إيكونوميست: إسرائيل عازمة على تدمير غزة بالكامل.. وبدون ضغط أمريكي فلن يمنعها أحد


قالت مجلة
"إيكونوميست” إن إسرائيل تنوي تدمير غزة بالكامل، وبدون ضغط
أمريكي، فمن الصعب رؤية من سيوقفها.
وقالت المجلة
إن الجنرالات الإسرائيليين أرادوا ألا يلاحظ أحد العملية العسكرية التي شنت في
الأول من نيسان/ أبريل وإلى حين تمركز جنودهم في مواقع آمنة.
لكن
السياسيين سارعوا إلى التباهي بها، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس،
إن الجيش شرع في عملية جديدة "لسحق المنطقة
وتطهيرها من الإرهابيين”. وأضاف أن العملية تهدف إلى "الاستيلاء على مساحات واسعة
[من غزة] وضمها إلى المناطق الأمنية الإسرائيلية”.
وبعد ساعات
قليلة، نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقطع فيديو تباهى فيه بأن إسرائيل "تغير
مسارها”. مما أثار استياء الجنرالات، حيث كشف نتنياهو أيضا عن اسم العملية
وموقعها: "ممر موراغ”.
وقد كان
الفيديو بمثابة رسالة إلى قاعدته الشعبية المتطرفة. فموراغ كانت مستوطنة إسرائيلية
صغيرة تقع بين رفح وخان يونس، عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة بأكمله. الآن، عادت
القوات الإسرائيلية، والهدف هو تقسيم الشريط الساحلي الذي تبلغ مساحته 365
كيلومترا مربعا إلى مناطق منفصلة، حيث سيدمر الجيش الإسرائيلي أحياء بأكملها،
على أمل القضاء أخيرا على حماس، الحركة التي لا تزال تسيطر على جزء من غزة.
وأصدر الجيش
أوامر إلى سكان رفح باللجوء إلى "ملاجئ” ضيقة على الساحل. وأكد مسؤولون أمنيون
إسرائيليون لصحيفة "الإيكونوميست” أن الخطة تهدف إلى إخلاء منطقة رفح، جنوب قطاع
غزة، بشكل دائم، والتي تمثل حوالي 20% من إجمالي مساحة القطاع. وتجري حاليا عملية
مماثلة في منطقة أصغر شمال القطاع.
وتشير المجلة
إلى أن هذه الخطوات هي جزء من خطة أوسع لإجبار أكثر من مليوني فلسطيني في غزة على
مغادرة المدن والبلدات والتوجه إلى الساحل.
ويهدف هذا
على المدى القصير، إلى إنشاء "مناطق إبادة” لا يبقى فيها، نظريا، سوى مقاتلي حماس.
أما على المدى البعيد، فتأمل إسرائيل أن يهاجر سكان غزة "طواعية”. وتشير المجلة
إلى أن الإسرائيليين يهدفون من حصر السكان في منطقة الساحل لتحقيق هدف آخر. ففي ظل
الحصار ومنع دخول المواد الغذائية والطبية، يقول مسؤولون إسرائيليون إن ممر موراغ
سيكون الخط لنقل المواد الإنسانية لهذه التجمعات الساحلية، وحرمان حماس من السيطرة
على المواد الغذائية، كما يزعمون. وأيضا يزعمون أن هناك وفرة كبيرة في المواد
الغذائية والإنسانية.
وتقول
المجلة إن هذا سيكون تغييرا كبيرا في السياسة الإسرائيلية. فحتى وقت قريب، رفض
الجيش الإسرائيلي تحمل مسؤولية الاحتياجات الإنسانية في غزة، مفضلا تنسيق قوافل
المساعدات مع المنظمات الدولية. وفي جلسات خاصة، قال الجنرالات إنهم يريدون تجنب
إعادة احتلال فعلي لغزة.
