سينما "شومان" تعرض الفيلم التركي "حلم الفراشة" غدا
تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء، الفيلم
التركي " حلم الفراشة" للمخرج يلمظ أردوغان، وذلك في تمام الساعة
السادسة والنصف مساء في مقر المؤسسة بجبل عمان.
وقال
عضو لجنة السينما في "شومان"، نور الدين زهير، إن فيلم "حلم
الفراشة"، يعد من أهمّ الأفلام التركيّة في العقد الأخير. هذا الفيلم الّذي
أطلق عام 2013 يأخذنا في رحلة تاريخيّة إلى تركيّا في فترة الأربعينات خلال الحرب
العالميّة الثانية، مستعرضًا قصّة شاعرين يكافحان المرض والفقر وتعقيدات الفروق
الطبقيّة من أجل البقاء وتحقيق سعادتهما البسيطة وسط ظروف قاسية، مع نظرة في
علاقتهما العميقة بمعلّمهما.
مظفّر
وروشتو شاعران عشرينيّان يتتلمذان على يد من سيكون من أهمّ شعراء تركيّا مستقبلًا،
يدخلان في مغامرة حبّ، تبدأ مع فتاة هي مصدر إلهام مشترك للقصائد في مثلّث يختلط
فيه الحبّ بالصداقة، ويصنعان مسرحيّة لا غاية لها سوى تطوير علاقتهما بالفتاة،
لكنّ اشتداد مرض السلّ الذي يصيب كليهما، يضطر روشتو إلى الرحيل إلى مركز علاجيّ،
حيث يقابل فتاة أخرى تكون مصدر إلهامه، ثمّ نتيجة مغامرة غير محسوبة بين مظفّر
والفتاة التي تنتمي لطبقة عليا في المجتمع تسوء حالته الصحّيّة ويلحق
بروشتو.
وأشار
نور الدين إلى أن يلمظ أردوغان من أبرز المخرجين وكتّاب السيناريو في تركيّا
الحديثة، ويأتي "حلم الفراشة" تتويجًا لمسيرته الفنّيّة. لقد جمع الفيلم
بين الخبرة العميقة في السرد السينمائيّ والرؤية الفنّيّة المتقدّمة والعاطفة
الشخصيّة تجاه الشعر، ممّا يجعله واحدًا من أفضل أعماله، منوها إلى أن النقّاد
ينظرون إلى الفيلم بوصفه نقلة نوعيّة في مسيرة أردوغان، إذ إنّه يجمع بين البراعة
الشعريّة والتقنيّة السينمائيّة العالية، ممّا أكسبه مكانة مميّزة بين أفلامه
السابقة. الفيلم يقف في منطقة وسيطة بين الإنتاج التجاريّ الضخم والفيلم
الفنّيّ.
وقال
إن الأداء التمثيليّ في الفيلم، يستحقّ الإشادة الكبيرة، حيث قدّم كيفانش تاتليتوغ
وميرت فرات أداء مذهلًا في دوريّ الشاعرين. تاتليتوغ المعروف بوسامته وأدواره
الرومانسيّة، استطاع تجسيد شخصيّة الشاعر المرهف بمهارة، بينما قدّم فرات عمقًا
عاطفيًّا كبيرًا لشخصيّته، ممّا أضفى على الفيلم ثقلًا دراميًّا كبيرًا.
وأضاف
أن كتابة السيناريو كانت إحدى نقاط القوّة الرئيسة في الفيلم. أردوغان، الّذي كتب
السيناريو بنفسه، نجح في نقل مشاعر وأفكار الشاعرين بطريقة شعريّة وفلسفيّة، فهو
أيضًا يكتب الشعر، ويبدو أنّ هذا من أسباب اكتساب القصّة الحقيقية أهمّيّة كبيرة
عنده، وقدرته على تجاوز صعوبات سردها، مشيرا إلى أن الحوار كان ذكيًّا وعميقًا،
حيث دمج بين الشعر والنثر بسلاسة، ممّا جعل الفيلم يشبه القصيدة البصريّة.
وبين
نور الدين أن التصوير السينمائيّ الّذي أشرف عليه جوكهان تيريياكي كان من أبرز ما يميّز
الفيلم، إذ أن تيريياكي استطاع أن يوجد لوحات فنّيّة بصريّة من خلال زوايا التصوير
والإضاءة، ممّا أضفى على الفيلم جماليّة خاصّة، كما أن المناظر الطبيعيّة
والتفاصيل التاريخيّة كانت دقيقة للغاية، ممّا ساعد في نقل الجمهور إلى تركيّا في
فترة الأربعينات بواقعيّة تامّة.
ونوه
إلى الإنتاج الضخم للفيلم كان علامة فارقة في السينما التركيّة، موضحا أن الفيلم،
الّذي يعدّ أغلى إنتاج في تاريخ تركيّا حتّى الآن، واجه العديد من التحدّيات، خاصة
في إعادة بناء البيئة التاريخيّة واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الشاشة الخضراء،
مبينا أن هذه الجهود أثمرت عن إنتاج فيلم ذو جودة عالية ينافس الأفلام العالميّة.
وأكد
نور الدين أن "حلم الفراشة" هو أكثر من مجرّد فيلم؛ إنّه قصيدة
سينمائيّة، على كآبتها الشديدة، تعكس جمال الأدب والشعر التركيّ في فترة تاريخيّة
مضطربة. أداء الممثّلين المتميّز، والسيناريو الذكيّ، والتصوير السينمائيّ الرائع،
والموسيقا المعبّرة، كلّ هذه العناصر اجتمعت لتنتج تجربة سينمائيّة فريدة من
نوعها، وقد استطاع يلمظ أردوغان من خلال هذا الفيلم، أن يثبت مجدّدًا أنّه من أبرز
المخرجين في تركيّا، بل وقد يكون شاعرًا مهمًّا أيضًا، مقدّمًا للجمهور عملًا
فنّيًّا يستحقّ المشاهدة والتقدير.