شريط الأخبار
اسرائيل تتحدى العالم مجددا.. الكنيست يقر مشروعي قانون بضم الضفة الغربية العيسوي يزور مركز نازك الحريري ويشيد بجهوده وبرامجه صاحب وليمة الضليل يحمل نفسه مسؤولية ما حصل.. ويبريء المدعوين وابناء عشيرته من الحدث الأمن السيبراني يحذر: المحتالون يستغلون استعجالكم النائب العام يحظر النشر باحداث مشاجرة الجامعة الاردنية البستنجي: قرار "إعادة هيكلة قطاع المركبات" سيغلق المنطقة الحرة ويرسخ الاحتكار القضاة يدعو الشركات الالمانية لاتخاذ الأردن مركزا لمشروعات اعادة الاعمار في سوريا مع بدء المدارس.. تراجع وتيرة عودة اللاجئين السوريين من الأردن 27% في أيلول هارتس: حماس تفكك كل عصابات إسرائيل بغزة.. وتسيطر على الحكم سريعا قرار مرتقب للعدل الدولية بشأن منع إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة السرقة الهوليودية لمتحف اللوفر تتفاعل: 88 مليون يورو قيمة المجوهرات المسروقة فنانون عالميون يوسّعون مقاطعتهم لإسرائيل مع استمرار جرائم الحرب تجمع ابناء حي الطفايلة لنصرة غزة يعلن توقف نشاطه الاغاثي ولي العهد يفتتح مدينة العقبة الرقمية كأول مشروع رقمي متكامل ولي العهد يدعو إلى توفير بيئة عمل آمنة في مصانع العقبة نقابة المهندسين وهيئة الخدمة والإدارة العامة تبحثان آليات التعاون المشترك الميثاق يوقف رئيس فرعه بالزرقاء ويحوله للمحكمة الحزبية الفايز يترأس جلسة المناقشة العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الجمارك تدعو إلى التخليص على المركبات المشمولة بالقرار الحكومي قبل نهاية الشهر الجنايات الكبرى: 30 سنة أشغالاً مؤقتة لأب قتل طفليه انتقاماً من زوجته

غزة بين أنقاض الحرب وصفقات الإعمار: حين تتحول المساعدات لأداة إعادة رسم خرائط النفوذ

غزة بين أنقاض الحرب وصفقات الإعمار: حين تتحول المساعدات لأداة إعادة رسم خرائط النفوذ


وائل منسي

تُظهر التطورات الأخيرة في غزة ورفح مشهداً إقليمياً معقداً يتجاوز حدود المواجهة العسكرية نحو صراع سياسي واستراتيجي متعدد المستويات، حيث تحاول الأطراف المعنية إعادة تشكيل ميزان القوى الميداني والسياسي ضمن إطار ما يبدو أنه "مرحلة ما بعد الحرب الأولى". 

فحادثة الانفجار في رفح؛ التي اتهمت إسرائيل فصائل مسلحة بالوقوف خلفها، جاءت كذريعة جاهزة لتفجير هدنة هشة، أعقبها قصف جوي مكثف وعمليات عسكرية تحت عنوان "الرد المشروع" بينما الحقيقة تشير إلى إعادة إنتاج الحرب بثوب جديد، يخدم أهدافاً داخلية وخارجية في آن واحد

نتنياهو، الذي يواجه أزمة شرعية داخلية واتهامات من المعارضة بتحويل إسرائيل إلى دولة تابعة لواشنطن، وجد في تجدد القتال فرصة لإعادة الإمساك بخيوط المبادرة، مستخدماً الخطاب الأمني لتوحيد الجبهة الداخلية المنقسمة ولإقناع الإدارة الأميركية بأن الحرب لا تزال ضرورة استراتيجية.

