شريط الأخبار
نقابة الاطباء تبحث مع وزير التربية الزام المدارس الخاصة بتعيين طبيب تخفيض أسعار البنزين 20 فلسا والكاز 30 فلسا والديزل 60 العيسوي: الأردن بقيادة الملك نموذج راسخ في الثبات على المبادئ وصون الاستقرار الجيش يحبط أكثر من 418 محاولة تسلل وتهريب ويسقط 89 مسيّرة في 2025 "الشموسة" تواصل اضرارها: 8 اصابات باختناقات المدفأة ادانة نائب سابق 3 آخرين باختلاس 2.2 مليون دينار.. والسجن سبع سنوات 428 مليار دينار صادرات الصناعات الجلدية والمحيكات خلال 10 أشهر "الإدارية العليا" ترد طعن الامانة انهاء خدمات موظف احيل للتقاعد المبكر "الجمهورية" اللبنانية: ما بعد لقاء ترامب - نتنياهو.. ليس كما قبله! 7488 طالبًا فلسطينيا استُشهدوا و11 الفا اصيبوا بعدوان الاحتلال خلال 2025 خلاف السعودية الامارات ينفجر علنا.. وطائرات التحالف تقصف شحنة اسلحة اماراتية.. وابو ظبي تعلن انسحابها من اليمن توقع قبول 56 الف طلب منح وقروض لطلاب جامعيين حين تحدى محمد بكري الصهيونية في هوليوود الخيرية الهاشمية في 2025 .. وفَّرت المأوى والخبز والماء والوجبات الساخنة لمليون غزّي لن تُزهر من دونك... العيسوي: الشباب والأسرة التربوية محل اهتمام الملك وولي العهد وشركاء في تعزيز الوعي الوطني القوات المسلحة و”البوتاس العربية” توقّعان ملحق اتفاقية البحث والتفتيش عن الألغام ومخلفات الحروب صناعة عمّان" و"التربية" تبحثان توفير فرص تدريب مهني لطلبة BTEC لدى المصانع المياه : امتلاء 6 سدود بكامل سعتها التخزينية خلال المنخفض الأخير قراءة نقدية في الدراسة الاكتوارية: الضمان الاجتماعي بين الخلل البنيوي وخيارات السياسات العامة

تقديرًا للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية: تحية عام جديد ودعوة صادقة لبناء الجاهزية المستقبلية

تقديرًا للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية: تحية عام جديد ودعوة صادقة لبناء الجاهزية المستقبلية


 

المهندس نبيل إبراهيم حداد

مستشار الهندسة والصناعة وإدارة المشاريع

 

مع بداية عام جديد، يصبح من الواجب الوطني والأخلاقي أن نقف وقفة تقدير واحترام للرجال والنساء في القوات المسلحة الأردنية، الجيش العربي، والأجهزة العسكرية والأمنية الوطنية، الذين يقفون ليلًا ونهارًا حراسًا أوفياء للوطن، وسندًا ثابتًا لأمنه واستقراره.

لقد كانت المؤسسات العسكرية والأمنية في الأردن، على الدوام، أكثر من مجرد قوى نظامية. فهي ركائز للاستقرار الوطني، والانضباط، والتضحية، والاحتراف المؤسسي. وفي إقليم يرزح تحت وطأة النزاعات والتقلبات الجيوسياسية المتسارعة، لم يكن أمن الأردن واستقراره وليد الصدفة، بل ثمرة يقظة وجاهزية وحكمة أولئك المكلّفين بحماية الوطن، والمواطن، والنظام الدستوري.

وعلى مدى عقود، أثبتت قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية:

ولاءً راسخًا للوطن وأبنائه،

احترافية عملياتية عالية تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية،

توازنًا واعيًا بين الحزم والانضباط واحترام سيادة القانون،

وإدراكًا عميقًا بأن الأمن الوطني يُبنى على قوة المؤسسات وثقة المجتمع.

