سيادة القانون وتحسين الخدمات
د. محمد ابو حمور
تعتبر الإجراءات والخطوات
التي يتم اتخاذها لتحسين حياة المواطن من أهم السبل الكفيلة بضمان المشاركة
المجتمعية في عمليات التحديث والتطوير والضمانة لنجاح هذه الجهود عبر التفاعل
والتغذية الراجعة التي تتيح المراجعة والتقييم والتقويم لما يتم إنجازه من أعمال.
مع العلم أن خطة تحديث القطاع
العام تتضمن عدداً من الجوانب المختلفة بما في ذلك تطوير الخدمات، والتطوير
المؤسسي، وتطوير التشريعات، وتتضمن مكونات لتطوير الموارد البشرية، والخدمات
الحكومية، والإجراءات والرقمنة، والهيكل التنظيمي والحوكمة، ورسم السياسة وصنع
القرار، والتشريعات، والثقافة المؤسسية.
ويتوقع من هذه الخطة أن تشكل
أداة لبناء حكومة صغيرة ذات كفاءة عالية وتكلفة معقولة وأن تؤدي دوراً فاعلاً في
النهوض بالاقتصاد ورفع مستوى معيشة المواطنين، الا أن أهم المخرجات التي يؤمل أن
تتحقق خلال المراحل المبكرة تتمثل في تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين ورجال
الاعمال نظراً لانعكاسها المباشر على مختلف الشرائح الاجتماعية.
ومن هنا تتوالى التأكيدات
الرسمية على ضرورة الالتزام بتقديم الخدمات للمواطن والمستثمر بأفضل جودة وأقل
كلفة مع تسهيل وتبسيط الإجراءات وبما يتماشى مع جهود التحديث التي تبذل في هذا
المجال.
ومن الواضح أن ما يبذل لأتمتة
الخدمات واتاحتها بأبسط السبل يساهم في احداث نقلة نوعية تحد من المحسوبيات
وتتجاوز العقبات البيروقراطية خاصة مع الحرص على الأمان والحفاظ على الحقوق
والالتزامات في اطار التشريعات ذات العلاقة، ومن المهم الاستمرار في هذا التوجه
وبما يحقق الأثر المتوخى والمتمثل في تحقيق الرضى وتحسين حياة المواطنين ورفع
تنافسية بيئة الاعمال في الأردن.
وفي إطار الجهود التي تبذل
لتحديث القطاع العام لا بد من الإشارة الى أن سيادة القانون تعتبر بمثابة صمام
أمان يضمن الاستقرار الاجتماعي باعتبار أن المواطنين متساوون أمام القانون ومن
حقهم الحصول على الخدمات العامة في ظل هذه المساواة التي تضمن أيضاً المحاسبة
والمساءلة لمن لا يقوم بالدور المطلوب منه وفق ما هو محدد بالقانون
وهذه السيادة تمثل أداة لضمان
الحصول على الحقوق بعيداً عن المحاباة والواسطة والمحسوبية، الامر الذي يعني أن
الموارد البشرية في القطاع العام سوف تجذب أفضل الخبرات القادرة والراغبة بالحفاظ
على الإنجازات و النهوض بالأداء والسير قدماً في تحسين الخدمات وفق أفضل السبل
والمعايير بما في ذلك مكافحة الفساد وتجاوز العقبات والمصاعب البيروقراطية.
كما أن الالتزام بسيادة
القانون يشكل ركناً أساسياً لتحفيز وتشجيع الاستثمارات التي تؤدي بدورها الى رفع
نسب النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل للمواطنين، فهي ضمانة لاستقرار وتحسين بيئة
الاعمال من خلال حماية حقوق الملكية والحفاظ على المنافسة العادلة والالتزام
بالعقود وتنظيم العلاقات بين أطراف العملية الإنتاجية بشكل واضح وبما يضمن حقوق
الأطراف المختلفة.
كما أن سيادة القانون تعتبر
مقدمة أساسية وشرطاً ضرورياً لتعزيز الحوكمة الرشيدة والشفافية، ولتحقيق هذه
الغاية من المهم أن يتم القيام بالإجراءات المختلفة وفق معايير وضوابط واضحة تسهل
عمليات ترخيص وانشاء الاعمال بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية مع الالتزام
بالتشريعات ذات العلاقة والتي يتم صياغتها بما يساهم في تسهيل الإجراءات وضمان
جودتها وفعاليتها.
الالتزام بتقديم أفضل الخدمات
وفق أحدث المعايير ولمختلف الفئات الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية مهمة قابلة
للإنجاز في حال تم مواصلة العمل لتحديث القطاع العام مع الحرص على سيادة القانون
والمحاسبة والمساءلة وتقييم ما يتم إنجازه مع مواكبة التقدم التكنولوجي المتسارع
ومراعاة أفضل الممارسات العالمية، وهذا الامر سيشكل بدوره احدى الروافع الأساسية
للنهوض بالاقتصاد الأردني وتحسين حياة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم.