شريط الأخبار
"النواب" يُشكل لجنة مؤقتة لتعديل النظام الداخلي 191 مقتحما يودون الطقوس التوراتية بلأقصى بأول أيام عدوان "المساخر/البوريم" العبري تفاصيل اخر مقترحات المبعوث الامريكي لتمديد وقف اطلاق النار بغزة يتلوها التفاوض على هدنة طويلة ذبحتونا تحذر من موجة احتجاجات واسعة إذا أصرت "التربية"على تطبيق نظام التوجيهي الجديد ذبحتونا تحذر من موجة احتجاجات واسعة إذا أصرت "التربية"على تطبيق نظام التوجيهي الجديد حماية المستهلك: ضعف الحركة الشرائية يخفض أسعار السلع وفاة الجدة وابنتها وحفيدتها بحادث سير بعمان وفد عربي يعرض خطة إعادة إعمار غزة على ويتكوف في الدوحة الملكة رانيا خلال هذه الأيام: قيمنا الإنسانية رأس مالنا ولها قدرتنا على التطور المرصد السوري: 1383 مدنيا قتلوا جراء أعمال العنف في الساحل ولي العهد يفتتح مركز الخدمات الحكومي الشامل في جرش جاهة تصلح بين النائبين المتشاجرين.. والجراح يعتذر الملك يستقبل مجلسي اوقاف وكنائس القدس وشخصيات مقدسية بحضور الرئيس الفلسطيني ارتفاع تدريجي على درجات الحرارة حتى الجمعة الجولاني يقر بعمليات قتل جماعي لأفراد من العلوييين وتعهد بمعاقبة المسؤولين الجغبير: نمو الصادرات الوطنية يثبت تطور الصناعات الأردنية اتفاق بين الشرع ومظلوم عبدي على إدماج "قسد" في الدولة السورية الملك يؤدي صلاة المغرب في المسجد الحسيني ويطلع على مشروع الإعمار الملك يزور وقف ثريد بجوار المسجد الحسيني وسط عمان ولي العهد يقيم مأدبة إفطار لمجموعة شباب وشابات برنامج "خطى الحسين"

المستقبل للشباب

المستقبل للشباب



 الدكتور اشرف رجب

إذا كانت مجلة CEOWORLD قد صنفت الفرنسيين على أنهم أكثر شعوب العالم أناقة في العالم لعام 2024، يبدو أن القطريين هم أكثرهم أناقة في العالم العربي، وذلك بفضل حكومة شابة تتمتع بالرشاقة والحداثة. فتحت قيادة شبابية، تسعى قطر إلى تقديم نموذج مختلف في المنطقة، حيث يبدو أن الوزراء الشباب أكثر تفاعلًا مع التغيرات العالمية وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات الحديثة.

 

فقد ظهر بالأمس المتحدث باسم الخارجية القطرية في مؤتمر يطلع فيه الصحفيين على آخر المستجدات في الساحة القطرية وأمور أخرى تُعنى بصفقة إنهاء الحرب بين دولة العدو وقيادة حماس، ويجيب على أسئلتهم.

ظهر الرجل مرتديًا زي بلاده الخليجي، حيث كان يعكس جمالية اللباس التقليدي، الذي جاء متقنًا بأناقة واضحة. ارتدى العقال الذي أضفى على المظهر طابعًا من الجدية والاحترام، بينما كان الثوب يظهر تناسقًا بين الجمالية المتواضعة للزي الخليجي، مما أضفى عليه مظهرًا متوازنًا يعكس رصانة التقاليد العربية ولباسها التقليدي في صورة بهية.

 

بدا الرجل أنيقًا حقًا ورشيقًا، يتحدث ويُحاور بثقة عالية، يتنقل بين العربية والإنجليزية بوضوح وإتقان. لا تعلو وجهه تجاعيد ولا كدرات التقدم في العمر. بل على العكس، كان صغيرًا في سنه، متمكنًا من مهاراته. لم يكن ملقنًا، فلم يتلعثم أبدًا، ولم يحفظ ما سيقوله مجبرًا على طرح وجهة نظر سيده بأكاذيب هنا وهناك. بل كان يعبر وينقل بثقة تامة، لم يُظهر أبدًا أي مجاراة لأي أوامر قد فرضت عليه. جاءت ممازحاته لبعض الصحفيين، لتكشف عن صدقه في المهمة الموكلة إليه وهي نقل ما يحدث خلف الستار، دون تجميل أو محاولة لتحسين الصورة أو ترتيبها.

 

على الرغم من صغر مساحة قطر وسنها بين الدول، إلا أنها حافظت على حجم كبير لها في المنطقة، وفرضت احترامها برغم كل العراقيل التي وُضعت في طريقها. ورغم ما يثار من علامات استفهام حولها، لا سيما فيما يتعلق بقناتها "الجزيرة"، إلا أنها كانت دائمًا حريصة على استقلالها والنأي بنفسها عن انبطاحات الدول العربية الأخرى، رافضةً الاستسلام لإملاءات محيطها أو الغرب. نجحت قطر في أن تكون أحد أبرز اللاعبين السياسيين في المنطقة وبقيمها المستقلة، ولم تنفذ أوامر من يعتقدون أنهم أسياد المنطقة والعالم. كانت دائمًا مرنة رشيقة في سياساتها، تتنقل بين المواقف بلباقة وكفاءة، ما جعلها أحد أكثر اللاعبين احترافية واحترامًا وفاعلية في المنطقة.

