قصة وعبرة .. عن أمريكي سُلِبت أرضه


عوض ضيف الله الملاحمة
القراء الكرام ، حُبّ
التملك غريزة إنسانية فطرية . وشعور الملكية شيء عظيم ، يدغدغ مشاعر ربما تكون
راكدة ، او مستترة ، او غير ظاهرة ، يُظهرها التملك ، او نزع المُلكية
بالتسلط . حيث ان شعور الإنسان بالتملك يشعره بقيمتة ، وقدرته ، كما يشعره بقيمة
وجوده.
المُلكية ، والشعور
بالتلمك شيء عظيم ، يصعب وصفه . حقوق الملكية تعني حق استعمال الشيء واستغلاله
والتصرف فيه والاستئثار به ، وذلك باستعماله ، واستغلاله ، والتصرف فيه في حدود
القانون . ومعنى مصطلح التملك : ( الحيازة بطريق مشروع مع الانفراد بالتصرف ) .
أما التملّك القسري
بالإحتلال ، بتملّك أرض الغير بطريقة غير مشروعة ، يعني : ( ملكها قهراً ،
وغصباً ، وعنوة ، بالإستيلاء عليها ) .
وحب التملك والاستحواذ
: هو حالة نفسية تتسم برغبة قوية في الامتلاك والسيطرة . وأصل التملك هو وجه
المدخل الى العقار ويكون اما بالشراء ، او الهبة ، او الإرث ، او غيرهما مما
يُكسِب الملكية.
حبُّ تملك الأرض لدى
الانسان هو سلوك فطري يتعلق بالحاجة الى الاستقرار والانتماء ، وهو ما يرتبط بالحس
بالامان والمستقبل ، وهذا الميل يعتبر طبيعياً .
ما ذُكر اعلاه يعتبر
مقدمة ، لقصة سوف أسردها عليكم ، كما وصلتني حرفياً :— [[ سائق البلدوزر الأمريكي
/ مارفن هايمير ، عمره ( ٥٣ ) سنة ، تمت مصادرة أرضه ، نتيجة نزاع على تقسيم
الأراضي من قبل بلدية ( غرانبي ) في ولاية كولورادو الأمريكية ، وتم منحها لرجل
أعمال أنشأ عليها مصنعاً للخرسانة ، أمام منزله ، وتسبب في إغلاق ورشته للحام وهي
مصدر رزقه .
حاول / مارفن ، بشتى
الطرق القانونية إسترجاع أرضه ، لكن دون نتيجة . بسبب ان رجل الأعمال مقرّب من
عمدة البلدية ، وصديق لقاضي البلدة.
عندها قام / مارفن ببيع
جميع ممتلكاته ، واشترى بلدوزر ضخم ، وحصّنه بالفولاذ ، وزوده بأسلحة نارية .
وبعد ذلك قام في عام ٢٠٠٤
، بتدمير ( ١٣ ) مبنى في البلدة ، منها المصنع ، ومنزل القاضي ، الذي أمر بمصادرة
أرضه ، ومبنى الشرطة ، ومنزل عمدة البلدية ، ومحله التجاري ، وأخيراً مبنى البلدية
. حيث علِق هناك ، ولما حاصرته الشرطة ، إنتحر ، وتسبب بخسائر مادية لهم تقدر
بحوالي ( ٧ ) ملايين دولار .
الخلاصة :— الظُلم من
أشد الأمور إيلاماً للنفس البشرية ، وهو من الصفات المذمومة ، التي نهت عنها كل
الديانات.
'' لا تظلمن إذا كنت مقتدراً / فالظلم آخره يأتيك
بالندمِ '' ]] . إنتهى الإقتباس.
لا أظن أنني بحاجة الى
تعليق عميق وتفصيلي ، لأن تفاصيل القصة تتحدث عن عمق دلالة الظلم ، وقدسية الملكية
عامة والأرض خاصة.
راجياً من القراء
الكرام ، وضع أنفسهم مكان الأمريكي / مارفن لو حصل معه نفس ما حصل مع مارفن .
طبعاً من المؤكد ان ردة الفعل ستختلف من شخص لآخر ، لكن ألا يتساوى معه في
القهر كحدٍ أدنى ؟
كما أرجو ان يتخيل أي
واحدٍ منّا ، لو ان عدواً داهمه في بيته ، وبقوته وسطوته ، وجبروته ، وغطرسته
أخرجه من بيته واستولى عليه ، وانتقل اليه ، واصبح مُلكه بالقوة ، والإغتصاب ، هل
يُسلّم بيته ، ويستسلم ، ويخرج منه ويغادره !؟ وإذا حصل وخرج ، هل يكون مطأطأ
الرأس ، ام مرفوع الهامة ، ومنتشياً بنذالته وخِسته وخسارته لبيته ، وسكنه —
راجياً التفكر بكلمة سكن — وهل يغادر دون ان يلتفت الى الوراء !؟
الأمريكي / مارفن ،
إنتصر لأرضه ، التي خسرها إغتصاباً ، ولينتصر لها باع كل ما يملك ، واشترى
البلدوزر ، وحصّنه ، وسلّحه ، لينتقم ، وتوّج تضحيته بالإنتحار قهراً ، ثمناً
لأرضه ، رافضاً العيش وهو يرى أرضه مغتصبة أمامه فيموت قهراً وحسرة في كل ثانية .
من يضع نفسه بمكان الأمريكي / مارفن ، او الشعب الفلسطيني ويمر بما مرّوا به ،
بالقطع سينتصر لهم.
سُئِل الصهيوني / عامي
آيلون ، الرئيس السابق لجهاز الإستخبارات الداخلية / الشاباك : لو كنت فلسطينياً
وتعيش في الضفة الغربية وغزة ، كيف ستكون نظرتك الى إسرائيل ؟ قال : لو كنت
فلسطينياً سأقاتل ضد إسرائيل ، من أجلِ ان أحصل على حريتي . وسُئِل : كيف
ستقاتل ؟ والى أي حدٍ من القذارة ؟ وأجاب : بأنه سيفعل كل شيء حتى يحصل على حريته
، وهذا كل شيء . وسُئل : ما قوة بن غفير وسموتريتش ؟ وما رأيك فيهما ؟ وأجاب :
بأنه يراهما إرهابيين . وسُئل : هل تصف وزير الأمن القومي ، ووزير المالية في
إسرائيل بانهما إرهابيين ؟ وأجاب : بالطبع لأنهما كذلك .