اعلام إسرائيلي: تقدّم "الثوار" بسوريّة أنباء مفرحة جدًّا لاسرائيل
لم تنفّك دولة الاحتلال الإسرائيليّ
يومًا عن محاولاتها تفتيت الدولة السوريّة وتحويلها لدولةٍ فاشلةٍ لا تُشكِّل
خطرًا إستراتيجيًا عليها، فصُنّاع القرار في الكيان من المُستوييْن السياسيّ
والعسكريّ، يعملون منذ فترةٍ طويلةٍ على تحقيق حلم "مؤسس” الدولة العبريّة، دافيد
بن غوريون، الذي قال في الماضي إنّ عظمة إسرائيل لا تكمن في قنبلتها النوويّة
وترسانتها العسكريّة، بل عظمة إسرائيل تكمن في القضاء على الجيوش العربيّة في كلٍّ
من مصر والعراق وسوريّة.
وما يجري اليوم في سوريّة من محاولاتٍ
لإسقاط نظام حكم الرئيس د. بشّار الأسد، يتساوق تمامًا مع الإستراتيجيّة
الإسرائيليّة، المدعومة طبعًا من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، لذا لم يكُن
مفاجئًا أنْ يُعبِّر الإعلام العبريّ عن فرحته بتقدّم (الثوار) من حلب باتجاه حماه
دون مقاومةٍ تُذكر من قبل الجيش العربيّ السوريّ، بحسب المصادر الإسرائيليّة
الرفيعة، التي أكّدت اليوم الأحد، بحسب مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)
العبريّة، عاموس هارئيل، أنّ هذا التقدّم هو بمثابة أخبارٍ ممتازةٍ لدولة
الاحتلال، لأنّ هذه التطورّات ستُجبِر إيران على بذل الجهود الجبارّة في الجبهة البعيدة
نسبيًا عنها.
وذكّرت المصادر عينها، بحسب الصحيفة
العبريّة، أنّه في الماضي القريب درست تل أبيب ممارسة الضغوط الكبيرة وغيرُ المُباشرة
على الرئيس الأسد لزعزعة الاتفاقيات بين إيران وسوريّة بعد أنْ تضع الحرب في لبنان
ضدّ حزب الله أوزارها، ولكن الآن، تابعت المصادر، لا حاجة لذلك، إذْ أنّ التعلّق
السوريّ، وتحديدًا الرئيس الأسد، بإيران وروسيا بات أكثر مهمًا له من ذي قبل، على
حدّ تعبير المصادر في تل أبيب.
علاوةً على ما ذُكِر آنفًا، فإنّ رئيس
الوزراء الإسرائيليّ ما زال يضع التهديد النوويّ الإيرانيّ على رأس أجندته، وأجرى
نقاشًا حول تبعات التطورات في سوريّة في المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ
المُصغّر يوم أوّل من أمس الجمعة، ولكن مع ذلك، فإنّ أكثر ما يُثير خشيته
الإستراتيجيّة الرئيسيّة هي إيران وبرنامجها النوويّ.
ووفقًا للمصادر في تل أبيب، فإنّ
التقديرات في دولة الاحتلال تؤكّد أنّ النظام الحاكم في طهران يعيش حالةً من الضغط
الشديد بسبب اقتراب عودة الرئيس الأمريكيّ المُنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت
الأبيض في العشرين من شهر كانون الثاني (يناير) القادم.
وفي هذا السياق رأت المصادر في تل أبيب
أنّ ترامب سيُحاوِل البحث عن طريقٍ للتوصل لاتفاقٍ نوويٍّ جديدٍ مع إيران بهدف لجم
البرنامج النوويّ بالجمهوريّة الإسلاميّة، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصاديّة
المفروضة على طهران منذ سنواتٍ، بيد أنّ المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، وفق
المصادر في تل أبيب، لا تستبعد البتّة أنْ تقوم إيران بتبنّي وجهة نظرٍ معاكسةٍ
تمامًا وتعلن على الملأ أنّها تمكّنت من الحصول على قدرةٍ نوويّةٍ في حال لم يتّم
التوصّل لاتفاقٍ بين الأمريكيين والإيرانيين، على حدّ تعبيرها.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت المصادر
الرفيعة في تل أبيب بأنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يُكثِر في الآونة الأخيرة
من الحديث عن فرصةٍ تاريخيّةٍ لـ "معالجة” البرنامج النوويّ الإيرانيّ، وتحديدًا
بعد "الضربة القاسية” (!) التي وجهتها دولة الاحتلال لإيران في الـ 26 من شهر
تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، وذلك في إشارةٍ واضحةٍ إلى أنّ نتنياهو لم يتنازل
عن حلمه بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ مُشتركةٍ مع واشنطن بهدف تدمير البرنامج النوويّ
الإيرانيّ، ولكن المصادر عينها في تل أبيب استدركت بالقول إنّه يجب الانتظار حتى عودة
ترامب للبيت الأبيض الشهر القادم.
كما وجب التأكيد أنّ الاهتمام العالميّ
والعربيّ والإسلاميّ بالأحداث في سوريّة، يصرف الأنظار عن حرب الإبادة التي تُمعِن
إسرائيل في تطبيقها في قطاع غزّة دون حسيبٍ أوْ رقيبٍ، وحتى وزير الأمن
الإسرائيليّ الأسبق، موشيه يعالون، أكّد مساء أمس السبت في مقابلةٍ إذاعيّةٍ، وعاد
وأكّد اليوم، أنّ إسرائيل ترتكب جرائم تطهيرٍ عرقيٍّ في شمال قطاع غزّة، مُحذّرًا
من تبعات ذلك على كيان الاحتلال.
في الختام، وصفت اللجنة الدوليّة للصليب
الأحمر القتال في مدينة حلب السوريّة بأنّه واحد من أكثر المعارك تدميرًا للمدن في
التاريخ الحديث.
* الناصرة – "رأي اليوم”- من
زهير أندراوس