المبعوث الأمريكي يصارح دول الخليج بأنها “ليست حليفة”.. وان لا خطوط حمراء امام اسرائيل


يُصارح المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية توم باراك، دول الخليج،
بحقيقة أنها ليست دول "حليفة”، وإن مصالح أمريكا لا تتوافق مع أي دولة في الشرق
الأوسط. فيما وصف اسرائيل بان لها "مكانة خاصة في قلب امريكا".
تلك المُصارحة العلنية التي قدّمها باراك، قد تكون تُليت من قبل على
مسامع قادة دول الخليج، الأمر الذي يُفسر مسارعة بعضهم لإنشاء تحالفات عسكرية
جديدة، كما فعلت العربية السعودية، وتحالفها العسكري مع باكستان، وليس فقط المخاوف
التي تصدّرت المشهد بعد عُدوان إسرائيل على الدوحة، لقتل قادة حركة حماس.
وتابع باراك بأنه لا توجد أمام رئيس وزراء الوزراء الإسرائيلي خطوط
حمراء، في حين وصل دول الخليج بأنها "ملكيات مستنيرة لكنها ليست حليفة”.
وهُنا يقول باراك علنًا لكل الدول الحليفة لواشنطن، بأنهم ليسوا بصدد
حمايتهم، وإن إسرائيل هي الحليف المُحبّب لواشنطن مهما فعلت، رغم أن باراك اعترف
بأن ثقته تمتد حتى إسرائيل.
وذهب باراك لأبعد من ذلك حين أكّد على أن "إسرائيل حليف عزيز. ندعمها
بما يتراوح بين 4 مليارات و5 مليارات دولار سنويًا. لها مكانة خاصّة في قلوب
أمريكا، ونحن نعيش في حيرة مما يحدث في هذه المرحلة الانتقالية. لذا، فالأمر
معقد”.
الصّادم في حديث باراك هذا، بأنه بشّر الشرق الأوسط بأن السلام لن
يتحقّق في المنطقة أبدًا، وجاء ذلك التصريح خلال مقابلة مع برنامج "أون ذا ريكورد”
على قناة "ناشيونال نيوز”.
وأكّد أنه "عندما نقول السلام، فهذا وهم. لم يكن هناك سلام قط (في
الشرق الأوسط). ربّما لن يكون هناك سلام أبدًا لأنّ الجميع يُقاتلون من أجل
الشرعية”.
وأساسًا، تُشير استطلاعات الرأي إلى تراجع الثقة الشعبية الخليجية
بالاتفاقيّات الإبراهيمية، حيث رأي أجراه معهد واشنطن أن 45% من البحرينيين يحملون
آراءً إيجابية جدًّا أو إيجابية نوعًا ما تجاه الاتفاقيات في نوفمبر 2020. وقد
تآكل هذا الدعم تدريجيًا إلى 20% فقط بحلول مارس 2022.
وكان هذا الاتّجاه مُشابهًا في الإمارات العربية، حيث ارتفعت نسبة
معارضي اتفاقيات إبراهيم من 49% في البلاد في عام 2020 إلى أكثر من الثلثين
اعتبارًا من أغسطس 2022. ووفقًا للباروميتر العربي، فإن 31% فقط من المغاربة
فضّلوا التطبيع في ذلك الوقت.
وأعرب باراك عن مزيد من خيبة الأمل تجاه "إسرائيل” وتأثيرها على
المنطقة في مواضع أخرى من المقابلة، وخاصةً فيما يتعلق بلبنان، وقال إنه بسبب
أفعال "إسرائيل”، لم يعد لدى حزب الله أي حافز لنزع سلاحه.
وأضاف "هذه هي المشكلة، خاصةً عندما تهاجم إسرائيل الجميع. إسرائيل
تهاجم سوريا، وإسرائيل تهاجم لبنان، وإسرائيل تهاجم تونس. ومع مرور الوقت، تتحسّن
حجة حزب الله أكثر فأكثر، وهي: ‘نحن هُنا لحماية اللبنانيين من إسرائيل'”.
وتأتي تصريحات باراك، في توقيتٍ يجري فيه الحديث عن تكهّنات
وتحليلات، حول تبدّل كبير وحاسم على صعيد أنظمة قائمة وسُقوطها، وكان سبق أن قال
المبعوث الأمريكي باراك إن "إسرائيل” غير مهتمة بالالتزام بحدود الشرق الأوسط
المُستقرّة بموجب "اتفاقية سايكس بيكو” خلال الحرب العالمية الأولى، ولديها
"القدرة أو الرغبة” في السيطرة على لبنان وسوريا.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز” تقريرا أعدّته إريكا سولومون قالت فيه
إن الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تنظر إلى الهجوم على غزة
وضرب قطر كعلامات تهديد مُحتملة على أمنها القومي.
ونقلت الصحيفة عن إتش إيه هيلير، خبير شؤون الشرق الأوسط، في المعهد
الملكي للدراسات المتحدة في لندن ومركز التقدّم الأمريكي بواشنطن قوله: "بالنسبة
لمصر والأردن وتركيا، سيكون من الحماقة ألّا تشعر بالقلق من احتمال وقوع هجمات على
بلادهم”.
كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه من أن تتسبّب
تصرفات إسرائيل في المنطقة في اتفاقيات "إبراهام” ومعاهدة كامب ديفيد بين تل أبيب
والقاهرة للخطر وينهار السلام.
واتفاقية سايكس بيكو هي اتفاقية سرية بين بريطانيا وفرنسا أُبرمت عام
1916 خلال الحرب العالمية الأولى، وقُسِّمت بموجبها أراضي الإمبراطورية العثمانية
في بلاد الشام، مُشكِّلةً بذلك الدول الحديثة: لبنان وسوريا والأردن وفلسطين
الانتدابية، وهي مساحة شاسعة من الأرض قُسِّمت لاحقًا لإنشاء الكيان الإسرائيلي.
ويتفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل متزايد بأهداف
بلاده التوسّعية الإقليمية، ففي أغسطس/آب الماضي، عندما سُئل عما إذا كان يُؤمن
بفكرة "إسرائيل الكبرى”، أجاب "بالتأكيد”.
ومع النظرة التشاؤمية هذه، للشرق الأوسط، والنوايا العلنية
الإسرائيلية تُجاه تغيير خرائطه، وأنظمته القائمة، يحضر التساؤل العريض، ماذا تملك
حكومات هذه الدول من أوراق يُمكن أن تمنع هذا الخطر القادم، وتلك الأضعف عسكريًّا،
ولا تملك تحالفات، ولا حتى قدرات اقتصادية، أم أنّ التغيير قادم، وحتمي، وبقيت
لحظة ساعة التنفيذ، والنوم على مشهد، والاستيقاظ على مشهد آخر تمامًا، وحتى صادم؟!
"رأي اليوم”- خالد
الجيوسي