 

بالعودة مرة أخرى إلى المتحدث باسم الخارجية، لم يكن هو الوحيد الشاب في العمر، بل هناك العديد من القيادات الشابة في الدولة. على سبيل المثال، وزير الداخلية الذي يعتبر من أصغر الوزراء سنًا، وكذلك وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، ووزيرة التنمية الاجتماعية، جميعهم يشكلون نموذجًا للقيادة الشبابية في قطر. ولا يمكننا أن نغفل عن رأس الدولة ذاته، الذي يظهر كشاب أنيق وحيوي، قادر على التأثير في مشهد السياسة المحلية والدولية.

 

إذن، قطر تقدم لنا مثالًا حيًا على أن القيادة الشابة لا تقتصر فقط على مجال واحد، بل تمتد لتشمل مختلف جوانب الحكومة، وهو ما يعكس قدرة الشباب على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الحاسمة في وقت 

حساس.

 

وعلى النقيض وفي احدى الحوارات، أشادت إحدى المسؤولات في وزارة الخارجية في بلادها بسيادة رئيسها الذي اتخذ قرارًا جريئًا بإحالة جميع السفراء الذين تجاوزوا سن الستين عامًا إلى التقاعد. واعتبرت أن بقاء السفير في منصبه لمدة خمسة عشر عامًا يعد أمرًا غير مبرر، بل وغير صحي بالنسبة للطرفين: الدولة وشخص السفير. وأوضحت أن تجديد الدماء في الساحة الدبلوماسية، كما وصفتها، وإعطاء الفرصة للشباب لقيادة هذا المجال الحيوي في مواجهة التحديات السياسية ومتطلبات الساحة الدولية، يعد أحد أبرز نجاحات الدولة دبلوماسيًا.

 

واذا توقفنا قليلا عند القرار الذي اتخذه سيادة الرئيس، فبرغم اعتباره سليمًا من حيث المبدأ، إلا أنه يطرح تساؤلات عدة إذا ما علمنا حقيقة أن الرئيس نفسه قد شارف على التسعين عامًا، ما يجعلنا نتساءل: "فهل ما يزال الرئيس يعتبر نفسه شابًا دون الستين؟" قد يرى الرئيس في نفسه حيوية الشباب وهو ما لا يراه في الأخرين الذين تجاوزوا الستين عاما، كما يبدو أن قراراته تتناقض مع الفكرة التي يفرضها على الآخرين، ما يثير الشكوك حول ما إذا كان هذا القرار يعود في النهاية إلى النظر في المصلحة العامة أم إلى توجهات شخصية ميزاجية في التعامل مع القوانين.

 

 

في العديد من الدول العربية،  ليس مقدرا للشباب "صغار السن" تحقيق النجاح المهني في وظائف رفيعة. فقلة قليلة جدا منهم، إن وُجدوا، ينجحون في الوصول إلى وظائف مرموقة "يخدمونها هم أولا لتخدمهم الوظيفة بالتغذية الراجعة تاليا" وتتيح لهم الارتقاء بمستقبلهم المهني، حيث تكون الفرص محدودة للغاية.

وفي كثير من الحالات، لا يحصل الشاب على وظيفة رفيعة إلا بعد التملق للسلطة باستخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة، والعلاقات الشخصية لتحقيق الطموحات التي تتحول بقدرة قادر الى حق مكتسب له ولأبناءه فيما بعد أبد الدهر. أما عن المناصب العليا، فهي غالبًا ما تُمنح وفقا لمبدأ المحسوبية والوراثة، حيث يقوم المسؤولون بتوزيع المناصب بناءً على أهوائهم ومزاجياتهم، وليس على أساس الكفاءة والجدارة.

 

في بعض الدول العربية، تقتصر الوظائف الرفيعة والمناصب العليا على أصحاب المعالي والنفوذذ فقط، ولا يُسمح بتصدير هذه المناصب إلى عامة الشعب "الرعاع" مهما بلغ المتقدمون لها من درجات علمية أو اكتسبوا من مهارات وخبرات وكفاءات، وحتى إن كانت لديهم الجدارة العلمية والشغف الحقيقي في المجال. في هذه الدول، تظل المناصب الرفيعة محصورة في أيدي عائلات بعينها، تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل. تُمنح هذه المناصب إما كجوائز ترضية أو كوسيلة لإبعاد الأذى والضرر  والاسكات عن رأس الدولة، منذ تقسيم تركة الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا.

 

وفي دول أخرى، يظل الحزب الذي انتهت صلاحيته منذ قرن من الزمان، ولم يعد له أي تأثير حقيقي على مجريات الأمور، هو المتحكم في توزيع هذه الوظائف. يقتصر منح هذه المناصب على منتسبيه فقط، منذ نشأة الحزب وحتى اليوم، وقد لا يُسمح حتى لأعضاء الحزب العاديين بالوصول إلى هذه الوظائف، حيث تقتصر على نخبة المنتسبين فقط.

 

على الرغم من صغر سنها ومساحتها، أظهرت دولة قطر قدرة استثنائية على فرض حضورها على الساحة الإقليمية والدولية. تمكنت قطر من إدارة الصراعات والمعارك التي تحددت لها وللمنطقة، مُظهرةً قدرتها على قيادة جهود السلم في أوقات الحرب. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياساتها وطريقة إدارتها، فقد أثبتت قطر قدرتها على التأثير من خلال تبني أساليب متعددة في مواجهة التحديات. في المقابل، لا يمكن للدول العريقة ذات التاريخ الطويل أن تتسم بنفس الرشاقة والنجاح الذي حققته دولة قطر.