في معركة الوعي انتصرت غزة ..


رانيا لصوي
لن أطرح تلك القضايا الكبيرة لنختلف، مَن تَضامن ومن
تَخاذل.. لن أطرح تلك الاسئلة الوجودية لاستمرار المقاومة، جداوها، ماذا حققت؟
لن أطرح تلك الأهداف والانجازات التي تحققت أو لم تتحقق
في حرب منفردة لمدة عامين، ولن أطرح سؤال المتفلسفين المتقاعصين من انتصر؟!
سأروي لكم قصة طفلتين من الشتات الفلسطيني، كرمل
وكندة، قصة جيل كامل طاله عبث التفاهة والمؤثرين الفارغين من كل شيء، جيل
أرادوا له اللهو والالتهاء حد الضياع، اطلقوا عليه الأسماء والصفات و السمات التي
خلت من مفاهيم الوطنية والانتماء، جيل الانفتاح والتحرر من القضايا.. جيل
التكنولوجيا المحمومة دون فائدة .. جيل الاستهلاك وnew version والموضة ..
فهموا كيف هجّر الأجداد من بيت نبالا، من مدنهم وقراهم،
كيف بقيت ذاكرة جدّتهم شاهدةً على اللجوء، على الخذلان، على استباحة الفلسطيني..
جيل أصبح يعرف معنا هذا الصراع الوجودي، أن الأرض لا
تحتمل وجودنا معاً، هذه الأرض لن تقبل سوى الفلسطيني المتجذر فيها رغم كل أشكال
الموت التي عاشها من حرق وذبح وامتهان وجوع. جيل أصبح يعي تماماً مفاهيم الابادة
،الاجرام ،التطهير العرقي، الاستعمار، الاستيطان ويلخصها بالكيان الصهيوني.
سأروي لكم قصة جيل بات يعرف ماهي أدواته النضالية، الحقوق
تُنتزع انتزاعاً، والمواجهة وإن كانت مؤجلة فهي قادمة بحكم هذا الصراع وأقطابه.
جيلٌ أعاد ضبط مفهوم القادة، والمؤثرين، اختبر كيف يجب أن
تكون الأمّة، وكيف للقائد أن ينتزع مكانه في صفوف المواجهة الأولى. وكيف للأحلام
أن تكون انجازات، وللانتماء أن يتحول قضية عبورٍ بتوقيع الرجال.
جيلٌ عرف مامعنى أسير فلسطيني يقبع في سجون الاحتلال
الصهيوني…
جيل شاهد المذبحة، فدرس تماما تاريخ القضية الفلسطينية،
عرف من جاء باتفاق اوسلو، وكيف جاء، كيف قسم فلسطين وحرمهم حقهم بالعودة، وأضاع
هويتهم، عندما أفرغ منظمة التحرير الفلسطينية منهم، من اللاجئين، تمسكوا وتجذروا
وسيقتلعون كل فكرة تعايش أو استسلام تلغي عودتهم و وجودهم.
جيلٌ تعلمBarcode مقاطعة الاحتلال وليسBarcode منيو كافيهات المؤثرين، جيلٌ تعلم أن يواجه الفكرة بالفكرة، القضية بالقضية،
عرف معنى الانتماء للهوية. قاطع وهذب نفسه كيف تأكل وماذا؟ متى تشتري ولماذا؟ فهم
أن القضايا لا تنفصل.. اقتصاد ورياضة وفن وثقافة، كلها تلتصق بالأرض والهوية.
في معركة الوعي انتصرت غزّة ورسخت المقاومة فكرة مهما
تكالبوا عليها وتآمروا، انتصرت غزّه ورسخت أن تحرير فلسطين هو فكرة تنمو في
الوجدان ومن يؤمن بها يملك أدوات تحقيقها.
في معركة الوعي انتصرت غزّة وانتصرت فلسطين بصمودها وبقائها قضية الاحرار من
أبناء أرضها ومن تمسك بانسانيته حول العالم.