الأردن يكسر أجنحة التهريب: إسقاط طائرة مخدرات مسيّرة بتكتيك عسكري صارم
د. بشير الدعجه.
بعد قراءتي وتحليلي
لبيان القوات المسلحة الأردنية حول العملية الأمنية التي شهدتها المنطقة العسكرية
الجنوبية، يمكن القول إن هذه الواقعة تعكس مدى استعداد الأردن وجهوزيته العالية
للتصدي للتحديات الأمنية المعاصرة التي تتخذ أبعادًا أكثر تطورًا وتعقيدًا... إن
إحباط محاولة تهريب المواد المخدرة عبر طائرة مسيّرة يشير بوضوح إلى استراتيجية
أمنية وعسكرية شاملة تتبناها القوات المسلحة، تستهدف ضمان الأمن القومي عبر يقظة
مستمرة وعمليات تنسيق محكمة بين مختلف الأجهزة الأمنية المعنية.
وفي إطار قواعد
الاشتباك التي اعتمدتها القوات الأردنية، أظهرت قوات حرس الحدود مستوىً عاليًا من
المرونة والاحترافية، حيث تابعت الطائرة المسيّرة بدقة وإسقاط حمولتها في
وقت قياسي، مما يسلط الضوء على مدى التقدم التقني الذي تمتلكه هذه القوات في رصد
التهديدات الحديثة... هذا الرد السريع المرن لم يكن ليتحقق لولا التكامل
الاستخباراتي بين القوات المسلحة واجهزتها الأستخبارية والأجهزة الأمنية ممثلة
بدائرة المخابرات العامة وجهاز الأمن العام ، مما يعزز مكانة الأردن كدولة ذات
سيادة تسخر إمكاناتها لمنع أي محاولة لزعزعة استقرار حدودها.
ولعل استخدام طائرة
مسيّرة في عمليات التهريب يسلط الضوء على التهديدات المتزايدة التي تواجهها
المملكة من أساليب نوعية غير تقليدية في التسلل والتهريب، وهو ما يستدعي
الاستمرار في تطوير القدرات الدفاعية والتقنيات المستخدمة لرصد هذه المخاطر قبل
وصولها إلى عمق الأراضي الأردنية... إن هذه الحادثة تكشف عن حربٍ خفيةٍ ضد المجتمع
الأردني، تهدف إلى إدخال سموم تهدد أمنه واستقراره... ولم تغفل القوات المسلحة عن
مسؤوليتها تجاه هذا الخطر الداهم، حيث أظهرت للعالم قدرة الأردن على فرض سيادته
المطلقة، محاربةً كافة أشكال التهريب بصرامة، وبكل ما يتطلبه الأمر من موارد
وإمكانيات.
لا شك أن الأردن يدرك
أن معركة حماية الحدود من تهريب المخدرات لم تعد تقتصر على المراقبة التقليدية أو
التحصينات الميدانية، بل أصبحت تتطلب أنظمة دفاعية متقدمة تشمل أحدث التقنيات في
الرصد والتعقب والتدخل... فطبيعة التحدي تطورت بشكل كبير، ومعها تطورت جاهزية
القوات المسلحة التي أصبحت اليوم تعتمد على استراتيجيات حديثة تتجاوز ما هو مألوف
في التعامل مع التهديدات الحدودية، حيث تتكامل المعلومات الاستخبارية مع قدرات
القوات الميدانية في مناطق المسؤولية.
وعلى صعيد متصل، يشكل
نجاح القوات الأردنية في التعامل مع هذه الطائرة المسيّرة رسالة واضحة لكل من
يحاول العبث بأمن المملكة، مفادها أن الدولة الأردنية على استعداد لمواجهة كل
أشكال التحديات مهما تعقدت أدواتها وتنوعت مصادرها... إن الأردن، قيادةً وشعبًا،
يعزز قدراته الدفاعية والأمنية باستمرار ويستثمر في وحدات متخصصة للتعامل مع
سيناريوهات الطائرات المسيّرة وأي وسائل تهريب مستحدثة... وما هذه العملية إلا
تأكيدٌ آخر على أن الأردن لن يسمح بتجاوز حدوده أو المساس بأمنه القومي، مهما كانت
طبيعة التهديد ومصدره.
إن القوات المسلحة
الأردنية، كما أوضح البيان، عازمة على تسخير جميع إمكانياتها لحماية المملكة
الأردنية الهاشمية، وتؤكد بوضوح أن هذا الالتزام الراسخ يتطلب مضاعفة الجهود في
تدريب الكوادر، وامتلاك الأدوات اللازمة لرصد وتحليل ومواجهة الأخطار
الناشئة...وللحديث بقية.
·
كاتب ومحلل الأمني