الدراسي الجديد، إلى 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعدما كام مقررا مطلع الشهر نفسه.
وأرجعت الوزارة قرار التأجيل إلى "تداعيات الأزمة المالية التي تمر بها دولة
فلسطين نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في الحصار الاقتصادي، وقرصنة أموال
الضرائب الفلسطينية”، وفق بيان صادر عنها الجمعة.
**انهيار التعليم
وتعقيبا على ذلك، قال رئيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين سائد ازريقات، إن
"الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية تهدد بانهيار المسيرة التعليمة”.
وأضاف زريقات للأناضول، أن "استمرار الأزمة المالية وعدم تلقي المعلمين
رواتبهم للشهر الثالث على التوالي يجعل من افتتاح العام الدراسي غاية في الصعوبة”.
وأكد أن "المعلم بحاجة الى راتبه لتجهيز أبنائه للعام الدراسي، ولكي يتمكن
من الوصول إلى مدرسته، وبالتالي هناك أزمة مالية حقيقية تعصف بالعملية التعليمية”.
وأشار إلى أن "عدم صرف راتب أو جزء من الراتب في الحد الأدنى للمعلم
وللموظفين بشكل عام، سينعكس سلبا على العملية التعليمية”.
وحذر المسؤول الفلسطيني من أن "الأزمة المالية تهدد بانهيار منظومة
التعليم”.
ولمواجهة ذلك، دعا ازريقات "المجتمع الدولي إلى المساهمة في دعم صمود الشعب
الفلسطيني الذي يواجه اليوم حربا أخرى من قبل الحكومة الإسرائيلية، وهي حرب
استنزاف موارد وقرصنة لأمواله، من شأنها شل قدرة المؤسسات على العمل”.
والأحد، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، ، إن إسرائيل تمتنع للشهر
الرابع على التوالي عن تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية.
وكشف مصطفى خلال جلسة ترأسه الاجتماع الحكومي أن مجموع الأموال المحتجزة
تجاوز 10 مليارات شيكل (نحو 3 مليارات دولار).
**أزمة متراكمة
ولاستحضار تداعيات الأزمة المالية التي سببتها إسرائيل، تحدثت الأناضول مع
الخبير الفلسطيني بالشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش، حيث قال إن "السلطة الفلسطينية
تعيش أزمة مالية جراء قرصنة وحجز إسرائيل أموال المقاصة (الضرائب)”.
و”المقاصة” هي أموال مفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء
من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية التي تسيطر عليها تل أبيب، وتجمعها
الأخيرة لصالح السلطة الفلسطينية.
لكن بدءا من 2019 قررت إسرائيل اقتطاع مبالغ منها بذرائع مختلفة، ما أوقع
السلطة في أزمة مالية جعلتها عاجزة عن دفع رواتب موظفيها كاملة.
وأضاف أبو غوش، أن "السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة متراكمة جعلتها غير
قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، بما فيها صرف رواتب الموظفين أو أجزاء
منها”.
وأرجع ذلك إلى "قرصنة الحكومة الإسرائيلية لأموال المقاصة الفلسطينية، والتي
تشكل 68 بالمئة من إيرادات السلطة”.
وقال: "منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (بدء الإبادة الإسرائيلية في غزة)،
شرعت الحكومة الإسرائيلية بتحويل 30 إلى 35 بالمئة فقط من أموال المقاصة، بعد
اقتطاع ما تدفعه الحكومة الفلسطينية لقطاع غزة من رواتب وشؤون اجتماعية”.
وتابع الخبير الاقتصادي: "كانت الحكومة الفلسطينية تعتمد على ما يصل من
أموال من الجانب الإسرائيلي ومساعدات أجنبية وايرادات محلية لدفع رواتب موظفيها”.
لكن إسرائيل، وفق أبو غوش "توقفت منذ 3 أشهر عن تحويل أي مبلغ مالي إلى
الجانب الفلسطيني، ووصلت الحكومة الفلسطينية إلى أقصى حد للاقتراض، الأمر الذي
جعلها غير قادرة على دفع رواتب الموظفين”.
وأشار إلى أن "الإيرادات المحلية تكاد لا تفي بسداد خدمة الدين العام
(القروض)”.
الخبير أضاف أن "المساعدات الأجنبية قيمتها في السابق نحو 200 مليون شيكل
شهريا (نحو 600 ألف دولار) أي ما نسبته 20 بالمئة من إيرادات الخزينة، بينما اليوم
لا تتجاوز 5 بالمئة”.
وأكد أن "كل هذه العناصر اليوم جعلت من الحكومة الفلسطينية غير قادرة على
الوفاء بالالتزامات، وهو ما انعكس على العملية التعليمة”.
ومترقبا ما ستعلنه الحكومة الفلسطينية بهذا الشأن، تساءل الخبير الاقتصادي:
"هل ستصرف الحكومة جزءا أو مبلغا مقطوعا للموظفين؟”.
ورجح أن يكون الصرف "بنسبة ضئيلة لا تلبي الاحتياجات، وبالتالي فإن الموسم
الدراسي مرشح للتأجيل، أو ينطلق نحو العرقلة والتعثر”.
**”إسقاط السلطة الفلسطينية”
وكانت آخرة مرة صرفت فيها الحكومة الفلسطينية رواتب موظفيها في 29 يوليو/
تموز الماضي، عن شهر مايو/ أيار الذي قبله، بنسبة 60 بالمئة، بعد توقف استمر 3
أشهر.
ووفق تقرير نشره البنك الدولي، في فبراير/ شباط 2024، فإن إيرادات المقاصة
تشكل نحو ثلثي إجمالي الدخل المالي للسلطة الفلسطينية.
وتقدر فاتورة الأجور الشهرية للسلطة بحوالي مليار شيكل (نحو 298 مليون
دولار)، وتصرف لنحو 245 ألف مستفيد، بينهم 144 ألف موظف مدني وعسكري على رأس
عملهم، إضافة إلى متقاعدين ومستفيدين من مخصصات اجتماعية.
ومرارا، حرض وزراء إسرائيليون على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ضد
السلطة الفلسطينية، ودعوا لإسقاطها، بينما وصفها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير
بـ”الإرهابية” ودعا إلى "سحقها”.
يأتي ذلك في ظل تصعيد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين لاعتداءاتهم بالضفة بالتزامن
مع حرب الإبادة في غزة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن
1016 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500
آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت 63
ألفا و557 شهيدا، و160 ألفا و660 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر
من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 348 فلسطينيا بينهم 127 طفلا،
حتى الأحد.