من حضن وظلم باد، الى حضن وظلم جديد !!! إضاءة على المشاهد السورية


الدكتور
سمير محمد ايوب
تفاديا
لكل جدل مناكف على غرار ماعز حتى لو طار، يبرع فيه المسحجون الجدد، او الانكشاريون
الواهمون، او البعض ممن نحب ونحترم من المخلصين المراهنين على طبخة الحصى الجديدة
في دمشق، أكرر علنا وبضوح، بأني أشارك اهلنا في سوريانا، فرحتهم بسقوط طاغية
قاتل ونظام مجرم فاسد، متمنيا في الوقت نفسه، لكل امثال بشار ونظامه نفس المصير,
فما أكثر الذين عندهم سجون تحت الارض وفوق الارض ووراء الشمس وفوق القمر وقيعان
البحار وعلى راسهم الولايات المتحدة وتركيا والتلموديين في فلسطيننا المحتلة. من
الماء العربي الى الماء العربي، وطن مفكك، يعيش شتى انواع الاحتلالات، مثقل بزلازل
فتن، ومبتلى بفقدان الارادة والبوصلة.
أتابع
عن كثب التداعيات والارتدادات الجيوسياسية المترتبة على زلزال سوريانا،
وسحبها بقوة تنظيمات الارهاب والتطرف الديني، من الحضن الايراني – الروسي الى
هيمنة الحضن التركي - الاسراميكي. واتابع هذا الكم الهائل من الغموض الذي يحيط
تفاصيل ما يتسارع من وقائع هناك. ولا أكتم دهشتي من التناقض والتنافر والارتطام
والصراع بين المصالح والاجندات المعلنة وتلك الكامنة تحت الطاولات او متخفية وراء
الابواب او في جراب الحواة. ففي قيعان المعلن وعلى حوافه، اشتباكات ومزايدات تتلطى
بغمز ولمز وتأتآت قراء ودع سياسي وفناجين قهوة، تأتآت توقع توجسا وقلقا في كل من
يرى ان الاهم في تفاصيل ما يعلن، مما يخطط لما تبقى من سوريانا.
كي لا تطول هذه المقاربة، أنتقي مما في جعب
الحواة الجالسين والمُجْلَسين الان، على كراسي القوة في دمشق، قضية
الحياة الافضل المشبعة بالحرية والديمقراطية في سوريانا لإقاربها في هذه المقالة:
بعيدا عن انفلات الغرائز الانتقامية، التي تمارس
اعدامات همجية في بعض سوريا، هناك من يقول من اصحاب اللحى في دمشق، ممن لا يتقنون
أيا من فنون الحكم، ان من اسقط النظام البائد، هو فقط صاحب الحق في ان يقرر للبلاد
وللعباد، وهذا لا يبشر بخير ابدا، لانهم يتناسون بتعمد أهبل، ان النظام السابق قد
سقط بتضحيات كل السوريين، وتوافقات دولية واقليمية متآمرة.
عند
محاصصة المناصب وكوتات المكاسب، ستدخل سوريانا في فوضى طائفية ومذهبية واثنية
كبيرة جدا، والضباع الاقليمة المحيطة ستنهش المتبقي. فالذين دخلوا دمشق عنوة، اكثر
من ثلاثين مجموعة إرهابية لكل منها مرجعياتها ومصالحها ، ولا تملك مشروعا سياسيا
اقتصاديا اجتماعيا معاصرا موحدا. سيتقاتلون ويصفوا بعضهم بعضا، الى ان تخلص القوة
الاساس الى واحدة منها، او يستنبت، صنم جديد، معد سلفا لاستلام بقايا سوريا، وقد
يكون هذا الصنم، ضابطا سابقا لعب مع بشار دور بروتس مع قيصر روما او حصان طرواده،
او كرزاي مثيل لما في رام الله او ابشع.
هذا
من جهة، ومن جهة اخرى، صرح قبل ايام ابو محمد الجولاني، الطامح بوراثة عرش وقصر
وهيلمانات بشار، بعد ان عفت عنه امريكا وأراحته من سيف العشرة ملايين دولار،
ان حكم الرجل الواحد في سوريا، سيمتد لاربع سنوات قد تتجدد، ان لم تكفيه
لتثبيت نفسه. وقد لا تتم المصادقة على دستور جديد قبل ثلاث سنوات ، واجراء
انتخابات نيابية ورئاسية جديدة. وهنا لا بد من سؤال هذا الجولاني عن سر الاربع
سنوات لتحضير دستور واجراء انتخابات.
المطروح
من مبررات هي للتمويه والتتويه والتضبيب، لا تخفى اغراضها حتى على جاهل في مثل هذه
الامور. تبريرات مقصوده وكأن سوريا غابة في مجاهل الامازون او فس مجاهل افريقيا إن
ظل هناك مجاهل حتى الان. سوريانا ايها المسحجون مهد اصيل من مهاد الحضارة، وبلد
حديث معاصر، وليس مارقا ولا عابر سبيل أو خداج.
لأننا
سنؤجل مناقشة موقف اسياد سوريا الجديدة، من محتليها القدامى والجدد للمقال القادم،
سنختم هذه المقاربة المخصصة فقط لمحور الحرية والديمقراطية، بسؤال هذا الجولاني
الذي ما اسقط النظام السابق بثورة شعبية، بل بتفاهمات دولية واقليمية وبمعاونات
مجاميع من مقاتلين اوزباكستان وتركستان وطاجكستان وقوقاز وكثيرون غيرهم، ما سر
إبقاء اولئك المقاتلين في سوريا بعد تحريرها من الطاغية؟! وما سبب اسكانهم في
دمشق؟! وما سبب منحهم رتبا عسكرية، وترفيعهم فيها؟!!!
أقول
ويدي على قلبي: عش رجبا وسترى العجب. فلا فائده من عمل عسكري ينقل شعبا من ظلم الى
ظلم وظلمات بديلة؟!