المضامين الاقتصادية لحملات الأحزاب الانتخابية
من المعروف أن الانتخابات النيابية في الأردن ستجري في العاشر
من شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، وهي تجري وفقا لتغيرات جوهرية في العملية
الانتخابية، إذ لأول مرة، ستجري الانتخابات على أسس حزبية واضحة ومباشرة، حيث خصص
قانون الانتخاب الجديد 41 مقعدا للأحزاب السياسية، بالإضافة إلى 97 مقعدا للقوائم
المحلية التي تشمل بالضرورة ممثلين لأحزاب سياسية. وتشير بيانات الهيئة المستقلة
للانتخاب وتقارير الرصد إلى أن أكثر من ثلثي المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة
هم أعضاء في أحزاب سياسية، وقدم 36 حزبا سياسيا من أصل 38 حزبا مرشحين لخوض
الانتخابات.
نتوقع كأردنيين من جميع الأحزاب السياسية التي قررت خوض
الانتخابات أن تقدم تصوراتها لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي
تواجهنا. ويتوجب عليها تقديم مقترحات لسياسات محددة لمواجهة هذه المعضلات.
فالاقتصاد الأردني يعاني من تباطؤ مستمر منذ ما يقارب 15 عاما، وارتفاع في الدين
العام، وارتفاعات كبيرة في مستويات الفقر والبطالة، إذ تؤكد التقارير الوطنية
والدولية أن معدلات الفقر تتراوح بين 24 و35 بالمائة، فيما بقيت معدلات البطالة
فوق 20 بالمائة. لذا، ينتظر من الأحزاب السياسية تقديم مقترحات دقيقة لتحفيز نمو
الاقتصاد الوطني ومواجهة هذه التحديات.
كذلك، نتوقع أن تشمل حملات الأحزاب السياسية
الانتخابية مقترحات وسياسات محددة لتحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية، وحل
مشكلة ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور، والسياسات الضريبية، وتوسيع مظلة المشمولين
في مؤسسة الضمان الاجتماعي، وغيرها من القضايا المهمة.
تشكل الانتخابات النيابية فرصة لتحويل الأردن الى
ساحة للنقاش العميق حول كيفية مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
التي تواجهها البلاد.
الاكتفاء بالشعارات من دون تقديم مقترحات مقنعة
وقابلة للتطبيق لمواجهة هذه التحديات سيبقي الأردن في الدائرة ذاتها التي يعاني
منها منذ عقود، وسيضعف من عمليات الإصلاح التي يتم العمل عليها. إن عدم تقديم
الأحزاب مقترحات عملية لمواجهة التحديات من خلال سياسات محددة سيبقي ظاهرة الأحزاب
السياسية باعتبارها نوادي تجمع الطامحين السياسيين، ولن يغير من واقعنا شيئا.
نحن متفائلون بأن العديد من الأحزاب السياسية
الأردنية قد حضرت نفسها لتقديم تصوراتها لمواجهة مجمل التحديات التي يعاني منها
الأردن، وبانتظار بدء عملية الدعاية الانتخابية لمتابعة ذلك.
من أجل تحقيق ذلك، نتوقع أن نتابع خلال الأسابيع
المقبلة كيف تنظر الأحزاب السياسية اليسارية واليمينية المحافظة، وأحزاب الوسط
ويسار الوسيط ويمين الوسط لواقعنا ومشكلاتنا، وما هي وصفتها السياساتية لمواجهة
مختلف التحديات التي نواجهها، وكيف تريد أن ترسم مستقبلنا.
وبعيدا عن التصنيف الذي تضع الأحزاب السياسية
الأردنية ذاتها في إطاره، فإن أطروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تمكن المراقبين
والمتابعين والمجتمع ككل من تصنيف هذه الأحزاب السياسية، وفي أي الدوائر تتموضع.
في النهاية، الانتخابات النيابية المقبلة تمثل
فرصة للأحزاب السياسية لتثبت جدارتها وقدرتها على قيادة التغيير في الأردن، من
خلال تقديم تصورات ومقترحات عملية ومبنية على تجارب ناجحة.
جريدة الغد