أفتِّشُ عن أحبّتي...
بقلم / سوسن
الحلبي
كان لي بيتٌ جميلٌ أحيا
فيه مع زوجي وأبنائي الصغار... وكانت لنا فيه حياةٌ تغمرنا بحلوها وأجمل لحظاتها...
جاءت الحرب... وحضر
الألم، وحلَّ الدمار في كلّ مكان... أُسِر زوجي إلى أن بُلِّغتُ بنبأِ استشهاده...
ومكثتُ بعدها مع أطفالي في بيتي أرعاهم، إلى أن غاب البيت ورحلّ كلّ من فيه... ولم
يتبقّ من ماضيهِ سواي!!
أنا وحدي... بخوفي
وألمي وهول مصابي... وأصبحت ذكرياتنا في لحظةِ ظلمٍ، أثرًا بعد عين...
قيل لي بأنه لم يبقَّ
لي من شيءٍ هاهنا أنتظره... لكني كنت أشعر، كما أشعر الآن، بأني لا أملك سوى ذاك
الرُّكام وما انّدثر تحت ترابه...
مرّت الأيام والشهور...
ومرَّ الكثيرون من أمامي هاهنا، وأنا أجلس على هذه الحجارة...
كان الناس يأتون
ويتساءلون... أمّا أنا، فكنت أمكث على بقايا ذاك الحائط أبحثُ وأنتظر... أفتشُ عن
الأمل الذي تُحدِّثني به نفسي... رافضةً اليأس والتسليم... فكلّ زاويةٍ من هذا
المنزل، وإن كانت محطمةً، لربما تُخفي تحتها أملاً جديدًا...
فلربما كان أحبتي لا
يزالون أحياءً ينتظرونني ويتمنّون لقائي... أو أنّهم غادروا الحياة بدون وداعي...
وهم لم يعتادوا الذهاب دون وداع...
لا بدَّ أنّهم الآن
بشوقٍ لدعواتي تحملهم بعد الرحيل... وأنا كذلك، أشتاق لعناقهم... ولملامسة أيديهم
ولو لآخر مرةٍ... وأن أضع قبلةً على جباههم الصغيرة، كما كنت أفعل وهم نائمون...
أريدُ أن أُكرمهم بدفنٍ
وصلاةٍ... وأن يكون لهم نُزلٌ في الأرض أقصدهُ عند زيارتهم بعد كلّ هذا العناء...
مُحالٌ أن تكون هذه
الدّار للأحباب مقبرةً... يكفيني أنّي دفنت كلّ ماضينا فيها وأغلى الذكريات!!
ومهما أمضيتُ من العمر
باحثةً فلن يضيرني... بعد أن غاب أحبتي، وغاب معهم من العمر أجمله... فلعلّي
أستطيع يومًا لقاءهم... وضمّهم ولو لمرَّةٍ واحدةٍ بعد أن طال الفراق...
















