شريط الأخبار
في محاولة جديدة لكسر الحصار…انطلاق 10 قوارب من إيطاليا نحو غزة نيويورك تايمز تكشف: الوسيط "ويتكوف" والعلاقة المزدوجة مع قطر استقالات من اتحاد طلبة جامعة مؤتة احتجاجًا على رفع الرسوم بنسب فلكية تسريبات لتفاصيل حول خطة ترامب بشأن غزة.. فما هي؟ مقتل حلاق بصالون ضربا من "بلطجي" في الزرقاء حماس وافقت مبدئيًا على خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة واشنطن تلغي تأشيرة رئيس كولومبيا لدعوته تحرير فلسطين (فيديو) اصابة رجلي بحث جنائي أثناء القبض على مطلوبين مسلّحين جنوب العاصمة ترامب يفرض رسومًا جمركية صارمة على الدواء والاثاث والشاحنات الحملة الأردنية توزع الخبز على نازحين في خان يونس ترامب يؤكد مجددا: أعتقد أننا توصلنا لاتفاق بشأن غزة سيُنهي الحرب نتنياهو يعربد ويهدد بقاعة شبه فارغة بالامم المتحدة: هاجم المجتمع الدولي واصر على الابادة ورفض الدولة الفلسطينية الجغبير: نمو الصادرات الأردنية بنسبة 8.5% في السبعة أشهر الأولى من 2025 ارتفاع صادرات الاردن لسوريا بنسبة 400 بالمائة العام الحالي طواقم الميداني الأردني جنوب غزة تنقذ حياة طفل تعرض لإصابة خطيرة مقتل عشريني واصابة طفل بمشاجرة بجبل طارق عباس بكلمة عبر الفيديو: مستعدون للعمل مع ترامب لتنفيذ خطة السلام لحل الدولتين إعلام عبري: واشنطن تخطط ليكون توني بلير قائدا لإدارة مؤقتة بقطاع بعد الضربة اليمنية المزلزلة لايلات.. طيران العدو يقصف صنعاء ترامب: الولايات المتحدة باتت قريبة من التوصل لصفقة بشأن غزة

ابو عبدالله الصغير .. ووضع وطننا الكبير

ابو عبدالله الصغير .. ووضع وطننا الكبير


 

عوض ضيف الله الملاحمة 

 

من شابهوا أجدادهم ما ظلموا . التردي الذي يمر به العرب غير مسبوق . وهو نتيجة طبيعية للخيانة ، والعمالة ، وسوء الإدارة ، والتشبث بالسلطة ، والإنحلال الأخلاقي ، والتردي القيمي ، والإنشغال بالتكسب ، والسعي للثراء ، والفسق ، والفجور ، وغياب العدالة

 

وصف عبدالرحمن بن خلدون ، مؤسس علم الإجتماع ، في مقدمته ، أسباب إنهيار الأوطان ، فقال :— (( إن أسباب إنهيار الأوطان والدول تتلخص في عدة عوامل ، أهمها : الظلم ، وتدهور العمران ، وصراع العصبيات ، وفقدان العصبية ، وإتباع الشهوات ، وتقليد الآخرين ، والترف ، وإرهاق الناس في الضرائب والمكوس ، وإهدار المال العام)) . 

 

كما قال عبدالرحمن بن خلدون :— (( أول أسباب سقوط الدول التفريط بالعدل )) . صدق والله : وهو القائل : (( العدل  أساس المُلك )) . مع ان آخرين ينسبونها الى الإمام الغزالي وغيره من الحكماء

 

وأنا بتواضعٍ أُضيف الآتي كمستجدات خاصة في عصرنا الحالي :— (( العمالة ، والخيانة ، والتبعية ، والفساد ، وإقصاء الأكفياء ، وتولية الجهلاء ، وتصدّر السخفاء المشهد العام )) . 

 

كما قال عبدالرحمن بن خلدون ، في رؤيته المستقبلية ، قبل ( ٧ ) قرون ، قال (( عندما تنهار الدول ، يكثر فيها المنجمون ، والمتسولون ، والمنافقون ، والمدَّعون ، والكتبة القوالون ، والمغنون النشاز ، والشعراء النظّامون ، والمتصكعون ، وقارعو الطبول ، وقارئو الكف .. الخ )) . 

 

كما قال عبدالرحمن بن خلدون :— (( أن الدولة تمر بخمس مراحل : الظفر بالمُلك ، والإنفراد بالمجد ، ثم الفراغ والدِّعة ، ثم القناعة والمسالمة ، وأخيراً الإسراف والتبذير )) . 

 

وقدم عبدالرحمن بن خلدون نصيحة ثمينة لمن يود ان يعتبر فقال :— (( لا تولوا السفلة والسفهاء القيادة والمناصب ، مما يؤدي في نهاية المطاف الى سقوط العروش ونهاية الدولة )) . 

