شريط الأخبار
المرصد الطلابي يطالب بالغاء عقوبات الطلاب لمشاركنهم بمظاهرات الحكومة تقر مشروع الموازنة العامة بقيمة 12.5 مليار دينار وتوقع نمو 2.5% الفن السابع الصيني يبهر الجماهير الاردنية بمهرجان بكين السينمائي بعمان طلبة جامعات يعتصمون رفضاً للعقوبات بسبب التضامن مع غزة الأردن يسير سربًا من المروحيات المحملة بالمساعدات لغزة المستشفى التخصصي يستقبل مراسل الجزيرة واطفال غزيين مصابين للعلاج فيتو امريكي ضد وقف العدوان في غزة تركيا وإسرائيل و"حلف الأقليات" بينهما الملك وآل نهيان يؤكدان ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان الخارجية :تنفيذ إخلاء طبي لصحفي قناة الجزيرة من غزة مراقب الشركات : تحقيق التنمية المستدامة يتطلب استثمارا بالموارد البشرية مقتل جندي احتلال واصابة قائد كتيبة بعمليات المقاومة شمالي غزة الملك: دور مهم للاتحاد الأوروبي في تحقيق السلام بالمنطقة الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى الإمارات 10 سنوات سجنا للنائب السابق العدوان بتهمة تهريب اسلحة للضفة الحكم بحبس مدانة بالاختلاس في "الاثار" ومحاكمة آخر في "المياه" شفطا مليوني دينار انتهاء مباراة الأردن والكويت بالتعادل الحد الأدنى للأجور: الفناطسة يطالب برفعه الى 300 وعوض يقدره بين 340 - 480 دينارا الملك يمنح أعلى وسام ملكي بريطاني من تشارلز الثالث الملكة تزور جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا

مقابلة ولي العهد.. صراحة ووضوح ونضوج سياسي

مقابلة ولي العهد.. صراحة ووضوح ونضوج سياسي


 

د. محمد علي النجار

 

يقابلنا في الحياة كثيرٌ من الناس .. يمر أكثرُهم مرور الكرام لا يتركون وراءهم أثرًا .. وقليل ما هم الذين يأسرونك بأدائهم، ويجبرونك على الوقوف أمامهم، والإعجاب بشخصياتهم، والاستماع لآرائهم، والاقتناع بأفكارهم .. ومن هؤلاء سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في مقابلة له هي الأولى من نوعها، والتي رسمت أمامنا شخصيةً تتمتع بمواصفاتها القيادية بكل أبعادها .. هي شخصية مقنعة تأسرك بهدوئها واتزانها وبساطتها، وتشدك أكثر من خلال لغة الجسد التي توحي بثقة سموه بالنفس، مما كان له الأثر الإيجابي في تناوله للقضايا المطروحة، بلهجة اتسمت بالصراحة والوضوح والنضوج.

هي محاورُ كثيرةٌ دارت حولها مقابلةُ سموه .. كل محور منها يحتاج أكثر من مقال .. ولعلي لا أُجانب الحقيقةَ إن قلت: إن ما طرحه سمو ولي العهد، وما جرى على لسانه خلال المقابلة من أفكار، يصلح أن يكون خارطةَ طريق للإصلاح، ولمستقبلٍ مشرق للجيل القادم بإذن الله.

تحدث الأمير الحسين بدايةً عن التحديات التي واجهت الأردن خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، والتي اشتملت على الكثير من الأحداث الصعبة في الإقليم، وأثرت على الأردن الذي استطاع أن يتجاوزها بسلام .. وأكد أن الأهم الآن، هو السنوات الخمس والعشرون المقبلة، التي يجب أن تكون الأفضل، من خلال التخطيط (الواقعي) المتسم بالمرونة، للاعتماد على الذات، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي.      

ووضع سموه إصبعه على الجرح، عندما أكد على ضرورة تطوير التعليم، والتقدم في الصناعة، وتطوير السياحة، والعمل على الاستثمار ، مشيدًا بشخصية جلالة الملك ومواقفه التي تستند إلى العقل والحكمة، بعيدًا عن العاطفة والانفعال.

وردًا على سؤال، أكد سموه وقوف الأردن .. كل الأردن من القمة إلى القاعدة مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وعبر عن صدمة الجميع من العجز الدولي أمام ما يتعرض له قطاع غزة من قتل وتدمير، مشيرًا إلى أن الأردن يعمل كل ما يستطيعه، وسيظل يعمل ولن يتوقف عن مساندة الشعب الفلسطيني، مذكرًا أن المشكلة أقدم من السابع من أكتوبر، وأنه لا بد من حل عادل للقضية يُرضي الشعوب.

