ترامب يعلن: سنرفع العقوبات عن سوريا «لمنحها فرصة للتألق»… ودمشق ترحّب


أعلن الرئيس الأمريكي،
دونالد ترامب، الثلاثاء، أنه سيرفع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة أكدت
دمشق أنها تنظر إليها بـ«إيجابية كبيرة».
وقال ترامب، خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض «سآمر برفع العقوبات
عن سوريا لمنحها فرصة للتألق».
وأضاف «حان وقت تألقها. سنوقف جميع (العقوبات). حظا سعيدا يا سوريا، أظهري لنا
شيئا مميزا للغاية».
وزاد العقوبات «أدت دورا مهما لكن حان الوقت الآن لها للمضي قدما»، حسب قوله.
وأوضح أن القرار جاء بعد مناقشة الأمر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأضاف أن إدارته بدأت أولى خطوات تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، لافتاً
إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، سيلتقي نظيره السوري، أسعد الشيباني،
في تركيا خلال وقت لاحق.
وسارع الشيباني للتأكيد لـ«رويترز» على أن بلاده ترحب بتصريحات ترامب حول رفع
العقوبات، وتنظر لها بإيجابية كبيرة.
وبين أن سوريا مستعدة لتعزيز العلاقات مع أمريكا على أساس الاحترام والثقة
المتبادلة والمصالح المشتركة.
وأشار إلى أن ترامب قادر على تحقيق اتفاق سلام تاريخي وتحقيق انتصار للمصالح
الأمريكية في سوريا. وكان ترامب قد صرح أول أمس أنه قد ترفع العقوبات عن سوريا،
وهو ما اعتبرته دمشق خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري.
وبينت الخارجية السورية أن رفع العقوبات بشكل كامل يعتبر جزءا من خطوات دعم السلام
والازدهار في سوريا والمنطقة.
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد عملتا على تخفيف بعض هذه العقوبات عن
سوريا، لكنهما رهنتا التقدم في هذا الملف بأداء السلطات السورية في مجالات عدة،
على رأسها التعامل مع السلاح الكيميائي في سوريا، وحماية حقوق الإنسان والأقليات،
ومكافحة الإرهاب.
كذلك أكد ترامب أنه سيلتقي مع الرئيس السوري، أحمد الشرع، اليوم الأربعاء، خلال
زيارته إلى المملكة العربية السعودية.
وخلال رده على سؤال من أحد الصحافيين، بشأن إمكانية اللقاء، قال الرئيس الأمريكي
«أجل، أعتقد ذلك».
وكانت أربعة مصادر قد قالت لـ«رويترز» إن هناك مساعي حثيثة من أجل عقد لقاء بين
الشرع وترامب من جانب السعودية.
ولفهم الآليات الأمريكية لرفع العقوبات، قال مستشار وزير الاقتصاد السوري مناف
قومان في تصريح خاص لـ «القدس العربي» إن إحدى الآليات التي يمكن أن يتبعها الرئيس
الأمريكي عند تخفيف القيود على سوريا، هي رفع العقوبات الصادرة عن أوامر تنفيذية
من قبل الرؤساء الأمريكيين خلال العقود الماضية، كما يمكن للرئيس ترامب أن يصدر
تجميداً للعقوبات أو إزالتها دون الحاجة للرجوع للكونغرس، كما هو الحال بقانون
قيصر الذي يعد عقوبات تشريعية ويحتاج رفعه موافقة الكونغرس.
كما يمكن أيضاً للرئيس الأمريكي وفق المستشار الاقتصادي «أن يصدر ترخيصا عاما «جي
أل» حيال مجموعة من القوانين أو حتى خاصاً متعلقا بتخفيف قيود عن موضوع محدد مثل
المصارف والمصرف المركزي والطاقة والتكنولوجيا.
الشيباني: ننظر بإيجابية كبيرة للخطوة ومستعدون
لتعزيز العلاقات مع أمريكا
ورجح المسؤول السوري أن
تتصل تلك الخطوات بتفاصيل ومواعيد مرتبطة بالتمديد ومراجعات دورية. وأضاف: كل ذلك
سوف يتزامن في الوقت بهنفسه مع السماح للدول العربية وتركيا بدعم سوريا وإعادة
الإعمار.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت، مطلع العام الجاري، ترخيصا عاما جديدا،
يحمل اسم « 24 جي أل»، يهدف إلى السماح بمعاملات محددة مع المؤسسات الحاكمة في
سوريا بعد 8 من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وحسب مصادر مطلعة، فإن الخطوة تهدف إلى ضمان توفير الخدمات الأساسية ودعم التحولات
السياسية والاقتصادية في البلاد، حيث يأتي الترخيص في ظل العقوبات الأمريكية
المفروضة، مع التركيز على تسهيل المساعدات الإنسانية وتخفيف القيود على قطاعات
حيوية مثل الطاقة والتحويلات الشخصية، مع استمرار الالتزام بالقيود المفروضة على
الكيانات العسكرية والاستخبارية السورية.
