العملاء .. خونة .. وأغبياء


عوض ضيف الله الملاحمة
كل العملاء يكونون أغبياء ، ويتصفون بالغباء ، والأنانية ، وحب
الذات على حساب الاوطان . وغبائهم يكمن في بيعهم الأوطان — وهي الأثمن والأغلى
عند الإنسان السوي — للحصول على مكتسبات زهيدة الأثمان . كيف يستقيم ذلك
والأوطان أغلى وأعز من كل الأثمان .
كافة العملاء بلا قيم ، ولا أخلاق ، ولا دين ، ولا ضوابط
أخلاقية . كل عميل رخيص ، ثمنه بخِس مهما عَلا . كل عميل مُحتقر . كل عميل
وضيع ، حتى الذي يُجنِّده يحتقره ، ولا يثق به.
وصلني فيديو مهم جداً ، من صديق عمري المهندس / يوسف محمد
الزعبي ، الرجل القومي ، النشمي ، الأبي . ومع الأسف لم اتمكن من معرفة الجهة التي
أصدرته . هذا الفيديو معنون ب (( كيف يصنع الإحتلال عملائه )) . وددت ان أطلع
القراء الكرام على محتواه الهام جداً ، وسأنقل لكم ما جاء فيه نصّاً ، كما هو ،
بأخطائه :— {{ هؤلاء لا يرتدون زيّاً عسكرياً . ولا يُطلق عليهم وصف جواسيس .
لكنهم أهم أدوات الإحتلال ، والإستعمار عبر التاريخ . لا يحمِلون سلاحاً بل تصريح
عبور . ولا يراقِبون من خلف سِتار ، بل يظهرون على شاشات التلفاز ، بوجه وطني ،
وأسماء لامعة ، وعبارات مُرتبة . لكنهم في الجوهر ، خدمٌ للإحتلال ، وشريان حياته .
العملاء : ماذا تعرف عنهم ؟ وكيف ولماذا يُقدِّمون العون لمن
إحتلّ أرضهم ؟ وكيف يخدم البعض الإحتلال وهم يظنون أنفسهم وطنيين ؟
الإعتدال والسلام : هكذا يصنع العملاء . عبر التاريخ لا يعيش
الإحتلال بقوته فقط ، بل ( بأشباه الرجال ) ، الذين يخدمون مصالحه . وبالعملاء
الذين يُطيلون عمره ، ويحرصون على بقائه . فحين يُفرَض الإحتلال على اي شعب ،
تنقسم المجتمعات الى فئات : فئة تقاوم ، وفئة تتكيف ، وأخرى تتعاون . لكن أخطرها
تلك التي تتعاون ، وترى ان التعايش مع الإحتلال حتمي ، وأن مقاومته خراب ، وأن
السلام معه إستقرار وأمان . هذه الفئة تعطي الشرعية للظلم ، وتُلبس الإستعمار ثوب
( النظام ) . وتُحارب المقاوم وتدعم المُحتل.
خيانة وخضوع : تدفعها المصالح والمناصب . في قلب أوروبا وتحت
حذاء النازية ، لم تكن كل شعوبها مُقاومة . بعضهم عاش بسلام . وبعضهم إختار
التعاون . وبعضهم قاتل المقاومين نيابة عن الألمان . لم يكونوا جواسيس فقط ، بل
مسؤولين إداريين وإعلاميين ، يلاحقون الثوار ، يشيطنوهم.
في فرنسا ، أقامت حكومة أسمتها ( إنقاذ وطني ) ، لكنها كانت
تنفذ أجندة هتلر بحماس ، فاق حماس جنرالاته . لم تحارب الإحتلال ، بل قاتلت الثوار
، أسست أجهزة أمنية لقمع المقاومين . وقدّمت التعاون مع النازية ، كخيار
عقلاني لحماية فرنسا . وكل هذا باسم السيادة الفرنسية . كانت بعض الشركات تُبرم
عقوداً مع النازيين ، وتطرد عمالها إن تجرأوا على مقاومة الإحتلال ، ولو ببطء
العمل . تعاون مُغلّف بالقانون ، ومصالح تحوّلت الى بوابة للعمالة .
حتى في الهند ، لم يكن الإستعمار البريطاني ليدوم قرناً من
الزمان ، لولا أُمراء محليون ووجهاء ومثقفون . إختاروا مناصبهم على حساب كرامتهم .
ثم وقفوا ضدّ غاندي ورفاقه ، ووصفوا العصيان المدني ( حُلماً غير واقعي ) .
من / فخر النشاشيبي .. الى أوسلو ، في فلسطين كان الوجه أوضح ،
والخيانة أسرع . ( فِرق السلام ) بقيادة / فخر النشاشيبي ، كانت الذراع الفلسطينية
للإحتلال البريطاني . حين كان الثوار بقيادة الحاج / أمين الحسيني ، يشكلون خطراً
على وجود الإستعمار ومخططاته الخبيثة ، كان لابد له من صناعة عملاء يقفون الى صفه
، ويدافعون عنه ويحمون مصالحه ، ويسهلون تنفيذ مخططاته . فكانوا لا يكتفون
بالدعاية ، بل قاتلوا الثوار ، ولحقوا بهم كما فعلوا في / عبدالرحيم الحاج محمد ،
ثم قالوا إن أفعالهم ( تحمي الناس من الفوضى ) . نعم ، كانوا يسمون مقاومة
البريطانيين والصهيونية فوضى . وكانوا يرونها خروجاً على القانون … ( كما هو الحال
اليوم ) . واستمرت هذه الظاهرة تتكرر ، مع كل ثورة او انتفاضة للشعب الفلسطيني .
وكلما شعر الإحتلال بالخطر على وجوده ، كانت تظهر هذه الفئة ، محاوِلة إنقاذ
الإحتلال من ورطته . فهذه روابط القرى ، والإدارة المدنية ، وغيرها كانت تتكون من
فلسطينيين ، ارتبطت مصالحهم مع الإحتلال ، وصاروا ينفذون سياساته نيابة عنه ،
ويحرصون على بقائه . وعانت الثورة الفلسطينية من عمالة الأنظمة العربية ، التي
كانت تحاول إجبار الثورة الفلسطينية على الإستسلام ، فامتنعت عن دعمها ، ولاحقتها
، وتآمرت عليها ، تحت شعارات السلام والإستقرار والأمن.
أوسلو ، أداة لتخفيض كُلفة الإحتلال : منذ أوسلو عاد المشهد
بصيغة أكثر أناقة ، سلطة حكم ذاتي ، كان من المفترض أن تُنهي الإحتلال ، لكنها
تحوّلت الى أداة لتخفيض كُلفته ، وإطالة عمره . كان يُراد بها نواة الدولة
الفلسطينية المستقلة ، لكنها تحولت الى إدارة مدنية للإحتلال ، بشرعية وطنية .
أجهزة أمنية تلاحق المقاومين بدل ان تحميهم ، وتُجرِّم العمل المقاوم بدل ان ترعاه
، وتنسق مع الإحتلال لحماية ( الإستقرار والسلام ) . بينما الإحتلال لا يرى اي
حدود للقتل والهدم والتجريف . فهي من حيث كانت تدري او لا تدري ، أصبحت نموذجاً من
نماذج العمالة ، التي عرفها تاريخ الشعوب . رغم قناعة قادتها انها بما تقوم به
تحمي الفلسطينيين وأرضهم . لكن عجزها وفقدانها أدوات حماية شعبها وأرضها ،
والتزامها بالحفاظ على أمن الإحتلال — دون مقابل — يجعلها فقط خادماً لمصالحه ،
ومدخلاً لتحقيق أهدافه ، تحت تهمة الخروج عن القانون . وتدعي انها لا تريد ان تعطي
الذريعة للمواجهة مع الإحتلال ، وكل ما تقوم به يعطي شرعية للإحتلال ، ويطيل من
عمره ، ويقلل من كلفة إحتلاله ، ويسرِّع في توسعه . حين يقولون انه شريك سلام ،
والمقاوم خارج عن القانون . حين يبررون مجازر الإحتلال ، ويدينون المقاومة . حين
يرون الإحتلال واقعاً يجب التكيف معه ، ويشيطنون من يقاومه . وحين يدعون المقاومة
للتخلي عن مقاومتها وسلاحها ، ولا يستخدمون سلاحهم الا في قمع شعبهم ومقاومته .
العميل اليوم ليس ذلك الذي يسلم مواقع المقاومة فقط ، بل ذلك
الذي يحاضر عن ( التنمية ) ، ويدين إطلاق النار على المحتل ، ويوقع عقود التنسيق
الأمني ، ويصادر حلم شعبه ، مقابل استقرار وهمي . لكن كما علّمنا التاريخ :
الإحتلال يزول ، والمقاومة تبقى ، والعميل مهما رفع شعارات الوطنية ، فهو أول من
يسقط عندما تنهض الشعوب }} . إنتهى الإقتباس.