راي اقتصاي: تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الموازنة العامة لعام 2026
إعداد:
المهندس نبيل إبراهيم حدّاد
مستشار
الهندسة والصناعة وإدارة المشاريع
أولاً:
الملخص التنفيذي
تمثّل
الموازنة العامة لعام 2026 خطوة مهمة في مسار الحفاظ على الاستقرار المالي للدولة،
حيث تستند إلى افتراضات بنمو اقتصادي حقيقي يبلغ 2.9%، ونمو اسمي 5.4 %، ومعدل
تضخم 2.2%
غير
أن هذه الأرقام تعبّر عن استقرار دون تحوّل اقتصادي فعلي. ولتحقيق نمو قادر على
توليد فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، يجب أن تتطور الموازنة لتصبح أداة تحفيز
للاستثمار والإنتاج والتصدير، مع تركيز واضح على المشاريع ذات القيمة الاقتصادية
المضافة العالية.
تهدف
هذه المذكرة إلى تقديم سياسات عملية ومؤشرات أداء قابلة للقياس لضمان أن تكون
موازنة 2026 أداة نمو مستدام وشامل، منسجمة مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033.
ثانياً:
تحليل الوضع الاقتصادي الراهن
معدل
النمو الحالي % 2.9 لا يلبّي احتياجات السوق المحلي ولا يستوعب التوسع في
القوى العاملة.
استمرار
ارتفاع عجز الحساب الجاري )حوالي %5.8 من الناتج المحلي الإجمالي(.
تأخر
تنفيذ المشاريع الرأسمالية يحدّ من الأثر الاقتصادي المتوقع للموازنة.
الاستثمار
الخاص والأجنبي أقل من الإمكانات المتاحة بسبب الإجراءات البيروقراطية.
العجز
التجاري ما زال يتسع نتيجة ضعف نمو الصادرات مقارنة بالواردات.
تحقيق
معدلات نمو أعلى يتطلب إصلاحات تنفيذية وهيكلية تركز على كفاءة الإنفاق العام،
وتحفيز القطاع الخاص، والتنمية الإقليمية المتوازنة، وتحسين بيئة الأعمال
والاستثمار.
ثالثاً:
الأولويات والسياسات المقترحة لموازنة 2026
1.رفع
كفاءة الاستثمار العام وسرعة التنفيذ
اعتماد
مؤشر جاهزية المشاريع الرأسمالية لضمان إدراج المشاريع المكتملة الدراسات
والتصاميم فقط ضمن الموازنة.
توجيه
التمويل نحو المشاريع ذات الأثر الاقتصادي المرتفع (البنية التحتية، اللوجستيات،
الطاقة المتجددة، المياه، التحول الرقمي).
تحقيق
نسبة تنفيذ لا تقل عن 90% من المشاريع الرأسمالية المدرجة في موازنة 2026.
2.تحفيز
القطاع الخاص وشراكات الاستثمار
توسيع
تطبيق نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) في مجالات الطاقة
والموانئ والمناطق الصناعية.
إنشاء
صندوق دعم الاستثمار المشترك بين الحكومة والمستثمرين للمشاريع الاستراتيجية.
تفعيل
آلية المسار السريع لترخيص المشاريع الكبرى ذات الجدوى الاقتصادية العالية.
3.دعم
الصادرات وتعزيز القدرة التنافسية
تخصيص
جزء من الإنفاق التنموي لتطوير البنية اللوجستية ومراكز الاعتماد والجودة وتبسيط
الإجراءات الجمركية.
ربط
الحوافز الصناعية بمؤشرات الأداء في التصدير والمحتوى المحلي المضاف.
إطلاق
البرنامج الوطني لتسريع الصادرات بالتعاون بين وزارة الصناعة والتجارة ودائرة
الجمارك.
4.إصلاح
هيكل الإيرادات وتوسيع القاعدة الضريبية
الانتقال
التدريجي من الضرائب غير المباشرة إلى أنظمة الامتثال الضريبي الرقمي لتحقيق
العدالة والكفاءة.
