ما علاقة .. سيدنا محمد ( ص ) .. بالمسيحية


عوض ضيف الله الملاحمة
سيدنا محمد عليه أفضل
الصلاة وأتم التسليم ، نبي الله ورسوله . أرسله ربُّ العِزة للناس كافة .
وهو خاتم الرسل والنبيين . هادٍ للبشرية جمعاء . بلّغ الرسالة ، وأدى
الأمانة ، ونصح الأمة ، وكشف الغُمّة . وأرشدنا للدين القويم ، والصراط المستقيم ،
وحوّل اجدادنا من عبادة الأصنام ، الى عبادة ربّ الأنام . حيث كانوا في جاهلية
بغيضة ، رغم إتصافهم ببعض الأخلاق الحميدة .
منذ ان وعينا على
الدنيا ، تربينا على فطرة اهلنا التي محورها وحدانية الله سبحانه وتعالى ، واتباع
رسالة نبينا محمد ( ص ) . وطيلة عقود العمر التي مضت ، كانت تومض بعض الأسئلة في
الذهن ، دون الحصول على إجابات . مثلاً : كنت شغوفاً بشخصية وصفات ، وثبات ،
ومساندة سيدتنا خديجة لرسولنا الكريم ، منذ إشتغاله معها في تجارتها ، وارتباطهما
، واستشعارها انه نبي الله ، حتى إيمانها برسالته ونبوته ، والوقوف الى جانبه
ومساندته . كان يقفز الى ذهني سؤالاً مُلحاً :- ما مصدر هذه الصفات الحميدة
المتميزة التي تتصف بها هذه السيدة !؟ ومن أين إستقتها ؟ وكيف حافظت على ديمومتها؟
كما كان يقفز الى ذهني
، من هو ورقة بن نوفل ؟ وما سبب علاقته القوية برسول الله ؟ وما السبب في إرتقاء
قيمه لدرجة ان يكون مقرّباً من رسول الله ؟ وما علاقته بسيدتنا خديجة ؟ وما مدى
صحة شهادته على زواج رسول الله منها ؟ وبأي صفة تم ذلك ؟ ولماذا لم يشهد على عقد
زواجه واحدا من أقاربه الذين هم أصحاب السطوة والجاه من قريش ومن بني هاشم تحديداً
؟
لم يخطر ببالي ان أبحث
عن إجابات لتلك الأسئلة العديدة ، كما لم أسمع من اي رجل دين مسلم اية معلومة
تتعلق بتلك الأسئلة.
بالبحث تبين لي الآتي :
ان الذين يريدون الترويج لثقافة الكراهية لا يناسبهم التاريخ المشترك للأديان
السماوية ولا إظهار التقارب بينها.
تُجمِع كل كتب التراث
ان سيدنا محمد ( ص ) لم يسجد لصنمٍ قط . كما تتحدث المعلومات التاريخية عن وجود
الديانة المسيحية في مكة . حيث يقول الرحالة المقدسي ان هناك مقبرة للمسيحيين على
طريق بئر عنبسة ، ويذكر إبن الأثير وإبن خلدون ان سادس ملوك (( جرهم )) الذين
حكموا مكة كان اسمه / عبدالمسيح بن باقية بن جرهم ، ثم انتقل حكم مكة الى قبيلة
خُزاعة ، ثم انتقل الى قريش . ويقول اليعقوبي ان من بين العرب الذين تنصروا قوم من
قريش وخاصة بني أسد بن عبد العزى . وذكر الفيروزبادي موضعاً في مكة يعرف بموقف
النصارى . لكن كُتّاب السيرة المسلمين لا يحبذون ان يكون للنبي قبل الدعوة علاقة
مع النصارى . وقالوا ان الرسول كان حنيفاً . ووردت كلمة حنيف او حنفاء في القرآن
الكريم اثنتي عشر مرة ، يدل بعضها على التوحيد . وأشار البخاري ان ( ورقة بن نوفل
) تنصّر في الجاهلية ، ويقرأ الإنجيل بالعربية والعبرية . وحسب سيرة إبن هشام
المتوفي عام ٢١٨ هجري ، فان ورقة بن نوفل كان مسيحياً ، وانه كان يلتقي مع الرسول
عند الجد الرابع . كما ان عبيدالله بن جحش إبن خالة الرسول ( ص ) قد مات مسيحياً .
