فورين أفيرز: حماس تنتصر واستراتيجية إسرائيل فاشلة
نشرت مجلة "فورين أفيرز” الأميركية
مقالا قال إن إسرائيل، وبعد 9 أشهر من حربها الجوية والبرية في غزة، لم تهزم حركة
المقاومة الإسلامية (حماس)، كما أنها ليست على وشك هزيمتها، بل على العكس من ذلك
فقد أصبحت حماس أقوى مما كانت عليه قبل هجوم طوفان الأقصى.
وأوضح المقال الذي كتبه روبرت بيب، وهو
عالم سياسة أميركي يحاضر في شؤون الأمن الوطني والدولي، أن العيب الرئيسي في
إستراتيجية إسرائيل ليس فشل التكتيكات أو فرض قيود سياسية وأخلاقية على القوة
العسكرية، بل هو الفشل الشامل والصارخ في فهم مصادر قوة حماس.
واعتبر أن إسرائيل أخفقت، على نحو يضر
بها كثيرا، في إدراك أن المذبحة والدمار اللذين أطلقتهما في غزة لم يؤديا إلا إلى
زيادة قوة حركة حماس.
وأشار الكاتب إلى أنه ولعدة أشهر، ركزت
الحكومات والمحللون على عدد مقاتلي حماس الذين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي كما
لو كانت هذه الإحصائية أهم مقياس لنجاح الحملة الإسرائيلية ضد الحركة.
وأضاف أن إسرائيل تقول إن 14 ألفا من
بين 30 ألفا إلى 40 ألف مقاتل لحماس قبل الحرب قد قُتلوا، وذكر أن الحركة تقول
إنها خسرت ما بين 6 آلاف إلى 8 آلاف مقاتل فقط، ونقل عن مصادر استخباراتية أميركية
أن العدد الحقيقي لقتلى حماس يبلغ حوالي 10 آلاف.
ومع ذلك، يقول بيب، إن التركيز على هذه
الأرقام يجعل من الصعب تقييم قوة حماس، وأوضح أن الحركة وعلى الرغم من خسائرها، لا
تزال تسيطر على مساحات واسعة من غزة، بما في ذلك المناطق التي يتركز فيها المدنيون
في القطاع الآن، كما تتمتع بدعم هائل من سكان غزة، مما يسمح لمقاتليها بالحصول على
الإمدادات الإنسانية والعودة بسهولة إلى المناطق التي "طهرتها” القوات الإسرائيلية
سابقا.
وأشار إلى أن تقييما إسرائيليا حديثا
أكد أن حماس لديها الآن عدد أكبر من المقاتلين في المناطق الشمالية من غزة، مما هو
في رفح في الجنوب.
ويستمر الكاتب في تقييمه ليقول إن حماس
تشن حاليا حرب عصابات، تتضمن كمائن وقنابل يدوية الصنع (غالبا ما تكون مصنوعة من
ذخائر غير منفجرة أو أسلحة تعود للجيش الإسرائيلي)، وقد تطول هذه الحرب، حتى نهاية
عام 2024 على الأقل.
كما أن حماس، يؤكد بيب، لا يزال
بإمكانها أن تضرب إسرائيل، ولا يزال أكثر من 80% من شبكة الأنفاق تحت الأرض
التابعة لها قابلة للاستخدام للتخطيط وتخزين الأسلحة، وتجنب المراقبة الإسرائيلية،
وللاستيلاء والهجمات. ولا تزال معظم القيادة العليا لحماس في غزة سليمة. وباختصار،
فإن الهجوم الإسرائيلي السريع في الخريف أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة من شأنها
أن تترك لحماس القدرة على مهاجمة المدنيين الإسرائيليين، حتى لو استمر الجيش
الإسرائيلي في حملته في جنوب غزة.
ويوضح عالم السياسة الأميركي أن قوة
حركة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم
على قوة الدول، مثل حجم الاقتصاد، والتطور التكنولوجي للجيوش، ومقدار الدعم
الخارجي الذي تتمتع به، وقوة الأنظمة التعليمية، بل المصدر الأكثر أهمية لتلك
الحركات هو القدرة على التجنيد، وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين
والعناصر الذين ينفذون الحملات القاتلة وعلى استعداد للموت من أجل القضية. وهذه
القدرة على التجنيد متجذرة، في نهاية المطاف، في عامل واحد: حجم وشدة الدعم الذي
تستمده المجموعة من مجتمعها.
وأورد الكاتب العديد من التفاصيل حول
الاستطلاعات والمسوح المهنية التي تؤكد دعم المجتمع الفلسطيني في غزة والضفة
الغربية لحماس وتزايد هذا الدعم بمرور الأيام، واصفا هذا الدعم بأنه مرتفع للغاية.
وقال إن حماس تتمتع حاليا بالتفاف شعبي
كبير حولها، مما يساعد في تفسير عدم قيام سكان غزة بتقديم المزيد من المعلومات
الاستخباراتية للقوات الإسرائيلية حول مكان وجود قادة الحركة والرهائن الإسرائيليين.
ويرى الكاتب أن الدعم للهجمات المسلحة
ضد المدنيين الإسرائيليين ارتفع بشكل خاص بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو
الآن على قدم المساواة مع المستويات العالية باستمرار من الدعم لهذه الهجمات في
غزة، مما يدل على أن حماس حققت مكاسب واسعة النطاق في المجتمع الفلسطيني منذ
السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأشار إلى أن العقوبة الإسرائيلية
الفظيعة لسكان غزة لم يكن لها تأثير رادع كبير بينهم، بل فشلت في الحد من دعمهم
للهجمات المسلحة ضد المدنيين الإسرائيليين ودعمهم لحماس، وفق تعبيره.
وقال بيب إن الوقت قد حان، بعد 9 أشهر
من الحرب الشاقة، للاعتراف بالواقع الصارخ: السبيل العسكري وحده لا يهزم حماس، فهي
أكثر من مجموع العدد الحالي للمقاتلين، كما أنها أيضا أكثر من مجرد فكرة مثيرة
للذكريات. حماس حركة سياسية واجتماعية ليست على وشك الهزيمة، ولن تختفي في أي وقت
قريب، وقضيتها أكثر شعبية، وجاذبيتها أقوى مما كانت عليه قبل السابع من
أكتوبر/تشرين الأول، وسيستمر مقاتلوها في التدفق والمشاركة بالقتال بأعداد أكبر،
وسيزداد تهديدها لإسرائيل، حسب "الجزيرة نت”.