الحفاظ
على الانضباط المالي مع حماية الإنفاق الرأسمالي من التخفيض.
إعادة
تقييم الإعفاءات الضريبية غير المنتجة اقتصادياً.
5.تطوير
رأس المال البشري وتمكين القوى العاملة
تخصيص
موازنات محددة لـ التدريب الفني والمهني في القطاعات الإنتاجية.
تقديم
حوافز تشغيلية للشباب والنساء في قطاعات الصناعة والإنشاءات والتكنولوجيا.
ربط
تمويل المؤسسات التعليمية بمؤشرات أداء تتعلق بنسب التشغيل الفعلية للخريجين.
6.تعزيز
أمن الطاقة والموارد الوطنية
التوسع
في استكشاف النفط والغاز المحلي من خلال إنشاء شركة أردنية للتنقيب بمساهمة حكومية
وخاصة.
تحديد
مؤشر أداء رئيسي (KPI) لزيادة نسبة المسح الزلزالي من 5 %
إلى 25% من مساحة أراضي المملكة بحلول عام 2030 .
تمويل
عمليات المسح الزلزالي ورقمنة البيانات الجيولوجية ضمن مخصصات موازنة 2026
بالتعاون مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
رابعاً:
تعزيز اللامركزية والتنمية الإقليمية المتوازنة
لضمان
أن يصل النمو الاقتصادي إلى جميع المحافظات، ينبغي أن تتضمن موازنة 2026 إطاراً
أقوى لتطبيق الحوكمة غير المركزية. فاللامركزية ليست إصلاحاً إدارياً فقط، بل هي
أداة للنمو الاقتصادي تستثمر الإمكانات المحلية وتدعم التنافسية الإقليمية.
الإجراءات
المقترحة:
تخصيص
ما لا يقل عن 20% من الإنفاق التنموي والبنى التحتية لمشاريع المحافظات وفقاً
لأولويات تحددها المجالس المحلية المنتخبة.
إنشاء
وحدات دعم الاستثمار الإقليمي تحت إشراف وزارة الاستثمار لتسريع الموافقات ومساندة
المستثمرين على مستوى المحافظات.
تمكين
المجالس التنفيذية في المحافظات من متابعة وتقييم تنفيذ المشاريع بالتنسيق مع
وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
تطوير
مؤشر أداء المحافظات (GPI) لقياس التقدم في مؤشرات اقتصادية محلية
(نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فرص العمل، جذب الاستثمار).
تعزيز
الممرات التنموية بين المحافظات (الصناعية، الزراعية، السياحية) لتعزيز الترابط
الاقتصادي والحد من الفوارق التنموية.
دمج
هذه الإجراءات ضمن الموازنة سيحول اللامركزية من مبدأ إداري إلى أداة عملية للنمو
الوطني الشامل، تضمن أن تعود ثمار التحديث الاقتصادي على جميع أنحاء المملكة.
خامساً:
ضبط برنامج العمل الرأسمالي (CWP) للمشاريع متعددة السنوات
نظراً
لأن العديد من المشاريع الرأسمالية تمتد على عدة سنوات مالية، فإنه من الضروري
اعتماد نظام ضبط برنامج العمل الرأسمالي (CWP) الذي يربط التمويل
بجدول التنفيذ مع الحفاظ على الانضباط المالي.
التوصيات
الأساسية:
تحديد
إجمالي الموازنة المعتمدة لكل مشروع ضمن برنامج العمل الرأسمالي منذ بدايته، على
أن تُعتبر هذه الموازنة التزاماً حكومياً.
تحديد
سقف الإنفاق السنوي بما يتماشى مع مخصصات موازنة عام 2026 دون تجاوز الطاقة
الاستيعابية النقدية.
اعتبار
أي مبالغ ملتزم بها وغير مصروفة في نهاية عام 2026 رصيداً مرحلاً تلقائياً للأعوام
التالية دون الحاجة لإعادة الاعتماد.
إصدار
تعليمات إدارة برنامج العمل الرأسمالي بشكل مشترك بين وزارتي المالية والتخطيط،
تحدد آليات الالتزام والدفع والترحيل والتدقيق.
تطبيق
نظام رقابة رقمية مركزية يربط دائرة الموازنة العامة والخزينة والوزارات التنفيذية
لمتابعة الالتزامات والصرف والتقدم الفعلي للمشاريع بشكل لحظي.
من
واقع الخبرة المهنية:
انطلاقاً
من خبرتي العملية في إعداد وإدارة برامج العمل الرأسمالي لمشاريع بملايين
الدولارات، فإن نجاح هذا النظام يعتمد على إنشاء قسم متخصص للرقابة المالية
والفنية يتولى متابعة الالتزامات، والإنفاق المخطط، والإنفاق الفعلي لكافة
المشاريع.
وتُعتبر
التقارير الشهرية أداة أساسية تتيح لصناع القرار تحديد المشاريع البطيئة أو ذات
الالتزام المنخفض، ومن ثم إعادة توجيه الأموال نحو المشاريع الأكثر جاهزية أو التي
تحتاج إلى تمويل إضافي لتحقيق تقدم ملموس.
تُسهم
هذه المنهجية في رفع كفاءة الإنفاق العام وضمان توجيه الموارد الوطنية نحو
المجالات الأعلى مردوداً والأسرع تأثيراً اقتصادياً.
هذا
النظام يعزز التنبؤ المالي، ويمنع تأخر إنجاز المشاريع، ويضمن شفافية مالية أكبر،
ويُسهم في إنجاز المشاريع الاستراتيجية في البنية التحتية والطاقة والتنمية
الصناعية في الوقت المحدد وضمن الموازنة.
سادساً:
مؤشرات الأداء المقترحة للنمو (مستهدفات عام 2026)
الهدف
2026
الأساس
2025
المؤشر
≥
3.2 %
2.6
%
معدل
النمو الحقيقي للناتج المحلي
≥
%90
75
%
نسبة
تنفيذ المشاريع الرأسمالية
≥
800 مليون
دينار
400مليون
دينار
حجم
الاستثمار (محلي وأجنبي)
≥
%6
3.5
%
معدل
نمو الصادرات
≥
40,000 فرصة
—
فرص
العمل في القطاعات الإنتاجية
≥
%10
5
%
نسبة
تغطية المسح الزلزالي
≤
%105
110 %
نسبة
الدين العام إلى الناتج المحلي
≥
%80
—
تنفيذ
موازنات المحافظات التنموية
%100التزام
تقريري
—
تتبع
وترحيل مخصصات مشاريع CWP
سابعاً:
التنفيذ والمتابعة
إنشاء
وحدة متابعة النمو الاقتصادي وبرنامج العمل الرأسمالي في رئاسة الوزراء لمراقبة
الأداء الاقتصادي ومشاريع البنية التحتية.
إلزام
الوزارات والمحافظات بتقديم تقارير فصلية عن الالتزامات والصرف والتقدم في التنفيذ.
نشر
البيانات الخاصة بالمشاريع المرحّلة (CWP) ضمن تقرير نصف سنوي للأداء الاقتصادي.
ربط
تخصيصات الموازنات المستقبلية بنتائج الأداء الفعلي للمشاريع الرأسمالية والتنموية.
ثامناً:
الخلاصة والتوصيات النهائية
تمثل
موازنة عام 2026 فرصة حقيقية للانتقال من مرحلة الاستقرار المالي إلى مرحلة النمو
الاقتصادي المنظم والشامل، عبر:
تحسين
كفاءة تنفيذ المشاريع الرأسمالية من خلال تطبيق نظام CWP.
تعزيز
الشراكات مع القطاع الخاص والمحليين.
تفعيل
اللامركزية التنموية وتمكين المحافظات من إدارة مواردها ومشاريعها.
تنويع
مصادر النمو من خلال الصناعة والتصدير والطاقة المحلية.
إن
تبنّي هذه السياسات من شأنه أن يحقق نموّاً مستداماً ومتوازناً إقليمياً، ويعزز
الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.
























