الهولوكوست.. تجارة المحرقة التي تبيض ذهبًا!!
بقلم د. موسى العزب
صادف يوم أمس الإثنين
الذكرى 80 لقيام القوات السوفيتية بإطلاق سراح معتقلي النازية من معسكر أوشفيتز
أحد أهم معسكرات الاعتقال في جنوب بولندا، بينما"إسرائيل" ما تزال
تستثمر بعظام ورماد اليهود المزعوم، وعنصرية الغرب لم تتغير، طالما هي مرتبطة
بطبيعة النظام الإمبريالي.
وهكذا أحيت أوروبا أمس
ذكرى تفريغ المعسكر من نزلائه، وأقامت إحتفالا مهيبا بالمناسبة.
القنوات التلفزيونية
الأوروبية خصصت معظم برامجها لإحياء المناسبة، وتسابقت لإحضار من بقيوا أحياء من
المحرقة، رجال ونساء تقدم بهم العمر، أُحضروا بمشقة ظاهرة، وشغلوا منصات الإعلام
طوال اليوم، ليجيبوا على أسئلة الصحافيين الذين تهدجت أصواتهم ووضعوا دموعا في
أعينهم، بينما بدا ضيوفهم هرمين شاردين يغلب عليهم النعاس، بالكاد يلتقطون
الأسئلة، بينما يجدون صعوبة في إيجاد الجواب المناسب.
نصبت خيمة هائلة جنوب بولندا قرب معسكر أوشفيتز
النازي الشهير الذي تحول إلى متحف دائم ومحجا مقدسا للزوار، وتناوب على منصة
الخيمة رجال ونساء ممن يفترض بأنهم الناجين من محرقة النازية.. شتموا
حماس وحيوا الجيش الصهيوني الذي "أُرغم" -حسب قولهم- على التعامل بصرامة
مع "الإرهاب" رغم "سعي تساهال" الدائم إلى السلام مع شعوب
المنطقة!! معظم المحدثين أدانوا صعود اللاسامية في أوروبا، وركزوا على ضرورة
الإهتمام بالشباب لإعادتهم إلى الحظيرة إحتراما للتاريخ اليهودي "الجليل"!!
حُمِّل رأس الخيمة على
كتف البناء القديم لواجهة معسكر الإعتقال الذي ما يزال قائما ويتم ترميمه كل عام،
فظهر مجسم مهيب سلطت عليه تدرجات اللون الأحمر القاني، تخلله مساحات إنشائية أضفت
على المكان مزيدا من القتامة والظلال للتدليل على قساوة ووقار الذكرى.
إمتلأت الخيمة بالآلاف،
جلس "الناجون" في الصف الأول وإلى جانبهم وخلفهم جلست كل القيادات
الأوروبية -من ملك بريطانيا إلى ماكرون وشولتز وزيلنسكي وزوجتاهم- بخشوع وخنوع
كاملين، راسمين على وجوههم علامات الأسى والتأثر، تتهدج أصوات الجميع، ويضعون
دموعا في أعينهم إحتفاءً بالذكرى.. طبعا دون إستخلاص أي دروس سياسية أو أخلاقية من
الموضوع!!
احتفالات أوروبية مهيبة
ووقورة تنظم كل عام بهذه المناسبة.. مراسلو القنوات الإمبريالية يتسابقون للوقوف
بخشوع عند أقدام اليهود للتذكير بــ" المحرقة"، رغم أن معتقلات النازية
كانت تعج بملايين الضحايا من غير اليهود، من سوفييت وأوروبيين وعرب وغجر.. الا أن
الذكرى تطوب بالكامل لصالح اليهود والحركة الصهيونية.. ف"آلام اليهود وحدها
تستحق التقديس"!!
من بقي على قيد الحياة
من "شهود المحرقة" الممجوجة، يحضرون معهم اليوم شهود على الشهود، أجيال
جديدة من الشباب والأطفال عليها أن تعيد انتاج عجلة الكراهية والابتزاز.. لم
لا وهذه الماكينة مازالت تبيض ذهبا؟!
تم تغييب بوتين عن
الحضور بسبب حرب أوكرانيا، ولكن الغائب الأكبر عن الإحتفالية هذا العام كان
نتنياهو، ولكن لم يطرح أحد السؤال عن سبب غيابه، فالجميع كان يعرف بأنه لم يجرؤ
على القدوم إلى إحتفالية الهلوكوست خوفا من القبض علية وتسليمه للعدالة الدولية
بسبب جرائم الإبادة التي يرتكبها بحق الشعب الفسطيني بواسطة الأسلحة الغربية.
وسط حالة من الرياء
والإسفاف يتم تحشيد النخب السياسية والإعلامية الغربية، حيث ترقص
الديمقراطيات الغربية
على وقع اللطم اليهودي، ولا ضير بالمشاركة بالزفة، طالما أن من يدفع ثمن سفالات
النازية والصهيونية هم الفلسطينيون والعرب، فيتناسى الغرب المحارق التي يعاني منها
الشعب الفلسطيني والعربي بعد 80 عاما على إغلاق أوشفيتز، وحتى قبل أن يفتح أبوابه!!