تسوّل عابر للحدود!!


د.
محمد علي النجار
(أعلنت وزارة الداخلية في
دولة الكويت قبل أيام، أن قطاع الأمن الجنائي، تمكن من ضبط امرأة تحمل الجنسية
الأردنية (مواليد 2004) متلبسة بتهمة التسول، وتم ضبط زوجها (مواليد 1990)، والذي
كانت تعمل زوجته في التسول بعلمه!!).
هو أمر مؤسف حقًا .. خاصة ونحن في
عصر وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تُخفي أي خبر!! فضّاحة بالصور!! ..
صحيح أن التسول ظاهرة عالمية لا
تكاد تخلو منها عاصمة أو مدينة .. إلا أنها تظل ظاهرة سلبية مرفوضة من كل المجتمعات
.. هذه الحادثة رغم بساطتها الظاهرية، تفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول التحولات
التي تدفع الأفراد إلى مثل هذه السلوكيات؛ فالمرأة في مقتبل العمر، والزوج في سنّ
يُفترض فيه القدرة على العمل والإنتاج .. وبالرغم من أن صفحة الإنسان الأردني
ناصعة البياض .. فمما لا شك فيه أن مثل هذه الحوادث تُلقي بظلالها على سمعة
الجالية الأردنية في الخارج، وأن ارتكاب أحد أفراد الجالية مثل هذا العمل المشين،
ينعكس سلبًا على الصورة الجميلة للوطن والمواطن، صحيح أنها حادثة وتمُر .. إلا أن الأثر الإعلامي يبقى قائمًا، خاصة إذا
تم استغلال مثل هذه الحادثة لتغذية تصورات سلبية، في ظل وجود خطاب إعلامي يميل إلى
التعميم، ولا يُفرّق بين الفرد والمجموعة.
إن هذه التصرفات الفردية لا تمثل
الشعب الأردني، الذي يُعرف بكرامته ونزاهته أينما حل؛ فالمغترب الأردني هو صورة
متنقلة تعكس الإخلاص والإبداع والكرامة والكرم وعزة النفس التي يتمتع بها الإنسان
الأردني، والشهامة التي لا تقبل مثل هذا السلوك .. وبالطبع فإن الأردن شعبًا
وتاريخًا لا يمكن أن يُختزل في تصرفات فردية عابرة.
التسول ظاهرة ملموسة في المجتمع .. قد
تكون بسبب ضيق الحال .. أو نتيجة حالة اجتماعية، أو هي مهنة تُدار بوعي واستغلال ..
وهذه الحادثة هي من النوع الأخير مع سبق الإصرار، مما يستدعي معالجتها من الجهات
المسؤولة، واستحداث آليات فعّالة لرصد واحتواء مثل هذه الحالات قبل تحولها إلى
ظواهر محرجة ..
إن ما جرى في الكويت ليس مجرد خبر
عابر، بل دعوة لمنع تكراره .. ونداء لإعادة النظر في هذه الظاهرة؛ فمن كان محتاجًا
تتولاة مؤسساتنا الاجتماعية .. ومن اتخذها مهنة يؤخذ على يده .. ويمنع من العمل
داخل الحدود وخارجها .. وليبحث له عن مهنة أخرى!!.
إن مؤسساتنا التي يهمها الأمر .. والعاملين
على المعابر الحدودية لن يعجزهم معرفة الأشخاص الذين يغتربون إلى دول بعينها في
مواسم معلومة .. للعمل في مهنة التسول، وجمع الأموال، والمتاع، والمواد الغذائية قبل
عودتهم للأردن .. وفي هذا السلوك بكل تأكيد إساءة للوطن ..
لقد عرف العالمُ الأردنَّ مصدرًا
للعقول .. والعلوم .. والطاقات .. والمواهب .. واليوم نرفض من أي كائن – مع احترامنا
للجميع - أن يشوه صورة وطن النشامى ..
تحية لكل مواطن مخلص يحب وطنه ..
ويحافظ عليه .. ويُعلي شأنه .. ويسعى لرفعته ونموه وتطوره ..
والله من وراء القصد،،،