الذكاء الصناعي والصحافة.. من قلم الـ "بك" إلى الثورة الرقمية
بقلم: عدنان البدارين
بدأت رحلتي في الإعلام
عام 1985 في صحيفة صوت الشعب اليومية في زمن لم نكن نملك فيه سوى قلم
"بك" أزرق وورق "كدش" نكتب عليه أخبارنا لتنتقل بعدها إلى
الصف الضوئي عبر أجهزة طباعة ضوئية ضخمة تدعى crtronic،
ثم إلى المونتاج الورقي فمراحل الطباعة المعقدة.. قبل ذلك بقليل كان الزملاء يصفون
الحروف يدويا من قوالب الرصاص في عملية مرهقة تستنزف الوقت والجهد والمال.
عندما دخل جهاز الفاكس
غرفة التحرير، كانت النقلة هائلة فقد تحولنا من تلقي الأخبار عبر الهاتف وكتابتها
يدويا إلى استقبالها مطبوعة عبر الفاكس وكأننا نعيش اختراعا خارقا غير مفهوم سرعة
الخبر آنذاك.
وفي عام 1991 بدأت
العمل على أول جهاز كمبيوتر ولم يكن يعمل بنظام "ويندوز" بل بنظام تشغيل
بدائي يدعى MS-DOS
386.. بعد ذلك من أتقن التعامل مع الكمبيوتر من الصحفيين بقي في
الميدان أما من تمسك بالطريقة التقليدية فخرج مكرها من المشهد الإعلامي.
هذه المقدمة ليست حنينا
للماضي بل تمهيد لتأمل التحول الجذري الذي شهده الإعلام خلال أربعة عقود من الورق
والحبر إلى الذكاء الصناعي.. واليوم وسط الجدل حول أخلاقيات استخدام الذكاء
الصناعي في الصحافة يبرز سؤال جوهري ماذا لو انتزعنا من الصحفي هاتفه أو حاسوبه؟
كم ستبقى له من أدوات المهنة؟
إنني أؤمن بأن الذكاء
الصناعي ليس تهديدا للصحافة بل امتداد طبيعي لتطورها.. المهم أن يبقى الصحفي أمينا
على نقل الحقيقة وأن يوظف هذه الأدوات لخدمة الدقة والسرعة والعمق لا لاستبدال
الضمير المهني بالآلة.. فالصحفي في كل زمان مهمته الجوهرية واحدة وهي نقل الحقيقة
عندما تقع.
ومن هنا أدعو إلى
احتضان الذكاء الصناعي في غرف الأخبار وتعميمه وتكثيف استخدامه وتدريب الصحفيين
على توظيفه بوعي ومسؤولية لأن مقاومة التطور ليست بطولة بل تعطيل لمستقبل المهنة
التي لم تتغير غايتها منذ أول حبر على ورق وحتى آخر خوارزمية في سطر كود.

























