نصيحة وطنية
د. طارق سامي خوري
قمة السذاجة السياسة أن
يظنّ أحدٌ أن حظر جماعة أو إقصاء تنظيم يعني أن جمهورها ومنتسبيها ومحبيها سيجلسون
في بيوتهم، مستسلمين، ساكنين، لا يمارسون فكرهم ولا يبثّون عقيدتهم، وكأنّ القناعة
تُلغى بقرار، أو أن الانتماء يُطفأ بزرّ!
الفكر لا يُحظر…
والعقيدة لا تُجمّد… والناس لا تتحول إلى تماثيل.
ومن يعتقد أنّه بمجرد
إغلاق عنوان أو منع لافتة سينتهي التيار، يعيش وهماً سياسياً لا يفهم عمق المجتمع
ولا ديناميكياته.
والأهم من ذلك كلّه أنّ
الفكر لا يُحارب إلا بفكر لا بالقمع، ولا بالإقصاء، ولا بصناعة فراغات تملأها
الأوهام. وخوض معركة الوعي هو الطريق الأجدى للدولة وللمجتمع، لأنه يواجه الفكرة
بالفكرة، والحجة بالحجة، ويمنع الانزلاق إلى صراعات شكلية لا تبني وطنًا ولا تحمي
مجتمعًا.
أما الانشغال بإجراءات
لا تُغيّر شيئًا في الواقع، ولا تُقنع أحدًا، ولا تُحصّن المجتمع، فهو مضيعة للوقت
وتشتيت للجهد الوطني. فمن يريد حماية الوطن يبدأ بوعي الناس وفكر الناس، لا
بمطاردة ما يرونه ضلالاً.
الحظر قد يغيّر الشكل…
لكنه لا يلغي الجوهر.
وقد يمنع الاسم… لكنه
لا يزيل الفكرة.
وقد يوقف التنظيم… لكنه
لا يوقف الناس.

