ثلاث حزم من العقوبات
وجعلت العقوبات سوريا
معزولة عن النظام المالي العالمي وزادت من صعوبة التعافي الاقتصادي بعد 14 عاما من
الحرب الطاحنة، سيما مع وجود عقوبات قديمة تعود الى سبعينيات القرن الماضي،
وتجددها وتعددها بعد اندلاع الثورة السورية، حيث ساهم ذلك في إعاقة القطاعات
الاقتصادية.
وفي هذا الإطار قال الباحث في الشؤون السياسية الدكتور نوار نجمة لـ «القدس
العربي»: إن سوريا تواجه ثلاث حزم من العقوبات المفروضة عليها، حيث توجد هناك
عقوبات فرضت على سوريا منذ السبعينيات والثمانينيات، وأخرى فرضت على سوريا بناء
على قانون محاسبة سوريا بعد اغتيال رفيق الحريري، وأيضا عقوبات تم فرضها على سوريا
بشكل تدريجي منذ بداية الثورة السورية، وعلى رأسها قانون قيصر. وتابع: أن رفع هذه العقوبات
بشكل قانوني ونظامي، مسألة قانونية وحقوقية تحتاج إلى الكثير من الوقت.
وزاد: نحن أمام رئيس للولايات المتحدة الأمريكية المعروف بأنه رجل المفاجآت ورجل
القرارات الحاسمة، الآن يستطيع الرئيس ترامب بصلاحياته بأن يقوم بتعليق هذه
العقوبات ومن ثم يمكن أن يعلقها لستة أشهر وربما قابلة للتمديد، بعد ذلك تدخل هذه
الأمور في عملية قانونية من خلال الكونغرس أو الجهات القانونية في واشنطن ليتم
بالتدريج رفع هذه العقوبات في حال استمررنا في هذا الجو المتفائل والعلاقات الجيدة
مع واشنطن.
مفاوضات اقتصادية وسياسية
بالنسبة للخطوات العملية
وآلية رفع العقوبات الأمريكية، أفاد المتحدث: منذ 8 ديسمبر، كانت هناك عدة خطوات
سلكتها الحكومة السورية لإزالة العقوبات، ولا شك أن للجالية والنشطاء السوريين في
أمريكا دور في تحريك الرأي العام الأمريكي في هذه المسألة، معتبرا أن «القوة
الدبلوماسية السورية المستمرة، سواء الزيارات المستمرة واللقاءات للرئيس الشرع
ووزير الخارجية أسعد الشيباني وجولاته الأوروبية، وزيارته للولايات المتحدة
الأمريكية قد لعبت دورا في تسويق هذه الفكرة لدى الغرب والولايات المتحدة
الأمريكية، وقد نجحت هذه الجهود الدبلوماسية على مستوى الاتحاد الأوروبي».
النقطة الأكثر أهمية وفق رأيه، هي قدرة الدبلوماسية السورية على إقناع دول إقليمية
كبيرة مثل السعودية وقطر وتركيا في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية ووضع
قضية العقوبات الأمريكية على الطاولة في مقابل جملة من المفاوضات الاقتصادية والسياسية
التي تخوضها هذه الدول مع الولايات المتحدة الأمريكية. وعبّر المتحدث عن اعتقاده
بأن هذه المسألة الأخيرة هي الأهم في ملف رفع العقوبات على سوريا، وأضاف: نحن نسير
في خطى ثابتة في اتجاه رفع العقوبات الأمريكية، ولا توجد سوى الجهود الدبلوماسية
الحثيثة، بالإضافة إلى كل ما تقوم بعد الإدارة السورية الجديدة، على مستوى
الإصلاحات الداخلية، لأن الكثير من المطالب يتعلق بالإصلاحات الداخلية، ومكافحة
الإرهاب ومكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية وتشكيل الحكومة الوطنية ومجلس الشعب
الوطنيين، وكل هذه الإجراءات وغيرها من الإصلاح الاقتصادي والسياسي الداخلي، سوف
تساعد في القبول الغربي لمسألة رفع العقوبات.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على سوريا لأول مرة عام 1979، بسبب
احتلالها للبنان ودعمها لحزب الله، وأضاف الرئيس جورج بوش الابن مزيدا من
العقوبات، معلنا أن سوريا جزء من «محور الشر» لامتلاكها أسلحة كيميائية محظورة،
وتم تشديد العقوبات بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، كما تم عام 2019 إقرار
قانون قيصر الذي وسّع نطاق «العقوبات الثانوية» لتشمل الكيانات غير الأمريكية.
وتعد العقوبات المدعومة من بريطانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، من بين أشد
العقوبات صرامة في العالم، حيث شلّت الاقتصاد السوري.
وبعد 8 ديسمبر، علّق الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على قطاعات الطاقة
والمصارف والنقل، كما رفعت بريطانيا العقوبات عن 24 كيانا سوريا، وألغت تجميد أصول
البنك المركزي السوري، وسمحت كندا بوصول الأموال إلى البنوك السورية.
القدس العربي