وبلهجة القائد الواثق تحدث سموه عن العلاقات الأردنية والعربية الإيرانية، وأكد على أن الأردن يسعى دائمًا للتهدئة، ولعلاقات تقوم على حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الغير، مذكرًا أن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التوترات، معربًا عن أمله في أن يكون هناك تقارب وتكامل (عملي) بين الدول العربية، لما فيه مصلحة شعوبها على مختلف المستويات.

وردًا على سؤال عما أسماه المحاور معارضة، أوضح سمو ولي العهد أن من حق المواطن أن يغار على وطنه، وأن يمارس حقه في النقد البناء الذي يصب في مصلحة الوطن، وأن التنوع والاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، وهو مطلوب في قضايا تتعلق ببرامج تطوير العمل، كالصحة والتعليم والاقتصاد ..

وفي معرض طرح المحاور لتنوع الهويات الفرعية، أكد سمو ولي العهد أن هذا التنوع أمر طبيعي في أي بلد، بل إن هذا التنوع أمر إيجابي، ساهم في خروج الأردن من كثير من الأزمات، وأن الأهم هو تماسك الأردنيين، وانضواؤهم جميعًا تحت مظلة أساسية واحدة، هي المظلة الأردنية.

لقد كانت هذه المقابلة غنية بأفكار سمو ولي العهد، ومواقفه التي تدل على وعيه وإحساسه المبكر بالمسؤولية، ولقد طرح قضايا جديرة بالوقوف أمامها لأهميتها، مثل تركيزه على أولوية الاقتصاد، واعتزازه بوجود موارد بل ثروة بشرية أردنية يمكن الاعتماد عليها، وأنه لا بد من إيجاد الحلول للبطالة بين الشباب، وتنبه سمو ولي العهد لمشكلة البطالة المقنعة الموجودة في بعض مؤسساتنا، وما تفرزه من آثار سلبية على الخزينة والإنتاج، وإشارته للحل الذي يكمن في تأهيل الكوادر الفنية وزيادة الإنتاجية، وضرورة وجود الكفاءات في القطاع العام مركزًا على أهمية التعليم الفني والتقني وتطوير البرامج.            

وأعرب سموه عن أمله في تمكين القطاع السياحي ليأخذ مكانته بين مصادر الدخل، موضحًا أن الأردن يمتلك مقومات سياحية تتمثل في مئة ألف موقع أثري على مدار العصور، عدا المواقع السياحية الطبيعية المتنوعة، وتمتع الأردن بطقسه المتميز مما يؤهله لأن يكون وجهة سياحية تستقطب المزيد من الزائرين. 

لقد لفت انتباهي كلمات قالها سمو ولي العهد كان لها الكثير من المعاني، دلت على إحساسه وانغماسه في الهم العام، منها قوله:

(قرارات أي مسؤول يمكن أن تؤثر على كثير من الناس)

(في ألم حقيقي عند الناس اليوم؛ في فقر ، في بطالة، في شعور بغياب العدالة والناس يستاهلوا منا أكثر)

(تهمني النتائج ، والإنجاز على الأرض، وعدم تكرارالخطأ)

(ضرورة إعادة خدمة العلم لتعزيز انتماء الشباب للوطن)

(كيف سيدخل الشباب الأحزاب وهم عاطلون عن العمل)

هي كلمات تدل على إحساس بالمسؤولية .. وذكاء وفطنة .. ونضوج ومتابعة .. وفهم لما يدور .. وعلم بأدق التفاصيل لقضايا مطروحة على الساحة.

وبعد فإنه يحق لنا أن نفخر بأن في الأردن قياداتٍ شابةً بهذا الحجم من الثقة واللباقة واللياقة، والاتزان واستيعاب هذا الكم الكبير من القضايا؛ السياسية والاجتماعية والإنسانية والتاريخية .. هي شخصية ترعرعت في العرين الهاشمي .. نشأت على التواضع، وحب الخير، وتحمل المسؤولية، وعشق الوطن .. فهنيئًا للأردن بالقدوة من شبابها ..

حفظ الله الأردن أرضًا مباركة معطاءة ... وشعبًا كريمًا مخلصًا ... وقيادة هاشمية رشيدة ...

والله من وراء القصد،،،