لا عهد لهم.. رضينا بالهمّ..!
اشرف محمد حسن
قالت صحيفة
"هآرتس" التي تصدر في الكيان الصهيوني إن الرأي الاستشاري الذي قدمته
محكمة العدل الدولية قوض الحجج الأساسية التي يسوقها الكيان الصهيوني لاحتلاله
طويل الأمد للضفة الغربية وسلح البلدان والمؤسسات والشركات بشكل أساسي بمبرر قوي
لمعاقبة إسرائيل، مؤكدة أن تجاهله لا ينبغي أن يكون خيار الكيان وأوضحت الصحيفة،
في تحليل بقلم الكاتب والدبلوماسي الصهيوني ألون بينكاس، أن قرار محكمة العدل
الدولية بشأن الاحتلال الصهيوني وإدارته للضفة الغربية والقدس الشرقية خطير وغير
سار، موضحا أن تل أبيب تستطيع أن تتحداه وتتجاهله وتسخر منه وتهاجمه بكل غطرسة كما
تريد، ولكن عندما يتوصل القضاة إلى هذا الاستنتاج ويطالبون الكيان الصهيوني بدفع تعويضات
للفلسطينيين، فإن ذلك يعطي المبرر للعديد من البلدان، الأعداء والأصدقاء
والمنتقدين والمؤيدين على حد سواء مع العلم بان الكيان الصهيوني نال دعما دوليا من
انشاءه بالاستحضار الدائم لدور الضحية التي تعرضت للهولوكوست الذي لا وجود له في
الأساس على يد الأوروبيين، الذين ينبغي لهم أن يعوّضوا اليهود عن تلك المعاناة على
حساب العرب وابتزاز الدعم الدولي والشعبي لدى الشعوب الأوروبية وتتمثل أسس الدعم
الدولي للاحتلال في الدور الوظيفي لها كونها قاعدة عسكرية وسياسية واقتصادية
متقدمة للولايات المتحدة وسواها من الدول الاستعمارية الكبرى؛ تضمن مصالحهم وتديم
هيمنتهم على المنطقة، وتمنع توحد شطريها الآسيوي والأفريقي و كان يستلزم ذلك
الحفاظ على الصورة الأخلاقية (لدولة ديمقراطية وسط ") غابة من الاستبداد
والتخلّف" كما صوّروا دول وشعوب المنطقة لسنوات طويلة، من خلال سيطرت الحركة
الصهيونية العالمية على كافة وسائل الاعلام في تلك الدول وهو ما عزز الدعم الشعبي
لها في غرب استعمر هذه المنطقة، وفرض الانتداب عليها من خلال تصدير صورته
ك(دولة ديمقراطية) مسالمة تكافح الإرهاب والاخطار التي صورتها لهم وسائل
الاعلام.
الا ان الكيان تعرض
لكشف حقيقته بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى يوم 7/أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي
والمجازر التي ارتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة امام
سمع وبصر العالم من خلال انشار الاعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي فلم يعد
اعلامهم هو الوحيد المسيطر والمؤثر في الشعوب الأوروبية فباتت تتصاعد حراكات شعبية
في الشارع الاوروبي والامريكي ضد الجرائم التي يقترفها الكيان الصهيوني وضد إدارات
دولهم الداعمة له بشكل مطلق فقد حيث شاهد المواطن في تلك الدول ان إدارات دولهم
شريك للكيان الصهيوني في تلك الجرائم الامر الذي اثر وبشكل مباشر في توعية
الرأي العام لهذه الشعوب ولذلك شهد العالم الكثير من التحولات من صعود لتيارات
كانت بعبدة عن السلطة وصنع القرار في بلدانها .
