العين العماوي: العقبة مقبلة على تحولات هيكلية عميقة ستعيد رسم ملامح التشغيل الشبابي
العقبة
– أطلقت العين الدكتورة عبلة عماوي نتائج دراستها التحليلية حول مستقبل فرص العمل
للشباب في محافظة العقبة.
وعقدت
جلسة حوارية موسعة بحضور العين شرحبيل ماضي والعين نسيمة الفاخري، وذلك للحديث عن
"رؤية التحديث الاقتصادي” ودورها في خلق فرص العمل للشباب، بمشاركة رئيس سلطة
منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي رمزي المجالي، ونخبة من الخبراء والمستثمرين
وممثلي المجتمع المحلي.
وأكدت
عماوي أن العقبة لم تعد مجرد بوابة الأردن البحرية، بل تحوّلت إلى أحد أهم
المختبرات الوطنية لإعادة تشكيل هيكل الاقتصاد وسوق العمل في إطار رؤية التحديث
الاقتصادي (2023–2033).
وأشارت
إلى أن بيانات مسح قوة العمل لعام 2022 وتوقعات الرؤية تكشف أن المحافظة مقبلة على
تحولات هيكلية عميقة ستعيد رسم ملامح التشغيل الشبابي خلال العقد المقبل، ليس فقط
من حيث عدد الوظائف، بل من حيث نوعيتها، ومستوى إنتاجيتها، وتركيبها القطاعي.
وبيّنت
الدراسة أن عدد الذكور المشتغلين في القطاعات الاقتصادية الرئيسة في العقبة بلغ
19,015 مشتغلاً عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 26,205 مشتغلين عام 2028، ثم إلى
32,718 مشتغلاً بحلول عام 2033، أي بزيادة تقارب 72% خلال عشر سنوات.
ووفق
العماوي فإن الأهمية لا تكمن في النمو العددي فقط، بل في التحول البنيوي الذي يطرأ
على توزيع هذه الوظائف، حيث سجّل قطاع الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي
أكبر تراجع في الوزن النسبي بمقدار 9.6 نقطة مئوية، يليه قطاع تجارة الجملة
والتجزئة بانخفاض 1.1 نقطة مئوية، في مقابل ارتفاع واضح في وزن الصناعات التحويلية
بمقدار 4.4 نقاط مئوية، ما يعكس بداية انتقال من التشغيل الحكومي والخدمي إلى
التشغيل الإنتاجي.
وأظهرت
نتائج الدراسة أن العقبة تتصدر المملكة في قطاع النقل والتخزين، الذي يستحوذ على
18.5% من الذكور المشتغلين في المحافظة، مقارنة بـ 7.5% فقط على المستوى الوطني.
وأوضحت
عماوي أن هذا التركّز يؤكد أن العقبة تمثل القلب اللوجستي للاقتصاد الأردني، وأن
قرابة خُمس القوى العاملة الذكورية تعتمد بشكل مباشر على هذا القطاع، ما يجعله
محركًا رئيسيًا للتشغيل، وفي الوقت ذاته قطاعًا عالي الحساسية لأي تباطؤ في حركة
التجارة.
ودعت
في هذا السياق إلى تحويل النقل من نشاط تشغيلي تقليدي إلى قطاع لوجستي متقدم قائم
على التكنولوجيا والخدمات الذكية.
وفيما
يتعلق بالصناعات التحويلية، أشارت الدراسة إلى أن نسبة العاملين فيها في العقبة
تبلغ 14.8%، وهي أقل من المتوسط الوطني البالغ 16.5%، وأدنى بكثير من محافظات
صناعية مثل الزرقاء.
وهذا
يعكس، بحسب عماوي، أن القاعدة الصناعية في العقبة ما تزال تتركز في الصناعات
الخفيفة والخدمات المساندة للموانئ والمناطق الحرة، مع وجود فرصة حقيقية للتوسع في
الصناعات الغذائية المتقدمة، والصناعات الدوائية، والصناعات المعدنية ذات القيمة
المضافة.
أما
قطاع التعدين واستغلال المحاجر، فيسجّل في العقبة نسبة 4.2% من الذكور المشتغلين،
وهي نسبة مرتفعة نسبيًا، إلا أن غياب الربط بين التعدين والتصنيع والتصدير يحول
دون تحقيق أقصى أثر تشغيلي منه، ويُبقي دور العقبة في هذا المجال ضمن نطاق الشحن
لا المعالجة الصناعية.
وخلصت
الدراسة إلى أن العقبة مقبلة خلال الأعوام العشرة المقبلة على تحول هيكلي في طبيعة
اقتصادها، يتمثل في تراجع الاعتماد على التشغيل الحكومي، وتوسع القطاعات
الإنتاجية، وصعود الاقتصاد اللوجستي الذكي، والسياحة المتخصصة، والخدمات التقنية،
وتغيّر نوعية المهارات المطلوبة من مهارات تشغيلية بسيطة إلى مهارات تحليلية
وتقنية وإدارية متقدمة.
وقدّمت
عماوي مجموعة من التوصيات الاستراتيجية، في مقدمتها بناء استراتيجية وطنية متكاملة
للنقل والخدمات اللوجستية تقودها العقبة كمركز إقليمي، وجذب الصناعات ذات القيمة
المضافة العالية وربطها المباشر بالميناء، ودمج التعدين في منظومة التصنيع
والتصدير، وتوجيه التدريب المهني والتقني نحو احتياجات الاقتصاد الحقيقي، إلى جانب
تعزيز مشاركة الشباب والنساء في القطاعات الإنتاجية.
وأكدت
في ختام عرضها أن العقبة تقف اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية، فإما أن تبقى اقتصاد
خدمات تقليديًا عالي الحساسية للصدمات، أو أن تتحول خلال عشر سنوات إلى منصة وطنية
للتشغيل المستدام، والإنتاج الصناعي، وسلاسل القيمة الإقليمية، مشددة على أن نجاح
هذا التحول مرتبط بسرعة القرار وجرأة السياسات ودقة الاستثمار في الإنسان.













