قطّعنا أوصال وأذناب الإرهاب
عوض ضيف الله الملاحمة
التطرف ، والغلو ، والتشدد ، والتزمت صفات دنيئة ، وغير
إنسانية ، تلغي العقل ، وتجنح بالإنسان الى إستمراء سفك الدماء . من ينتهج نهج
التطرف يكون إرهابياً محترفاً . المتطرف قاتل متوحش يعشق سفك الدماء . المتطرف وحش
إحترف الإجرام . التطرف يُذهِب العقل ، ويَذهَب بالمتطرف بعيداً عن كافة صفات
الإنسان .
ما أسوأ التطرف عندما يرتبط ويستند على دين — أي دينٍ من
الأديان حتى الوضعية منها — لانه يشوهها ، ويحرفها عن مقاصدها الإنسانية ، السمحة .
ماذا يعني التطرف ؟ التطرف الفكري هو إنحراف في التفكير ،
يتبنى آراء او معتقدات متشددة ، تتصف بالتعصب والإنغلاق ، وتتعارض مع ما هو متعارف
عليه من أعراف وقوانين وقيم مجتمعية . وهذا المفهوم يختلف ، بل يتعارض تماماً مع (
الوسطية ) ، التي يدعو اليها الدين الإسلامي الحنيف . والتطرف مرفوض شرعاً بالمطلق
، بل يتعارض مع قيم الإسلام السمحة . والتطرف يعتبر إنحرافاً ينتج عن تداخل
عوامل إقتصادية ، واجتماعية ، وثقافية ، وسياسية ، ويهدد التماسك المجتمعي .
موقع الأردن الجيوسياسي جعله مسرحاً للتطرف بكافة أشكاله ،
وخاصة التطرف الديني الإسلامي . فما من حركة دينية متطرفه في المنطقة ، الا ووجدت
بيئة خصبة في الأردن ، ولو آنياً او مرحلياً .
لكن وعي المجتمع الأردني ، ونشأته على تقبل الآخر ، بالإضافة
الى تسامحه ، وميله للوسطية في حياته عامة ، هذا من جانب . أما الجانب الآخر
المتمثل في يقظة الأجهزة الأمنية الأردنية ، وإتباعها إستراتيجية التتبع
والإستقصاء ، وإستشراف المخاطر ، وفاعليتها الإستخبارية المتقدمة والمتميزة جعلها
في موقف المطلع المدرك للمخاطر ، مما أهلها لإجهاض تلك التنظيمات المتطرفة في
هجمات وقائية ، إستباقية ذكية ، حصيفة ، وحكيمة . حيث ترصد الهدف بإحتراف ، وما ان
تنضج الخطة ، الا وتنقض في الوقت المناسب ، لتكون في موقف وموقع المهاجم لا
المدافع المتفاجيء المرتبك .
لا شُلّتْ أيادي أجهزتنا الأمنية بكافة تخصصاتها ومهامها التي
كلها تلتقي وتتوحد للحفاظ على الوطن من كيد الأعداء بمختلف أشكالهم .
أجهزتنا الأمنية المتيقظة ، المحترفة ، وجيشنا العربي الأردني
الباسل ، مصدر أمان ، وإفتخار هذا الوطن . هذا الوطن الذي لم يُعرف عنه منذ
تأسيسه انه أراد شراً بأية دولة على الإطلاق . هذا الوطن الذي لم يكن يوماً
منكفئاً على نفسه ، بل يقدم العون والمساعدة والمساندة لكل من يطلبها منه . ويتمنى
دوماً من الآخرين ان يتركوه وشأنه ، وان لا يستهدفوه بشرٍ على الأقل .
إستهداف المنطقة العربية بالشر — طمعاً في خيراتها وموقعها
الجغرافي الإستراتيجي— من دولٍ كثيرة إقليمية ودولية ، أوجد نوعين من التطرف
الديني تحديداً :—
١ )) تطرف
محلي :— اي منتج محلي بالكامل نشأةً ، فكراً ، وادوات تنفيذ ، وأقصد بهم
المتطرفين .
٢ )) تطرف
خارجي :— اي منتج أجنبي نشأة ، وتخطيطاً ، وفكراً ، واستهدافاً ، وتمويلاً . أما
أدوات التنفيذ — وهم المتطرفون — فهم محليون من المسلمين عرباً واجانب ، ممن يتم
تجهيلهم ، وغسل ادمغتهم ، وإغراءهم ، وإغراقهم ، وإغواءهم— مثل جهاد النكاح —
ليكونوا أدوات مضلّلة ورخيصة لتنفيذ أجندات الأعداء الغرباء .
وذكرني هذا بما قالته السيدة المبجلة التي أُجِلّ وأحترم
السيدة / أنجيلا ميركل ، المستشارة الألمانية السابقة ، عندما قالت بما معناه :(
أعجب من المسلمين وهم يقتتلون فيما بينهم ، والقاتل يهتف ب الله أكبر ، والمقتول
يهتف ب الله أكبر ) . ربما لأن السيدة / ميركل أكاديمية علمية تتعامل مع الأشياء
المادية الملموسة المحسوسة ، غاب عن ذهنها ، او انها لم تتجرأ وتفصح عن ان تنظيم
داعش الإرهابي ، مثلاً ، صناعة امريكية صهيونية ، وهذا ليس تقولاً عليهم بل
بإعترافات كبار قادتهم ومنهم : الرئيس الأمريكي/ ترامب ، والسيدة / هيلاري
كلينتون .
الأردن دوماً يتبع سياسة النأي بالنفس ، عن زج نفسه في صراعات
المنطقة وأنظمتها ، منذ تأسيسه . كما انه لا يتردد دوماً في تقديم العون للأشقاء
تحديداً ، رغم العوز وضيق ذات اليد . لكنه مع ذلك يكون دوماً في بؤرة الإستهداف
الشرير للنيل منه . لكن خسيء كل من أراد بنا شراً .
كما علينا ان لا ننسى ان هناك أسباباً داخلية تجعل من الأردن
أرضاً خصبة لإنتشار التطرف منها : نسبة البطالة العالية ، والفقر الذي وصل الى
مرحلة الفقر المدقع الذي لم نكن نسمع به قبل بضعة عقود ، إضافة الى الغلاء وغيره
من الاسباب التي تخلق بيئة خصبة وموطيء قدمٍ للإرهاب والتطرف .
أجهزتنا الأمنية بمختلف تخصصاتها ، وشجاعة وبسالة منتسبيها
تقف حجر عثرة ، وعقبة كأداء أمام التطرف والإرهاب ، وتُفشل مخططاته للنيل من وطننا
. ولنا فيما قدمه الشهيد المقدام الرائد / راشد الزيود ، خير مثال على
البسالة والشجاعة والإقدام للنيل من كافة انواع أذرع التطرف والإرهاب ، ليبقى
الأردن عصياً على الإختراق .















