اين الخطاب السياسي الرصين؟!

تمارا الخزوز
بالمناسبة، وبمنطق
التحديث السياسي، من حق اليمين الأردني، كما هو حال أي تيار يميني في العالم، أن
يعبّر عن موقفه، ولكن باستخدام خطاب سياسي رصين منضبط.
يستطيع مثلاً أن يقول
بوضوح :
المعطيات الراهنة بدأت
مع أحداث السابع من تشرين الأول.
تخلّى العالم عن غزة — قانونيًا
وأخلاقيًا وسياسيًا.
ما سُمّي كذبًا
بـ”العملية العسكرية” تحوّل إلى حرب إبادة وتطهير عرقي تُرتكب على مرأى العالم.
التحول الجذري في
ديناميكية المعركة بدأ بحادثة تفجير "البيجارات"، تبعها اغتيال إسماعيل
هنية في طهران. ثم جاء "الاغتيال الأكبر” لحسن نصرالله والسنوار.
وفي ظل غياب أي عمق
عربي أو إسلامي فعّال، فإن تحويل الأردن إلى ساحةٍ، سيشكل مدخلًا خطيرًا، لا بل
مبررًا لتنفيذ مخطط التهجير. وهذا الموقف دفاعًا عن الدولة الأردنية وليس تنصّلًا
من القضية الفلسطينية، ولهذا فإن الدولة الأردنية وحدها صاحبة الحق في احتكار
السلاح وتوظيفه.
هذا نموذج لخطاب رصين
لا يتحدث باسم الملك، ولا يزجّ بمؤسسة العرش في الصراع، ويترك لمؤسسات الدولة
القيام بدورها دون انتقاص من صلاحيات السلطة القضائية أو تقزيم للسلطة التشريعية.
ومن المقبول سياسيًا
أيضًا أن يتبنى الناس هذا الخطاب، ومن المنطقي أن تحدث إزاحة نحو اليمين في معظم
المواقف، دفاعًا عن الدولة ولكن دون أن تنصب محاكمات شعبية للآخرين !
بالمقابل، المنطق
السياسي يقول أيضًا إن الكشف عن عشرات "الخلايا الإرهابية" لن يقلل من
حجم التعاطف الشعبي مع غزة، ولن يخفف من نقمة الشعب الأردني على النتن وحكومته.
الأهم، وما يجب أن نفهمه، أن هذا التعاطف لا يقوم على أساس فرز إقليمي، ولا ينبغي
أن يكون كذلك في أي حال من الأحوال.
في حوار ساخن جداً في
منزل الأستاذ أحمد سلامة، قال دولة عبد الرؤوف الروابدة للأستاذ بسام بدارين :
"أنا مع ح**ما*س في فلسطين، وضد ح**ما*س على الأرض الأردنية.” وكان ذلك رداً حاداً
على تعليق لبدارين اتهم فيها الروابدة بالشطط ! وعلى الرغم من حدة الكلام، إلا أنه
ظل ضمن سياقات سياسية تليق بالطرفين وتدرّس للمبتدئين.
وبالعودة لأصل الحديث
عن "التحديث"، نحن والله لا نريد التراجع عن التحديث السياسي، بل نريد
للتحديث أن يتراجع عما أفرزه لنا من تشوهات !
وأن يسارع القائمون
عليه للبحث عن مخرج للمأزق الذي حدث بالأمس في مجلس النواب.