كما لا يفوتنا في هذا المقام أن نوجّه تحية تقدير ووفاء للمتقاعدين العسكريين من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية؛ أولئك الذين أنهوا خدمتهم النظامية، لكنهم لم ينهوا عهدهم مع الوطن. فهم قوة احتياط وطنية ومهنية، يقفون على أهبة الاستعداد بخبرتهم وانضباطهم وولائهم، ينتظرون نداء الواجب متى طُلب منهم العودة لخدمة الأردن. وجودهم بحد ذاته رسالة طمأنينة، ودليل على أن هذا الوطن لا تنفد رجاله، ولا تنقطع سلاسله الوطنية.

وفي هذا السياق ذاته، نقف بخشوع واحترام أمام شهداء الأردن الأبرار، الذين جعلوا تراب هذا الوطن أكثر قدسية بدمائهم الطاهرة. أولئك الذين لم يقدّموا حياتهم فحسب، بل قدّموا للأجيال معنى التضحية والانتماء والالتزام. إن تضحياتهم لم تكن لحظة عابرة في التاريخ، بل أساسًا راسخًا لأمن الأردن واستقراره وكرامته.

وأسمح لنفسي هنا بإشارة شخصية صادقة، وفاءً للنهج لا للتاريخ الفردي. فقد كان والدي رحمه الله من أوائل من دافعوا عن الأردن منذ أربعينيات القرن الماضي. وقد أُصيب خلال خدمته، وبقيت شظايا في جسده رافقته حتى وفاته، وكانت سببًا في أنه لم يكن يستطيع المرور عبر أجهزة التفتيش المعدنية في المطارات. وقد توفّي مبكرًا، حاملاً آثار خدمته معه حتى آخر أيامه. ورغم ذلك، لم يكن يحدّثنا عن الألم، بل ربّانا على الانضباط، وعلى أن نكون جنودًا في أخلاقنا قبل أن نكون جنودًا في الميدان، وعلّمنا أن السلاح مسؤولية لا استعراض، وأن القوة الحقيقية تكمن في الحكمة، وضبط النفس، واحترام الإنسان والوطن.

وله، في هذا المقام، رسالة وفاء من القلب: اطمئن يا أبي، فأحفادك يتعلمون الانضباط والمسؤولية كما علمتنا؛ وهم يجيدون استخدام السلاح بأمان واحترام للقانون، وأحرص كل عام على اصطحابهم إلى نادي الرماية الملكي للتدرّب على الرماية وفق أعلى معايير السلامة، ترسيخًا لقيم المسؤولية والوعي، لا للاستعراض ولا للاندفاع.

هذا الإرث، الذي تركه الشهداء والروّاد والمتقاعدون العسكريون، هو ما يصنع اليوم شخصية الجندي الأردني، ورجل الأمن الأردني، والمواطن الأردني الواعي بدوره ومسؤوليته. وهو إرث يجب أن يُصان، ويُنقل، ويُترجم في التعليم، والتدريب، وبناء الأجيال القادمة.

إلا أن طبيعة التهديدات اليوم تتغير. فالتحديات الأمنية الحديثة باتت تشمل الأمن السيبراني، والأنظمة غير المأهولة، والذكاء الاصطناعي، والحرب الإلكترونية، وإدارة البيانات، وأمن سلاسل التوريد، والتهديدات الهجينة. ومواجهة هذا الواقع الجديد تتطلب تحديثًا مستمرًا، لا في المعدات والعقيدة العسكرية فحسب، بل وبدرجة أساسية في رأس المال البشري.

وهنا تبرز الحاجة إلى حديث وطني صريح ومسؤول.

إن الجامعات الأردنية مطالَبة بإجراء تغيير جذري وحقيقي في كيفية إعداد الشباب للمستقبل. فلم تعد النماذج الأكاديمية التقليدية كافية. وما نحتاجه اليوم بصورة عاجلة هو:

برامج متقدمة وتطبيقية في الدراسات الدفاعية والأمنية،

أسس متينة في الهندسة، وعلوم البيانات، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والروبوتات، وتكامل الأنظمة،

وتجربة عملية حقيقية داخل منظومات الدفاع والأمن الوطنية، لا الاكتفاء بالمعرفة النظرية.

