شريط الأخبار
ولي العهد يلتقي وجهاء وممثلين عن محافظة الطفيلة في ضانا عباس زكي: استهداف مخيم عين الحلوة ياتي ضمن حرب الابادة للفلسطينيين محكمة الغرف الاقتصادية تقرر إشهار إعسار شركة مجموعة رم للنقل والاستثمار السياحي العيسوي: حكمة الملك صمام أمان للأردن ومحرّك مسيرة التحديث الشامل السعودية وأمريكا توقّعان اتفاقيتي دفاع استراتيجي وطاقة نووية الجغبير: زيارة الملك للمصانع رسالة دعم قوية للقطاع الصناعي أب مجرم يقتل طفلته ضربا وتعنيفا بالبادية الشمالية اخر فنون النصب: تزوير كتاب للديوان الملكي.. وصلح عشائري لاحتواء القضية الروابدة: حرب الابادة بغزة هي من صنعت النصر.. والمخطط الأميركي هو الهيمنة على مقدرات الدول وحماية إسرائيل ارتفاع عدد شهداء مجزرة عين الحلوة الى 13 عاجل. الاحتلال يرتكب مجزرة بعين الحلوة: 11 شهيدا والمستهدف مركزا لحماس "الوحدة الشعبية": قرار مجلس الامن يفرض وصاية مرفوضة على الشعب الفلسطيني رئيس الوزراء يلتقي المناصير ويستمع لشكواه استقبال حافل بابن سلمان بالبيت الابيض.. والسعودية ترفع استثمارتها لترليون دولار ولي العهد يرعى إطلاق مؤتمر ومعرض التقدم والابتكار والتكنولوجيا بالأمن السيبراني الملك يزور مصانع حلويات حبيبة ومخابز برادايس وأدوية في القسطل وزير الزراعة: سنستورد 10 الاف طن زيت زيتون.. وسعر التنكة 85 دينارا باللغة الانجليزية فقط: نتنياهو يرحب بقرار مجلس الأمن بشأن غزة إرادة ملكية بإعادة تشكيل مجلس أمناء مؤسسة ولي العهد قتل مستوطن وجرح 8 بعملية فدائية جنوب الضفة

"قوننة" اليمين المحافظ

قوننة اليمين المحافظ


 

 

تمارا خزوز


إن «قوننة» التيار اليميني المحافظ، ولا أقصد هنا التيارات الدينية، اي إخضاع هذا التيار لقواعد الاشتباك السياسي المتعارف عليها في الدولة الحديثة، ضروري من إجل إنجاح عملية التحديث السياسي. فهذا التيار يجب أن يستند لمجموعة واضحة ومعلنة من المبادئ والأفكار يترجمها على شكل أجندة سياسية يخاطب فيها قواعده الشعبية، كما اعتاد رموزه، من الحرس القديم خاصة، الخوض في المحظورات بدون مواربة.


وبمنطق التحديث السياسي الحزبي، يحق لليمين المحافظ طرح الأسئلة والتعبير عن المخاوف دون أن تكال له الاتهامات. هذه المخاوف التي عادة ما تدور حول ثلاث قضايا رئيسية؛ الهوية الوطنية والتصدي لفكرة الوطن البديل، وإدارة الدولة والاقتصاد الوطني، والإصلاح السياسي


وجذر هذه المخاوف يتمثل بهاجس اليمين المحافظ ألا يستخدم الأردن كساحة لتصفية حسابات إقليمية أو ميدان للاختراقات، وإن استطاع اليمين تأطير هذه المخاوف من خلال أجندة سياسية متكاملة، لا تحتكم للولاءات التقليدية؛ الجهوية والقبلية والفئوية والعنصرية والإقليمية، فكلنا إذا يمين


«
القوننة» بهذا الشكل تحمي الدولة، فلا يحدث خلط بين التيار وبين الدولة ككيان مؤسسي، وتُحسم كذلك إشكالية «من يتحدث باسم الدولة ومن يتبرع بالحديث باسمها» ويسد الطريق أمام البلطجة الاجتماعية التي تمارس بغطاء سياسي وبإيحاء الاستقواء بالسلطة.


و"القوننة» في هذا السياق ليست مجرد أداة لتنظيم العمل السياسي للتيار المحافظ، بل هي وسيلة أيضاً لحماية التيار نفسه، فهي تفسر التحولات للأفراد من منطلق حزبي، على أساس أن التغيير بالمواقف والأولويات يخضع للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهي في هذه الحالة قضية أفكار وليس ولاء وهو قناعة واقتناع وليس تنصلاً وخيانة.


في مداخلة قديمة قدّمها في مؤتمر «المسار الديمقراطي الأردني... الواقع والآفاق» الذي عقد في عام 1994، يقول دولة رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة: «بعد انقطاع الحزبية ما يقارب الأربعين عاماً، نلاحظ عدم تجذر الأحزاب الوسطية التي ما تزال تتميز بالشخصانية والاستقواء بالسلطة، إذا ما اقترنت بالقدرة المالية التي تقف خلفها". وبعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود على الحديث ما نزال نرى نفس الظاهرة تتكرر اليوم، معنى ذلك أن التحديث السياسي لم يعالج المسائل العالقة بطريقة جراحية.


استمرار هذا الواقع سينسحب على تجربة التحديث السياسي قبل أن تبدأ، ويضعف من موقف الأحزاب وقوة خطابها قبل بدء العملية الانتخابية، فإذا كانت الغاية من التحديث السياسي، تمكين النخب السياسية والثقافية والجمهور بعامة من المشاركة الحاسمة في القرار الوطني، فإن التحديث السياسي ما يزال بعيدا كل البعد عن تحقيقها، في ظل تفاقم ظاهرة العزوف السياسي وتخلي المثقفين والنخب عن الحديث في الشأن العام بوصفه من المحرمات، بسبب ما وصفته سابقا الانفلات الحاصل في الحديث بالشأن العام والإقصاء الذي يمارسه البعض باسم الدولة والمجتمع.


هذا العزوف عن المشاركة هو شكل من أشكال انسحاب المواطن من المسؤولية الاجتماعية والوطنية، وهو أخطر حالات الاستسلام والقبول بالتهميش، والبحث عن الملاذ الشخصي بسبب الخروج من «اللعبة السياسية» باعتباره فاقد الأمل في قدرته على التأثير على القرار السياسي.


لنتفق جميعاً، أنه لم نعد نحتمل كلفة استغلال اسم الدولة في مواجهة المجتمع، وأن التحديث السياسي هو مسعى جماعي يتجاوز الفردانية والبحث عن المكاسب الشخصية، وأن الدعوة للقوننة هي مبادرة للتجانس الوطني وليس الإقصاء، وهي أيضاً شكل من أشكال الانتقال لمستوى آخر من السياسة، يُكسر فيه الصمت للخوض في المسكوت عنه بدلا من تنامي الاحتقان ومغادرة النخب للشأن العام بسبب تطويل قامات على حساب الوطن.

الغد