وزارة الصحة والآمال المنتظرة


د. محمد علي النجار
لم تمر خمسة أيام على تسلمه الوزارة حتى "عمم معالي وزير الصحة أمس ، على كوادر الوزارة كافة، بضرورة إبلاغه بأي حالة مشاجرة أو اعتداء، يكون أحد أطرافها أو كلاهما من العاملين في تقديم الخدمات الصحية التابعة للوزارة ..".
وللوهلة الأولى يخيل للمرء أن المشاجرات والاعتداءات في وزارة الصحة ظاهرة تستحق الانتباه إليها!! أو أن جميع الأمور في الوزارة على ما يرام .. ولم يتبق إلا المحافظة على الهدوء .. ووأد المشاجرات .. ومنع الاعتداءات في مؤسسات الوزارة!!.
أعتقد أن هذا التعميم ما كان يجب أن يكون .. وإن كان فقد كنت أتمنى أن يكون على لسان مدير إدارةٍ كشؤون الموظفين، أو على لسان الأمين .. وأن يتفرغ معالي الوزير لأمور أهم من ذلك بكثير .. كنت أتمنى على معالي الوزير الذي نتمنى له من قلوبنا التوفيق والإنجاز والإبداع وباقي وزاراتنا التي نعقد عليها الآمال .. كنت أتمنى عليه أن يصدر قرارًا حاسمًا وقويًا وواضحًا بتشكيل عدة لجان .. واحدة منها: لجنة حيادية مستقلة للنظر في قضايا واقعية ملموسة .. تحاسب وتتابع تجاوزات الأطباء والعيادات والمستشفيات والصيدليات العامة والخاصة مثل:
النظرة الربحية في بعض المستشفيات على حساب صحة المريض!!.
إجراء عمليات جراحية لا داعي لها!!.
طلب تحاليل طبية غير ضرورية!!.
طلب صور أشعة متنوعة لا فائدة منها!!.
نتائج الأخطاء الطبية والإهمال المتعمد أو غير المتعمد.
حالات الوفاة والموت السريري دون تحقيق حقيقي في الأسباب!!.
صرف أدوية بطريقة مبالغ فيها!!.
التقتير على المرضى وحرمانهم من صرف الأدوية أو المستلزمات الطبية الضرورية!!.
التعامل غير اللائق مع المراجعين والمرضى!!.
إهمال المريض بعد إجراء العملية الجراحية،والتخلي عنه، وتركه نهبة للآلام الجسدية والمعاناة النفسية!!.
كل هذا وغيره أكثر يستدعي وجود لجان لاستقبال الشكاوى والتحقيق فيها من خلال إجراءات مهنية .. وبتجرد تام دون مجاملة .. لإصلاح قطاعنا الصحي ولإكسابه المزيد من المصداقية والثقة لدى الجميع ..
نعتز ونفتخر بإنجازات وزارة الصحة والعاملين فيها .. ولكننا نسعى دائمًا إلى الاقتراب من الكمال .. إن إصلاح القطاع الصحي وتطويره لا يتحقق بالأمنيات، بل برؤية مستقبلية شاملة تتبناها الوزارة وتُترجمها إلى قرارات جريئة تفضي إلى منظومة صحية تُعلي من قيمة الإنسان، وتضع المريض في صدارة الاهتمام، وتُعيد الثقة بين المواطن والمؤسسات الطبية.
وبعد .. فإن الأردن يستحق قطاعًا صحيًا يليق بتاريخه وإنسانيته، ووزارتنا قادرة على تحقيق ذلك إن هي استمعت، وراقبت، وقررت .. وهي التي وضعت أقدامها على طريق التطوير مع افتتاح مركز الصحة الرقمية الأردني ..
حفظ الله الأردن أرضًا مباركة، وشعبًا طيبًا، وقيادة هاشمية رشيدة تسند الإصلاح وتحتضن الطموح..
والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل،،،