المعارضة المسلحة تُسيطر على “القنيطرة” بعد درعا والجيش السوري يواصل الانسحاب
في تطور ميداني مفاجئ، أعلنت مصادر في المعارضة السورية أن الفصائل
المسلحة قد تمكنت من السيطرة الكاملة على مدينة القنيطرة ومحيطها قرب الحدود
الإسرائيلية، في وقت حساس يشهد تصعيدًا عسكريًا على عدة جبهات في جنوب سوريا.
وكانت ايضا سيطرت المعارضة علىدرعا في الجنوب.
وقالت مصادر في المعارضة لـ”رويترز” اليوم السبت إن القوات التابعة
للجيش السوري انسحبت بشكل مفاجئ من المدينة، التي كانت تمثل إحدى أبرز معاقل الجيش
السوري في المنطقة الجنوبية. وقد تزامن ذلك مع انسحاب آخر من جبل الشيخ القريب،
الذي يعد من المواقع الاستراتيجية الهامة في المرتفعات الجولانية السورية.
وأخلت القوات الحكومية السورية السبت مواقعها في محافظة القنيطرة عند
الحدود مع إسرائيل، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، لتنضم الى مناطق أمست خارج
سيطرة السلطات في غضون أيام إثر هجوم غير مسبوق للفصائل المعارضة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "قوات النظام
أخلت مواقع ونقاطا عسكرية وأمنية، بينما غادر العاملون في المؤسسات الحكومية،
لتصبح المحافظة الواقعة عند الحدود مع إسرائيل خالية لأول مرة من الجيش السوري”.
هذه التطورات تأتي في وقت يشهد فيه الجنوب السوري تصعيدًا عسكريًا
بين الجيش السوري والفصائل المسلحة المدعومة من قوى إقليمية مختلفة، حيث تجددت
الاشتباكات في عدة مناطق، خاصة في درعا والسويداء، في ظل محاولة الفصائل المسلحة
تحقيق مزيد من التقدم في مناطق جديدة.
فيما يتعلق بالوضع الميداني في القنيطرة، أكدت مصادر محلية أن
الفصائل المسلحة قد تمكنت من دخول المدينة بعد معارك عنيفة مع الجيش السوري، الذي
انسحب تدريجيًا من المواقع العسكرية التي كان يتمركز فيها. وقد ترافق ذلك مع حالة
من الفوضى والفرار الجماعي للعناصر العسكرية الحكومية.
مدينة القنيطرة، التي تقع في منطقة الجولان قرب الحدود مع إسرائيل،
تعتبر من المواقع الحساسة عسكريًا، حيث كانت تحت سيطرة الجيش السوري حتى الأيام
الماضية. ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من التحركات العسكرية التي شهدها الجنوب
السوري في الأسابيع الأخيرة، حيث حاولت الفصائل المسلحة، ولا سيما "جيش تحرير
الشام” وفصائل أخرى، تعزيز سيطرتها على المناطق المجاورة للحدود، في خطوة تهدف إلى
تضييق الخناق على القوات الحكومية.
ورغم محاولات الجيش السوري لتعزيز دفاعاته في جنوب البلاد، بما في
ذلك تعزيز انتشار قواته في درعا والسويداء، إلا أن هذه التحركات الميدانية للفصائل
المسلحة تشير إلى تحول في مجريات الصراع في تلك المنطقة.
وسبق أن أفادت مصادر في المعارضة
بتوسيع نطاق العمليات العسكرية في العديد من المناطق الاستراتيجية داخل محافظتي
درعا والسويداء، ما يهدد بتفاقم الوضع الأمني في عموم الجنوب السوري.
على صعيد متصل، ذكر مراسلون ميدانيون أن الجيش السوري يواجه تحديات
متزايدة في مواجهة الفصائل المسلحة في مناطق ريف درعا والسويداء، حيث تسعى هذه
الفصائل للتمدد نحو العاصمة دمشق. ووفقًا للمصادر العسكرية السورية، فإن عمليات
إعادة الانتشار في هذه المناطق تهدف إلى تعزيز الوضع الدفاعي في الجنوب، في محاولة
للحد من تأثير الهجمات التي تنفذها الفصائل المسلحة.
وتستمر الاشتباكات العنيفة في الريف الجنوبي بين الطرفين، وسط
محاولات فاشلة من الجيش السوري لاستعادة زمام الأمور في مدن مثل نوى وإنخل، حيث
تمكنت الفصائل المسلحة من الاستيلاء على مواقع عسكرية مهمة.
تعد هذه التطورات العسكرية في القنيطرة والسويداء مؤشراً آخر على
اتساع نطاق القتال في جنوب سوريا، في وقت يزداد فيه الضغط العسكري على دمشق. سيطرة
الفصائل المسلحة على هذه المناطق قد تكون خطوة مهمة نحو تهديد العاصمة، وهو ما يضع
مزيدًا من الضغوط على النظام السوري الذي يواجه صعوبة في استعادة السيطرة على
المناطق التي فقدها.
وقد أكد محللون أن استهداف العاصمة دمشق من قبل الفصائل قد يعكس
تحولًا في مجريات الحرب السورية التي دخلت مرحلة أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل الدعم
الإقليمي والدولي الذي تحظى به الفصائل المسلحة.
من ناحية أخرى، تسلط هذه التطورات الضوء على أهمية الجنوب السوري،
لاسيما في ظل القرب الجغرافي من الحدود مع إسرائيل. ويُعتقد أن الفصائل المسلحة
التي سيطرت على القنيطرة قد تسعى إلى تفعيل عمليات هجومية في مناطق أخرى قريبة من
الحدود، ما يثير قلقًا دوليًا بشأن الاستقرار في هذه المنطقة، خاصة في ظل العلاقات
المتوترة بين سوريا وإسرائيل.
إن تزايد حدة التصعيد في الجنوب السوري، وتحديدًا في مناطق القنيطرة
وجبل الشيخ، يشير إلى مرحلة جديدة في النزاع السوري. وتستمر الفصائل المسلحة في
تعزيز قوتها على حساب الجيش السوري، ما يجعل المستقبل العسكري في هذه المنطقة غير
واضح، في وقت تتزايد فيه التهديدات الأمنية على المستوى الإقليمي.