 

الحال في وطننا العربي في هذا الزمان ، يشبه تماماً ، زمن آخر حاكم عربي للأندلس / ابو عبدالله محمد الثاني عشر ، المعروف بأبي عبدالله الصغير ، وفعلاً إسمٌ على مسمى ، فهو صغير ، وقميء ، وحقير ، ووضيع ، ضيّع مجد العرب في الأندلس . كان آخر ملوك غرناطه من بني نصير ، مُنهياً بذلك حُكم العرب للأندلس

 

هذا الملك الصغير إسماً وفعلاً هجته أُمه / عائشة عندما رأته يبكي بحرقةٍ عندما سقطت إمارة غرناطة ، آخر معاقل العرب في الأندلس ، حيث قالت له :—

إبكِ كالنساءِ مُلكاً مُضاعاً / لم تحافظ عليه كما الرجالِ . عندما سلّم غرناطة للملك فرناندو والملكة إيزابيلا ، في الثاني من يناير ١٤٩٢م . ليطوي صفحة ما يزيد عن سبعة قرون من الوجود العربي سطروا خلالها معالم الفردوس الذي تتغنى به الحضارات الى الآن

 

الآن ، وفي زمننا الحالي ، أرى أن العرب صِغاراً ، يشبهون أبا عبدالله الصغير حقاً

العرب الآن يشبهونه ، في إداراته لإمارته . جيناته الوضيعة ، ما زالت ممتدة

 

لم يستفد العرب من عِلم إبن خلدون بتاتاً ، مع انه يلعب دوراً توعوياً ، وتوجيهياً ، وإرشادياً عظيماً

 

كما لم يعتبر العرب مما حصل مع أبي عبدالله الصغير ، القميء ، حيث ضيّع الأندلس ، بسبب لهوه ، وترفه ، وسوء إدارته ، وعمله على تولية سفهاء القوم لإدارة دولته ، فهُزِم شرّ هزيمة

 

لتعرفوا ما حالنا : لم يعد للعرب دور في المجتمع الدولي ، ولا يحسب لنا حساب ، ولا هيبة لأقطارنا ، والمجتمع الدولي يعتبرنا تابعون ، خانعون ، أذلاء . لا مجد لأقطارنا ، ولا تتمتع بسمعة جيدة على المستوى الدولي . إستقلالنا شكلي ، وتبعيتنا فعلية وظاهرة . خيراتنا منهوبة او منكوبة بسوء الإدارة ، او يُمنع علينا إستغلالها . وأغلب دولنا متخلفة ، غير متحضرة ، تفتقر لإبسط الخدمات . الإقتتال الداخلي مستمر منذ عقود في العديد من الأقطار . والنزاعات البينية بين الأقطار العربية مستمرة بالخفاء او العلن . الإقتصاد منهار ، المالية العامة عاجزة ، والإستثمار في إنحدار

 

شعوبنا مقهورة ، والعدالة غائبة ، والمساواة مفقودة . لا إحترام للرأي الآخر ، التعبير عن الأفكار مُصادر . نزلاء السجون أكثر من نزلاء المستشفيات ، والمدارس مهملة ، الفقر اصبح درجات منها الفقر المدقع ، البطالة عامة طامة ، دخل الفرد لا يسد الرمق ، الطبقة الوسطى إختفت او تقلصت ، التعليم تردى ، الصحة إنحدرت ، المناهج متخلفة . غلاء ينهش الدخول ، غلاء في الغذاء ، والدواء ، وفواتير المياة والهواتف والكهرباء . الواسطة هي السائدة ، والمحسوبية هي الطاغية . خريجون جدد يتم تعيينهم فوراً بأعلى وارقى المناصب وبرواتب بالألوف ، وخريجون آخرون ينتظرون التعيين لعقد ونصف وربما أكثر

 

وطننا العربي الكبير — الصغير بتأثيره — بمختلف أقطاره ، مُصادرة إرادته ، مسلوب إستقلاله ، مُنهار إقتصاده ( بإستثناء بعض الأقطار الخليجية ) . أقطاره تابعه ومنقادة لأعدائه

 

وطننا العربي الكبير مواطنه مسحوق ، مُصادرة حريته ،  مُتهم وهو بريء ، صدقه مُعاب  ، نزاهته مُدانة ، وإنتمائه منقوص ، ما لم يَدُرّْ في فلك الأنظمة . وإذا دار في فلك الأنظمة يتكسب ، ويترقى ، ويرتقي أعلى المناصب ، ويتقلب دون ان يتعب من موقع لآخر . ويتصدر المشهد ، ويُصبح من عِلية القوم — حتى لو كان وضيعاً — ويتصدر المجالس مع انه فرائصه ترتعد ، لأنه أجوف ، ويفتقر للمعرفة ، والثقافة ، ويكون مهزوماً بداخله ، ضعيفاً ، خاضعاً لأسياده ، يبتغي رضاهم حتى لو على حساب ما تبقى من كرامة ، لإن عدم رضى أسياده سيعيده الى حجمه الطبيعي بعد ان يفقد الدعم الذي اوصله الى ما لا يستحق

 

صدق ربُ العِزة سبحانه وتعالى عندما قال في قرآنه الكريم : (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )) صدق الله العظيم ، الآية ( ١٤٠ ) سورة آل عمران . وصدق المثل العربي القديم : (( الأيامُ دولٌ )) . الأمم مثلما تمر بعصور إزدهار ، لابد ويعقبها عصور إنحدار ، متمنياً ان لا يطول إنحدار العرب ، لأنهم وصلوا لدرجات من الإهانة والإحتقار ربما لم تبلغها أُمة من أُمم الأرض .