ورداً على قرار محكمة العدل الدولية رحب
الفلسطينيون بقرار المحكمة علماً بانه مجحفاً بحق الشعب الفلسطيني اذ انه لا يعتبر
الأراضي التي احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948 م أراضي فلسطينية وقالت الرئاسة
الفلسطينية إنها "ترحب بقرار محكمة العدل الدولية وتعتبره قرارا تاريخيا
وتطالب بإلزام إسرائيل بتنفيذه"، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء الرسمية
(وفا) وأضافت أنها تعتبر "قرار المحكمة انتصارا للعدالة، إذ أكد القرار أن
الاحتلال الصهيوني غير شرعي" بدورها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن
"الرأي الاستشاري بات الآن حقيقة قانونية لا يمكن دحضها، ويترتب عليه آثار
قانونية" وأضافت الوزارة أن "الحل الوحيد المتوافق مع القانون الدولي هو
أن يقوم الكيان الصهيوني السلطة القائمة بالاحتلال، بإنهاء احتلاله غير القانوني
للأرض الفلسطينية المحتلة من دون قيد أو شرط وفورا" كما قال رياض المالكي
المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني إن محكمة العدل الدولية أكدت حق الفلسطينيين في
التحرر من الاستعمار.
وأضاف المالكي أن على
كل الدول تحمل واجباتها في عدم الاعتراف بالوجود غير الشرعي الصهيوني ومن جهتها،
رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان، بالرأي القانوني الذي أصدرته محكمة
العدل الدولية، وقالت حماس إن "هذا القرار، ومطالبة المحكمة الأمم المتحدة
ومجلس الأمن ببحث تدابير لوضع حد للاحتلال الصهيوني؛ يضع المنظومة الدولية أمام
استحقاق العمل الفوري لإنهاء الاحتلال، وترجمة القرارات المتلاحقة الصادرة عن
المحكمة، إلى خطوات جادة على الأرض" وأضافت أن "حكومة الاحتلال ضربت
بتلك القرارات عرض الحائط، بدعم وتغطية كاملة من الإدارة الأميركية، وها هي
المواقف الصهيونية تتواتر بالهجوم على المحكمة وقرارها اليوم" ودعت الحركة
"المجتمع الدولي إلى التسلّح بهذه القرارات، وتجاوُز الإرادة الأميركية،
والعمل على إلزام الاحتلال الفاشي بتنفيذها والانصياع لها فوراً" .
وفي الجهة المقابلة فقد
شن مسؤولون صهاينة حملة إدانة لقرار المحكمة فقد قال رئيس الوزراء الصهيوني
النتن ياهو إن "الشعب اليهودي لا يمكن اعتباره محتلا لوطنه التاريخي حسب زعمه
"، ردا على قرار من محكمة العدل الدولية قالت فيه إن المستوطنات الصهيونية في
الضفة الغربية المحتلة انتهاك للقانون الدولي وأضاف النتن انه "لن يشوه أي
قرار خاطئ في لاهاي هذه الحقيقة التاريخية، وكذلك ولا يمكن الطعن في مشروعية
المستوطنات الصهيونية في جميع أراضي وطننا"، على حد قوله و من جهته، قال وزير
الأمن القومي إتمار بن غفير في بيان صدر عن مكتبه، إن قرار محكمة العدل الدولية في
لاهاي "يثبت للمرة الألف أن هذه منظمة سياسية ومعادية للسامية بشكل
واضح"، وفق تعبيره وأضاف زاعما "لن نتلقى منهم وعظا أخلاقيا، فقد حان
وقت الحكم والسيادة"، بحسب البيان ذاته اما وزير المالية بتسلئيل
سموتريتش فقال في بيان له : أن الإجابة على قرار لاهاي (في إشارة لمحكمة العدل) هو
"فرض السيادة على الضفة الغربية الان وفي يوليو/تموز الماضي، زعمت الحكومة
الإسرائيلية أن لها "الحق في فرض سيادتها على الضفة الغربية"، قائلة إن
"للشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير على هذه الأراضي .
حتى ان زعيم المعارضة
يائير لبيد، الخصم السياسي للنتن ياهو فقد قال : إن "الرأي الصادر عن المحكمة
الدولية في لاهاي منفصل عن الواقع، وأحادي الجانب، ومشوب بمعاداة السامية وعدم فهم
الواقع على الأرض. إنه لا يخدم إلا الإرهاب الإسلامي والحملة ضد إسرائيل"
وأضاف لبيد أن "هذا القرار يشكل أيضاً فشلاً سياسياً آخر لحكومة مختلة
وظيفياً، وستحشد المعارضة لمنع قبول هذا الرأي من قبل مؤسسات الأمم المتحدة والدول
الأعضاء"
.