"اللنبي" مجدداً... معبر غضب أردني إلى إسرائيل بلغة الرّصاص


أعاد جندي أردني متقاعد جسر الملك حسين (معبر اللنبي)، الفاصل بين
الأردن والجانب الإسرائيلي، إلى واجهة الأحداث مجدداً، بعدما نفذ اليوم الخميس
عملية إطلاق نار أسفرت عن سقوط قتيلين إسرائيليين، قبل أن يتم قتله.
وتعيد الحادثة إلى الأذهان عمليات إطلاق نار مماثلة أعقبت حرب غزة،
إذ نفذ جندي أردني متقاعد آخر، يدعى ماهر الجازي، عملية في المكان ذاته قبل نحو
عام، أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين، بالإضافة إلى الجازي نفسه. ويعمل الجنديان
المتقاعدان في قيادة الشاحنات التي تجتاز المعبر بغرض التجارة أو إيصال مساعدات
للفلسطينيين.
كذلك، تُذكّر الحادثة بعملية نفذها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي
الشابان الأردنيان عامر قواس وحسام أبو غزالة قرب منطقة البحر الميت على الحدود
الأردنية مع الجانب الإسرائيلي، ما أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين، قبل أن يعلن
الجيش الإسرائيلي قتل منفذي العملية.
وتعكس مثل هذه العمليات حجم الغضب الشعبي الأردني تجاه ما يحدث في
قطاع غزة، لكنها لا تمثل الموقف الرسمي الذي يقود منذ بداية الحرب، جهوداً سياسية
وديبلوماسية مكثفة لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية في القطاع والضفة الغربية.
والحدود الأردنية تشكّل مصدر قلق للجانب الإسرائيلي، الذي سبق أن
أعلن مراراً نيته إنشاء جدار أو سياج حديدي للحد من محاولات التسلل وتنفيذ عمليات
أو تهريب السلاح.
وبشأن العملية الجديدة، يقول الكاتب ماجد توبة
لـ"النهار" إنها "تمثل نبض الشارع الأردني الذي يتابع بحرقة أدق
تفاصيل الإرهاب والإجرام الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وتحديداً في قطاع
غزة"، متوقعاً في الوقت ذاته "استمرار مثل هذه العمليات برغم صعوبة
وتعقيد تنفيذها، ما دام يواصل الكيان ارتكاب المجازر والإبادة والتجويع بحق
الفلسطينيين".
ويشير توبة إلى أن "الموقف الرسمي الأردني يعد في طليعة
المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني عبر التاريخ، وبرز على نحو لافت ومكثف منذ بدء
حرب غزة، لا سيّما في ما يتعلق بإدخال المساعدات واستمرار المستشفيات الميدانية،
وتعرية الجرائم الإسرائيلية على المستوى الدولي، وتفنيد رواية الاحتلال ومزاعمه،
بالإضافة إلى العديد من المواقف التي سيحفظها التاريخ".
لكن توبة يرى أن "ذلك الموقف، برغم أهميته وضرورته، لا يشفي
غليل من يؤمن بأن الكيان عدو لا يؤمن بأي مسارات سياسية وديبلوماسية ولا بأي
اتفاقيات سلام، بل يعمل على إشعال المنطقة والإقليم، وفي كل الاتجاهات بعنجهية
ودموية غير مسبوقة".
وبحسب أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر عارف الحديد، فإن
"العملية توصل رسالة للإسرائيليين بأن خيار الحروب والإجرام الذي تنتهجه
حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، لا يمكن أن يأتي بأمن أو سلام، بل يضاعف
الحقد والرغبة في الانتقام لدى مختلف الشعوب العربية جراء ما تفعله عقلية البطش
الإسرائيلية بالفلسطينيين".
ويضيف الحديد لـ"النهار"، أن "العلاقات
الأردنية–الإسرائيلية في أسوأ حالاتها، كون المملكة تتخذ مواقفَ لا مهادنة فيها
ولا تراخ، وتتصدى أولاً بأول لكذب إسرائيل وزيف مزاعمها، فيما تزيد مثل العمليات
التي تنفذ بشكل منفرد من سوء العلاقات، التي لم تعد تعني للأردن أي قيمة ما دامت
إسرائيل تدفع دائماً باتجاه صب الزيت على النار".
محمد الرنتيسي النهار
اللبنانية