وان السيدة خديجة زوجة الرسول الأولى ، والتي كانت حسب كُتب التراث الإسلامي في
العقد السادس من عمرها كانت تبلغ الرسول بالدعوة ، وتتحدث هذه الكتب بإسهاب عن
ثرائها ومقامها الشريف بين أقرانها وطهارتها ، لكنها تتجاهل قناعاتها قبل البعثة ،
لماذا !؟ طالما انها أول من آمن بسيدنا محمد من الرجال والنساء ، خاصة ان عائلتها
مسيحية . وحسب الكثير من كتب التاريخ فان عمها ورقة بن نوفل كان ممن حضروا زواجها
بالرسول ، ومنهم من يقول ان ورقة كان وكيلها ، وهو مَنْ زَوّجَها ، وفي رواية اخرى
يُقال ان الذي زوّجها عمها / عمرو بن أسد .
يضاف الى ذلك العلاقة
الحسنة التي جمعت النبي ( ص ) مع ورقة بن نوفل قبل الدعوة . كما انه عندما اشتد
إضطهاد المسلمين في مكة دعاهم النبي للجوء والهجرة الى الحبشة المسيحية ، وملكها
النجاشي ، حيث قال ( ص ) : (( لو خرجتم الى الحبشة فان بها ملكاً لا يُظلم
عنده أحد )) . كما ان هناك مكانة خاصة للرهبان والقساوسة المسيحيين في الإسلام .
وللتدليل على عظمة
سيدنا محمد ( ص ) وددت ان أذكر بعضاً يسيراً جداً مما وصفه به علماء وفلاسفة
وأدباء الغرب بإيجاز شديد ، حيث قالوا عنه ( انه كان شخصية تاريخية ) :—
١ )) قال الفيلسوف الإنجليزي برناردو شو : ( إنه
مُنقذ البشرية ، وان العالم أحوج ما يكون الى رجل في تفكيره ) .
٢ )) العالم الأمريكي مايكل هارث ، قال ( إن محمداً (
ص ) كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين
الديني والدنيوي).
٣ )) الفيلسوف البريطاني برتراند راسل قال : ( لقد
قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت انه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية ) .
٤)) المصلح الإجتماعي البريطاني / توماسكاريل ، أفرد
في كتابه ( الأبطال ) فصلاً كاملاً للحديث عن الرسول محمد ( ص ) واستعرض فيه نواحي
العظمة في حياته.
٥ )) الأديب الروسي / ليو تولستوي ، قال : ( لا يوجد
نبي حظي باحترام أعدائه سوى النبي محمد ( ص ) مما جعل الكثرة من الأعداء يدخلون
الإسلام )
.
٦ )) الشاعر والكاتب والفيلسوف الفرنسي/ فولتير ، قال
: ( السنن التي أتى بها محمد ( ص ) كانت كلها قاهرة للنفس ومهذبة لها ) .
٧ ) الدكتورة زيجرد هونكة الألمانية ، قالت : ( إن
محمد ( ص ) والإسلام شمس الله على الغرب ) .
٨ ) المفكر والفيلسوف/ لامارتن ، قال : ( هو النبي
الفيلسوف ، المحارب ، الخطيب، المشرع ، قاهر الأهواء . وبالنظر الى كل
مقاييس العظمة البشرية أود ان أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبي محمد ( ص ) ؟
٩ ) وقالت / آن بيزينت : ( من المستحيل لأي شخص يدرس
حياة النبي محمد ( ص ) الا ان يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل ) .
١٠ ) وقال / مايكل هارت ، في كتابه مائة رجل من
التاريخ : إن إختياري محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش
القراء ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين
الديني والدنيوي )
.
لا أدري ما الذي يضير
لو عرفنا شيئاً عن علاقة سيدنا محمد ( ص ) بالمسيحية ، وعن سيدتنا خديجة ،
وعن مدى انتشار المسيحية في الجزيرة العربية .
منذ عقود وموضوع علاقة
سيدنا محمد ( ص ) بالمسيحية يفرض نفسه عليّ بشدة . وقد تبدى لي ان أكتب بهذا الموضوع
أملاً في ان يخرج علينا أحد أصحاب الإختصاص الذي يتصف بالجرأة ليجيب على هذه
التساؤلات التي اطرحها بحذر ، لا لشيء ، إلا لأنني لست متخصصاً ، وأفتقر للمعلومة
. ولأن كل ما سمعته طيلة حياتي ان البعض يقول ان رسولنا الكريم كان ( مسيحياً )
قبل النبوة ، وهناك أُناس يكتفون بقول انه كان ( موحِّداً ) .