هذا التحول لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الواقع، بل يجب أن يُبنى من خلال شراكة مؤسسية منظّمة بين:

الجامعات ومراكز البحث العلمي،

القوات المسلحة والأجهزة الأمنية،

والمؤسسات الوطنية الدفاعية والصناعية، وعلى رأسها مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير (JODDB) وغيرها من الصناعات الدفاعية الوطنية.

يمتلك الأردن بالفعل أصولًا وطنية قيّمة: صناعية، وتقنية، وبشرية. وما نحتاجه اليوم هو ربط هذه الأصول بصورة منهجية وفعّالة من خلال:

برامج أكاديمية وصناعية مشتركة،

مبادرات بحث وتطوير تطبيقية،

تدريب عملي، وحاضنات ابتكار، ومختبرات مرتبطة بالأولويات الدفاعية الوطنية،

ومناهج دراسية تُصمَّم وفق احتياجات العمليات المستقبلية لا نماذج الماضي.

وفي هذا الإطار، ومن منطلق المسؤولية المهنية والإيمان بأن التغيير الحقيقي يبدأ من داخل المؤسسات، أودّ الإشارة إلى أنني أعمل شخصيًا على إعداد برنامج تدريبي متكامل لزملائي في الشركة، يهدف إلى:

رفع مستوى الاحتراف المهني والسلوكي،

تعزيز ثقافة العمل المؤسسي والانضباط والمسؤولية،

تطوير المهارات التقنية والإدارية المرتبطة بالمستقبل،

وإعداد موظفين أكثر وعيًا، وأكثر جاهزية، وأكثر قدرة على التكيّف مع التحولات التكنولوجية ومتطلبات المرحلة القادمة.

هذه المبادرة ليست منفصلة عن السياق الوطني العام، بل هي محاولة عملية لترجمة ما نطالب به على مستوى الدولة والمؤسسات الكبرى إلى ممارسة يومية داخل بيئة العمل، إيمانًا بأن بناء المستقبل يبدأ بإعداد الإنسان قبل أي استثمار آخر.

إن التحديث ليس ترفًا، وليس شعارًا إعلاميًا، بل هو ضرورة استراتيجية. فالاستثمار في التكنولوجيا دون الاستثمار في الإنسان القادر على فهمها وتصميمها وتشغيلها وتطويرها سيبقى استثمارًا ناقصًا. وقوة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأردنية في العقود القادمة ستعتمد، إلى جانب الانضباط والشجاعة، على المعرفة والابتكار والتعليم النوعي.

ونحن كأردنيين، نستمد ثقتنا من معرفة أن أبناءنا وبناتنا في الميدان يؤدون واجبهم بشرف ونزاهة وإحساس عالٍ بالمسؤولية الوطنية. وبفضلهم تستمر مؤسسات الدولة في عملها، ويستمر الاقتصاد في الحركة، ويواصل المجتمع مسيرته نحو التقدم بثقة واستقرار. وتقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية ضمان أن تكون الأجيال القادمة أكثر جاهزية، وأفضل تعليمًا، وأقدر على تحمّل هذه الأمانة.

ومع بداية هذا العام الجديد، نتقدم بـ:

خالص الشكر والتقدير لكل جندي وضابط ورجل أمن،

وافر الاحترام لأسرهم التي تشاركهم عبء الخدمة والتضحية،

وأطيب التمنيات بالصحة والسلامة والنجاح في العام القادم.

نسأل الله أن يحمل العام الجديد مزيدًا من الاستقرار، ومزيدًا من التحديث، ومزيدًا من القوة لمؤسسات الدولة الأردنية، قوةٌ يسندها العلم، وتدفعها التكنولوجيا، وتعزّزها الشراكة بين التعليم والصناعة، ويحميها رجال ونساء يؤدون واجبهم بإخلاص.

عاش الأردن.

كل التقدير والاعتزاز بالقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية.