لنقابات الأردنية .. قدمت المساعدات


عوض ضيف الله الملاحمة
غزة الآن ، تموت ،
وشعبها يحتضر . مرّ على حرب التدمير حوالي ( ٢٢ ) شهراً متصلة . إتبع خلالها العدو
الصهيوني قتلاً ، وتدميراً ، وتجويعاً ممنهجاً . كما بدأ العدو بمنع دخول المواد
الغذائية والطبية وغيرها منذ ٢٠٢٥/٥/١٩ ، وبهذا تكون غزة مغلقة تماماً ولم يصلها اية
مساعدات على الاطلاق ل ( ٨٤) يوماً.
والأقطار العربية التي
عددها ( ٢٢ ) دولة ، تبين انها دول هلامية ، كما الزبد ، لم تتمكن تلك الدول من
إدخال الطحين والمياه الى أهل غزة ، الذين يتضورون جوعاً وعطشاً . وهذه الدول التي
تعتبر نفسها دولاً مستقلة ، وأعضاء في الأمم المتحدة ، وفي كافة المنظمات الدولية
، ولها جيوش جرارة ، واجهزة أمنية تُخرِس مواطنيها وتزجهم في السجون ، وتعاملهم
بعنف ، وتحبس حرياتهم ، لو نطق احدهم بأية كلمة تمس سيادة الوطن . ووفود تأتي ،
وتذهب ، ويشاركون في المؤتمرات الدولية ، ولدى كل قطر مئات السفارات في الخارج ،
وأعلامهم ترفرف على سيارات السفراء . ولكل دولة علم ( بيرق ) ، ونشيد وطني ، وسلام
وطني . و( تتحجز ) و ( تتشاطر ) تلك الأقطار على بعضها ، وكل يحيك المؤمرات للآخر
ليثبت كل واحد منهم انه أكثر وفاء وإخلاصاً لأسيادهم .
كل تلك ( الهيلمانات )
والهيبات الزائفة لم تتمكن من إيصال الطحين والماء للأشقاء في غزة . مع انهم
طبّعوا مع الكيان الصهيوني ، ويتحججون بأن تلك الإتفاقات تمكنهم من مساعدة
الفلسطينيين في الأراضي المحتلة . ولم يتمكنوا من إقناع العدو لإدخال الطحين
والماء والأدوية ، لحفظ ماء وجوههم أمام شعوبهم . كما تنكر صديقهم الرئيس الأمريكي
/ دونالد ترامب ، الذي وعد بحل نهائي للقضية الفلسطينية ، حيث صرح انه لا يمكنه
إجبار الكيان في كل شيء.
على المستوى الشعبي ،
لم يقصِّر الشعب الأردني ، وفق الإمكانيات المتاحة ، خاصة النقابات المهنية . فقد
قامت نقابة الأطباء بالممكن ، حيث تم إقامة حملة للتبرع بالدم ، وتم جمع ( ٣,٠٠٠ )
وحدة دم ، كان القطاع بحاجة ماسة اليها . كما قامت نقابة الأطباء بالتبرع بمبلغ (
٣٥٠,٠٠٠ ) دينار لدعم القطاع الصحي والغذائي . وكذلك قدمت نقابة الأطباء مبلغ (
٢٥٠,٠٠٠ ) دينار لترميم منشآت صحية في غزة . ومساعدات غذائية بقيمة ( ١٠٠,٠٠٠ )
دينار بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية .
أما نقابة المهندسين
فقد قامت بترميم المستشفى الأهلي العربي المعمداني ، ومستشفى الوفاء ، وترميم مبنى
بنك الدم ، ومبنى المختبرات في مستشفى الشفاء الطبي . كما عملت نقابة المهندسين
على تفريغ بركة الشيخ رضوان من مياه الصرف الصحي ، التي تعتبر كارثة صحية، حيث
كانت تحتوي على اكثر من ( ٥٥٠,٠٠٠ ) متر مكعب من مياه الصرف الصحي . كما قدمت
تبرعاً بمبلغ يصل الى ( ٤٠٠,٠٠٠ ) دينار .
كما قامت العديد من
فئات المجتمع الأردني بجمع التبرعات ، والأغذية ، والأدوية ، والملابس وارسلتها
الى غزة . وكذلك الغت العديد من العائلات الأردنية فعاليات الأفراح لأبنائها وتم
التبرع بالكلفة لأهل غزة.
وعلى المستوى الرسمي
فقد ساهم المستشفى الميداني الأردني بمعالجة عشرات الألوف من الغزيين . كما يساهم
المخبز الآلي الأردني الذي أقامته الهيئة الخيرية الأردنية ، والذي ينتج حوالي (
٣,٥٠٠ ) ربطة خبز يومياً توزع على العائلات في جنوب غزة . ولا ننسى حملة إنزال
الطعام الجاهز بواسطة الطائرات العسكرية الأردنية في مختلف مناطق غزة .
لكن كل ذلك يعتبر جهداً
متواضعاً ، وأثره محدود جداً ، خاصة بعد الحصار التام من قبل العدو الذي مرّ عليه
( ٨٤ ) يوماً . لأن أهل غزة على وشك الموت جوعاً وعطشاً موتاً جماعياً .
شعوب العالم كلها تنتفض
، وتحرج حكوماتها ، وتساند غزة ، وبدأت الشعوب التضييق على الصهاينة ، بإظهار
الكره لهم ، وتحميلهم مسؤولية الوضع المأساوي في غزة . وقدِم المئات من العديد من
دول الغرب الى مصر ، وزحفوا ، سيراً على الأقدام الى الحدود المصرية مع غزة ،
ورأيت رجلاً اوروبياً وهو يبكي بحُرقة ، ويتوسل للجنود المصريين بأن يسمحوا له
بالدخول الى غزة . لكن طبعاً دون أية إستجابة على الإطلاق .
الصمت العربي الرسمي
مُعيب ومُخزٍ . وثبت ان النظام الرسمي العربي برمته لا يستجيب للمحن التي يعيشها
العرب . وتأكد بأنها أنظمة هلامية لا تقوى على فعل أي شيء .
كلنا سوف يسألنا ربّ
العباد عن تقصيرنا ، وعجزنا عن تقديم المساعدات اللازمة لأبناء جلدتنا . لا أحد
منّا سيكون بريئاً او مستثنى ، أبداً . دماء وارواح أطفال ، ونساء ، وشيوخ ، ورجال
، وشباب غزة ( خطيتهم ) في رقابنا جميعاً .