وفي الوقت نفسه، يواصل المتشددون مثل بن غفير وسموتريتش الدفع باتجاه استئناف القتال الشامل، فيما تُظهر المؤشرات الميدانية أن الجيش الإسرائيلي يسعى لخلق أمر واقع في رفح وخانيونس عبر اجتياحات محدودة واستهدافات مكثفة تهدف إلى استنزاف ما تبقى من قدرات المقاومة، وتبرير فشل الهدنة على أنها نتيجة "خرق من حماس"، رغم اعتراف الأخيرة والتزامها العلني ببنود وقف إطلاق النار، بل ونفيها أي علاقة بالأحداث في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال كلياً.

في المقابل، تتعامل حماس ببراغماتية محسوبة ضمن ما يمكن تسميته "الصبر الاستراتيجي"، إذ تسعى إلى كشف العدوان دون الانجرار إلى معركة غير متكافئة، وتحافظ على قنوات الوساطة عبر القاهرة وأنقرة والدوحة، إدراكاً منها أن أي تصعيد غير محسوب سيمنح نتنياهو المبرر لإطلاق موجة إبادة جديدة تحت غطاء الرد المشروع.

 هذا النهج يعكس وعياً بأن الصراع بات يدور على السردية السياسية أكثر من الميدان العسكري، وأن فضح إسرائيل أمام الرأي العام الدولي قد يكون سلاحاً موازياً للصواريخ.

 في الأثناء، تتسارع التحركات الدبلوماسية، إذ تلعب تركيا دور الوسيط الحيوي، مستفيدة من علاقاتها المتشابكة مع كل من تل أبيب وحماس، وتستخدم ملف إنساني كإخراج بعض العائلات من غزة لتثبيت موقعها كفاعل رئيسي في "اليوم التالي". 

وتقرأ إسرائيل هذا الدور بعين المصلحة، إذ تدرك أن إعادة ترميم العلاقة مع أنقرة قد يشكل بوابة لاستقرار اقتصادي وأمني نسبي بعد الحرب.

 

 أما ترامب، العائد إلى المسرح الدولي، فيمارس لعبته القديمة بتصريحات تحمل أبعاداً استخبارية أكثر من سياسية، حيث يلمح إلى ضرورة تنفيذ اتفاقات "صفقة القرن الجديدة" التي تشمل نزع سلاح حماس وإعادة هيكلة غزة وفق رؤية تتقاطع مع مصلحة إسرائيل، بل ويعيد التذكير بخطته لترحيل الغزيين نحو مصر والأردن تحت عنوان "الحلول الإنسانية" في استدعاء صريح لمشروع التصفية الجغرافية للقضية الفلسطينية

هذا الخطاب يجد صداه في بعض الدوائر الإسرائيلية التي باتت تتحدث عن "الحرب الدائمة" أو "حرب النهوض"، كما سماها نتنياهو، بما تعنيه من استراتيجية تطهير جغرافي تدريجي.

 

 ومع كل غارة جديدة على غزة، تتكشف ملامح إعادة هندسة الإقليم وفق معادلة القوة الأميركية-الإسرائيلية المتجددة، التي تسعى إلى تحييد القوى العربية المؤثرة وتوظيف الأزمات المتتالية لتطويع البيئة الإقليمية.

في هذا المشهد المأزوم، تبدو غزة أكثر من ساحة قتال؛ إنها عقدة الصراع بين رؤيتين: رؤية تقاوم البقاء عبر التمسك بالأرض والكرامة، وأخرى تسعى لتصفية الهوية الفلسطينية تحت غطاء التسويات المرحلية

وبينما يزداد المشهد الدولي انقساماً بين صمت أوروبي وتواطؤ أميركي، تستمر إسرائيل في فرض منطق القوة، فيما يلوح في الأفق تحول نوعي قد يعيد تعريف مفهوم المقاومة والردع في المنطقة بأسرها، ويكشف أن ما يجري في رفح ليس سوى فصل جديد من حرب مفتوحة تتجاوز غزة إلى معركة الإرادات الإقليمية الكبرى.