أما الآن،
وتحت ضغط السياسيين الذين يريدون السيطرة على الإمدادات إلى غزة تمهيدا لإقامة
سلطة إسرائيلية طويلة الأمد، فقد رضخ الجنرالات. وبموجب الخطط الجديدة، سيوزع
الجيش الإسرائيلي الإمدادات مباشرة على المدنيين النازحين إلى الساحل. أما في بقية
غزة، فستطبق عليها سياسة الأرض المحروقة التي تهدف إلى القضاء على حماس نهائيا.
وليس من
الواضح متى ستبدأ هذه المرحلة. ففي هذه الأثناء، بدأت الإمدادات تنفد مجددا. وقد
أغلق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة 25 مخبزا تنتج الخبز اليومي، إذ
لم يعد بإمكانه تزويدها بالوقود أو الدقيق. كما لا تستطيع العائلات إعداد خبزها
بنفسها، إذ يبلغ سعر كيلوغرام غاز الطهي الآن 250 شيكلا على الأقل (66 دولارا)،
وكيس الدقيق الذي يزن 25 كيلوغراما هو ضعف هذا السعر. كما أن مواد أساسية كالسكر
وزيت الطهي تختفي من الأسواق. وأصبحت المياه نادرة، فقد انخفضت القدرة الإنتاجية
لمحطة تحلية المياه الرئيسية في غزة إلى نسبة 85% منذ توقف إسرائيل عن تزويد
القطاع بالطاقة الكهربائية الشهر الماضي.
وتقول الأمم
المتحدة إن معظم سكان غزة يحصلون على 6 لترات من المياه يوميا. ولا يعتبر الجوع
التهديد الوحيد للحياة. ففي الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية 15 مسعفا
فلسطينيا قرب رفح. وزعم الجيش الإسرائيلي أن السيارات كانت تسير بشكل مثير للريبة،
دون أضواء أو صفارات إنذار.
وأظهر مقطع
فيديو حصلت عليه صحيفة "نيويورك تايمز” أن رواية الجيش كاذبة. فقد كانت سيارات
الإسعاف مزودة بأضواء وإشارات طوارئ.
وقُتل
المسعفون الذين يرتدون الزي الطبي بوابل من الرصاص. وأشارت الصحيفة لاحتجاجات بين
السكان في غزة على الأوضاع هناك. وانتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة أولا
بغارات جوية، في 18 آذار/ مارس. وقد أسفرت عملياتها البرية منذ ذلك الحين عن مقتل
أكثر من ألف شخص.
وتزعم المجلة
أن حماس، التي تخشى المزيد من الاحتجاجات، تبدي استعدادها لقبول هدنة مؤقتة أخرى
تستمر لبضعة أسابيع، والتي ستتبادل خلالها عددا صغيرا من الأسرى الإسرائيليين
البالغ عددهم 59 الذين ما زالوا في غزة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
ولكن حتى لو
حدث ذلك، فإن إسرائيل تنوي استئناف حربها. وهي توقعات قائمة، حيث يقول دبلوماسي
شارك سابقا في مثل هذه المحادثات: "لا توجد حاليا أي خطط قيد المناقشة بجدية لليوم
التالي للحرب في غزة”.
وتقول المجلة
إن بصيص الأمل الوحيد جاء في اجتماع بين دونالد ترامب ونتنياهو في 7 نيسان/ أبريل،
وقال فيه الرئيس الأمريكي: "أود أن أرى الحرب [في غزة] تتوقف. أعتقد أن الحرب
ستتوقف في مرحلة ما، ولن يكون هذا في المستقبل البعيد جدا”.
وفي الوقت
الذي فرض فيه فريق ترامب المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار على إسرائيل، إلا أن
الرئيس يبدو منشغلا الآن بأمور أخرى. فبدون ضغط منه، يصعب تصور أي شيء آخر يمكن أن
يمنع إسرائيل من تدمير غزة نهائيا.