شريط الأخبار
كلب ضال يعقر 5 طلاب بلواء الكورة وفاة طالب جامعي بالتهاب السحايا البكتيرية.. وفحص 46 مخالطا ليظهر عدم مرضهم جمارك السعودية: حبوب كبتاجون في شحنة “زيت” أردنية مجلس الاعيان يقر مشروع قانون خدمة العلم هدر 600 ألف دينار .. توقيف رئيس مجلس إدارة شركة وعضو سابقين فنّ الحرب في المبيعات؛ تحويل الاستراتيجية إلى نجاح واشنطن تستعد لعدوان واسع النطاق على فنزويلا وتخطط لإسقاط الحُكم برئاسة مادورو فتح: اي عصابات شكلها الاحتلال بغزة تشكيلات عميلة وخارجة عن الصف الوطني سند القويدر: مصاب بمرض نادر علاجه من الخارج.. والصحة تعد بحل الجدل استشهاد قائد قسامي ضمن 22 شهيدا بغارات اسرائيلية اليوم غارات إسرائيلية واسعة في مناطق متفرقة جنوب لبنان والبقاع عجز صندوق نقابة الأطباء يرتفع إلى 45 مليون دينار .. وازمة برواتب المتقاعدين ضبط حدث يقود باص كوستر نقل عام بعمان استشاري صدرية يتوقع انتشارا غير معتاد للفيروسات.. والذروة لم تأتِ بعد أجواء معتدلة حتى الثلاثاء.. ثم انقلاب ودخول عدم الاستقرار وتوقع امطار ضغوط لاقالة قائد الجيش.. تصريحات خطيرة لمسؤول أميركيّ عن لبنان بوتين وزيلينسكي يرحبان بحذر بخطة ترامب.. والتسوية المقترحة تصب بصالح روسيا الحملة الأردنية الإغاثية توزع وجبات أرز ولحم على النازحين جنوب غزة "ذا ناشونال إنترست": هيمنة "إسرائيل" المحدودة تصاعد اعتداءات عصابات المستوطنين الإرهابية في الضفة

الفقرة الغامضة في بيان حماس: زمن مؤجل وفخ مفتوح

الفقرة الغامضة في بيان حماس: زمن مؤجل وفخ مفتوح


 

فراس عوض

عضو المجلس المركزي- حزب العمال 

 

كأنّ البيان الأخير لحماس كتب بالحبر على جدار متصدّع؛ فيه وضوح للأعين المتعجلة، وغموض متعمد للذين يقرأون ما بين السطور. ففي الفقرة الأخيرة التي بدت كأنها ذيل للنص، يختبئ الرأس الحقيقي للمعركة المقبلة: "القضايا الأخرى". تلك العبارة الصغيرة التي حملت أثقل الملفات وأخطرها.

 

فقد ميّزت الحركة بدهاء بين ما هو عاجل وطارئ، وما هو مصيري واستراتيجي. بين جراح الدم النازف الذي يحتاج إلى تضميد فوري: وقف الحرب، إدخال المساعدات، تحرير الأسرى؛ وبين أسئلة المستقبل الثقيلة: نزع السلاح، هوية الحكم، الترتيبات الأمنية، علاقة غزة بالعالم. قالت للعالم: ما هو إنساني حاضر اليوم، وما هو سيادي يُرحَّل إلى غدٍ لا يقرّره ترامب ولا نتنياهو، بل "موقف وطني جامع".

 

هنا يتجلى ذكاء البيان؛ إذ أعاد الشرعية إلى الداخل الفلسطيني، ورفع السقف إلى القانون الدولي ليصعب على أي قوة فرض وصاية أو سلب حقوق. لم تُغلق حماس الباب، بل فتحته نحو إطار وطني جامع، كأنها تكتب خريطة طريق جديدة: النقاش ليس مع أمريكا ولا مع الكيان وحدهما، بل بين الفلسطينيين أنفسهم، داخل منظمة التحرير أو هيئة جامعة، حيث يكون السلاح والقرار شأنًا داخليًا لا إملاء خارجيًا.

 

لكن السؤال يتلو البيان كالظل: ماذا عن السلاح؟ كيف يُناقَش في أروقة الإجماع الوطني؟ أهو قوة ردع تبقى بيد المقاومة؟ أم يُدمج في سلطة مستقبلية؟ أم يُعاد تعريفه كسلاح دفاعي تحت سقف دولة قادمة؟ الإجابة ليست سهلة، بل هي معركة طويلة محمّلة بتاريخ من السوابق؛ من أوسلو التي رحّلت القضايا الكبرى إلى الخارج فكانت فخًا، إلى حركات مقاومة عالمية أعادت تعريف سلاحها بدل أن تسلمه.

 

المقارنة هنا حتمية: أوسلو سلّمت أوراقها كلها للخارج، فخرج الفلسطينيون أضعف، بينما حماس اليوم تُبقي أوراقها في الداخل، تحت شرعية شعبية وقانون دولي. هي لا تكرر الفخ نفسه، بل تدير الوقت بصلابة: توافق على الشق الإنساني لتمنع نزيف الدم، لكنها تُبقي الشق السيادي مؤجلًا ريثما ينضج في البيت الفلسطيني.

 

إلا أن الفخ ما زال قائمًا، مختبئًا في الفراغ الزمني بين وقف إطلاق النار وبين حسم "القضايا الأخرى". فما تحقق ليس وقف حرب شاملا، بل هدنة مؤقتة، وقفٌ لإطلاق النار قد يُستأنف عند أول خلاف داخلي أو عند أول محاولة خارجية لفرض نزع السلاح بالقوة. بهذا يبقى الباب مفتوحًا لعودة النار، وتظل الحرب مؤجلة تنتظر ساعة الحسم.

 

الفقرة الغامضة إذن، ليست مجرد حيلة لغوية، بل هي زمن مؤقت تحياه غزة بين رماد الحرب وأفق الاتفاق. ربحت حماس وقتًا وشرعية، وحافظت على أوراق قوتها، لكنها تعلم أن المستقبل لا يزال معلقًا في الهواء، وأن الفخ الأكبر قد يُغلق في اللحظة التي يحاول فيها الخصوم تحويل "القضايا الأخرى" إلى سكينٍ فوق عنق المقاومة.