الأمن القومي والتحديث الصيني: نحو مستقبل مستقر ومزدهر
وارف قميحة
مع الذكرى السابعة والتسعين لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، يظلّ
الأمن القومي أحد الأسس الرئيسيّة لضمان استمرار نجاح التحديث الصيني. وقد أظهرت
الصين التزاماً قوياً بتحقيق هذا الهدف من خلال مجموعة من الاستراتيجيات والتدابير
الشاملة.
أهمية الأمن القومي في التحديث الصيني
الأمن القومي هو حجر الزاوية لاستقرار البلاد وتقدمها. يشمل هذا
المفهوم جميع جوانب الأمن، بدءاً من الأبعاد العسكرية والأمنية إلى الجوانب
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي ظل التحديث السريع، يصبح من الضروري تنفيذ
مفهوم الأمن القومي بمعناه الشامل لضمان عدم تأثر النمو والتطور بالتهديدات
المحتملة. ويتطلّب ذلك تحسين الأنظمة والآليات لضمان استقرار السياسة الداخلية
وحمايتها من التدخلات الخارجية، مما يسهم في الحفاظ على استقرار البلاد وتماسكها.
تحسين منظومة الأمن القومي
يتعين على الصين إكمال وتطوير منظومة الأمن القومي من خلال تحسين
آلية حوكمة الأمن العام وإصلاح المنظومات المجتمعية. هذا يتضمن تعزيز التنسيق بين
مختلف الأجهزة الأمنية والحكومية وتطوير استراتيجيات شاملة لمواجهة التهديدات
المتزايدة، كما يتطلب تحسين الآليات المتعلقة بالأطراف الأجنبية للتعامل مع
التهديدات العابرة للحدود بفاعلية أكبر، وضمان الاستجابة السريعة والمناسبة لأيّ
تحدّيات قد تطرأ.
تحديث الدفاع الوطني والجيش
تُعَدُّ عملية تحديث الدفاع الوطني والجيش جزءاً أساسياً من التحديث
الصيني. يشمل ذلك الالتزام بالقيادة المطلقة للحزب الشيوعي الصيني للجيش الشعبي،
مما يضمن أن الجيش يعمل في إطار الأهداف الاستراتيجية للدولة ويعزّز من فاعليّته
القتالية.
تتطلّب عملية تحديث الجيش تنفيذ استراتيجية تقوية الجيش من خلال
الإصلاحات العميقة. يتضمن هذا تحسين الأنظمة والآليات المتعلقة بقيادة الجيش
وإدارته، بما في ذلك تطوير منظومة العمليات القتالية المشتركة وتعزيز التكامل بين
القطاعين العسكري والمدني.
يجب أيضاً تعزيز قدرات الجيش على مواجهة التحديات المعاصرة، بما في
ذلك التهديدات الرقمية والهجينة، وتحديث الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية لتواكب
التطورات التكنولوجية. يشمل ذلك استثماراً في البحث والتطوير لابتكار تقنيات جديدة
وتعزيز التدريب والتأهيل العسكري لضمان جاهزية القوات لأي تهديدات محتملة.
إصلاحات عابرة للقطاعات
تعميق الإصلاحات العابرة للقطاعات العسكرية والمدنية هو عنصر حاسم في
تحسين فاعلية الجيش. يتطلّب ذلك إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية لتكون أكثر
انسجاماً مع متطلّبات التحديث والابتكار، وتعزيز التعاون بين القطاعين العسكري
والمدني لتحسين الكفاءة والأداء العام.
تحقيق الأهداف الاستراتيجية
يُعتبر الوصول إلى الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني
بمثابة هدف استراتيجي كبير. لتحقيق ذلك، يتعين على الصين ضمان أن تكون قوى الأمن
الوطني قادرة على تلبية المتطلبات الأمنية والتحديثية في الوقت ذاته. يتضمن ذلك
تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والأمن العالي المستوى، مما يضمن أن تكون
الصين قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية بشكل فعّال.
في الختام، يمثّل عيد ميلاد جيش التحرير الشعبي الصيني مناسبة لتقييم
التقدّم المحرز وتعزيز الالتزام باستراتيجية التحديث الوطني. من خلال تحسين منظومة
الأمن القومي وتحديث الدفاع الوطني، تسعى الصين إلى ضمان استقرارها الداخلي وتعزيز
قدرتها على التصدّي للتحديات العالمية، ممّا يسهم في تحقيق أهدافها التنموية
وتعزيز دورها كلاعب رئيسي على الساحة الدولية ضمن عالم متعدد الأقطاب .
*رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث – كونفوشيوس –
رئيس جمعية طريق الحوار اللبناني #الصيني