شريط الأخبار
الجيش: تجنيد أولى دفعات خدمة العلم يوم 11 كانون الثاني 2026 القبض على عصابة إقليمية لتهريب المخدرات وضبط 270 كف حشيش منتدى الوسطية يندد بالجريمة الارهابية في استراليا.. ويطالب العالم بوقف جرائم الاحتلال منخفض جوي الاثنين للاربعاء.. أمطار غزيرة وسيول متوقعة . رفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار الحكومة تقرر صرف 20 دينارا لاسر المعونة الوطنية دعما للشتاء الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة تقرير في أستراليا: المواطن الذي حيّد منفذ العملية بيديه العاريتين، مسلم يُدعى أحمد د. منصور يدعو لمدونة سلوك اخلاقي رقمية تنظم تواجد الكوادر الصحية على التواصل الاجتماعي حسان يوجه بتحويل المقصرين والمخالفين بقضية مدفأة الشموسة للادعاء العام هجوم مسلح خلال احتفال حانوكا في سيدني يسفر عن 12 قتيلا وعشرات الجرحى رغم "التنسيق الأمني".. عنصر بالداخلية يقتل جنديين امريكيين ومترجمهم بسورية بين طمأنة الأرقام وإنذار الزمن: قراءة نقدية موضوعية في الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة للضمان الاجتماعي قيادي كبير في حماس يرتقي شهيدا بصواريخ مسيرة للاحتلال الامانة تعيد 19 الف دينار القاها صاحبها بحاوية النفايات خطأ الامن العام: وفاة جديدة بتسمم غاز مدفاة "الشموسة" في عمان "المواصفات" تمتع بيع مدافيء "الشموسة" بانتظار نتائج التحقيقات الفنية انتظار الاجلاء الطبي للخارج قاتل جديد للغزيين "اليونيسف": تفشّي الأمراض يهدد أطفال غزة والحاجة ملحّة لتكثيف المساعدات الصبيحي يشكك: 53% من مشتركي الضمان اجورهم المحتسبة اقل من 500 دينار

الأردن والحساسية الجغرافية!

الأردن والحساسية الجغرافية!

د. زهير ابو فارس 
يبدو أن قدر الأردن، ومنذ تأسيس كينونته السياسية أن يكون ضمن معادلة جيوبوليتيكية معقدة، أو-إن شئتم- ما يمكن أن يسمى «بالحساسية السياسية»، والتي فرضت عليه أن يتعايش معها بكل ما تحمل من تاريخ مثقل بالحساسيات والصراعات والاطماع، والاصطفافات، التي تتغير ككثبان الرمال الصحراوية.


هكذا كانت البدايات، قبل مئة عام، عندما تآمر الحلفاء في الحرب العالمية الأولى على الحلم العربي في إنشاء الدولة العربية المنشودة والموعودة بزعامة الشريف الحسين بن علي ملك الحجاز، ليكون الأردن الأرض التي استطاع الأمير عبدالله المؤسس، بحكمته وذكائه المعهودين، أن ينتزعها من «فم الوحش» الصهيوني، ليسير بها نحو الاستقلال، ولتتواصل مسيرة البناء والتطوير، وصولا إلى المملكة الرابعة، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني.

وبعد الانتكاسات المتتالية، التي أدت إلى انحسار مشروع الدولة العربية في المشرق العربي بقيادة الهاشميين، بعد المؤامرة على الشريف حسين -مفجر الثورة العربية الكبرى، وبعدها الانقلاب الدموي، الذي أسفر عن إبادة وحشية للعائلة الملكية، وإنهاء الحكم الهاشمي في العراق.. نقول، بعد كل هذا الكم الهائل من المؤامرات، وما رافقها من أحداث مأساوية، بقي الأردن مركز الحلم العربي في الحرية والوحدة والحياة الأفضل، حيث استطاع أبناء واحفاد الشريف حسين ان يحافظوا على الراية والرسالة الدينية والتاريخية، واستمروا، بكل أمانة وإخلاص، ف? تحمل مسؤولياتهم التاريخية في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، لتبقى فلسطين في وجدانهم، وجزء اصيلا من عقيدتهم.

لهذه الأسباب وغيرها، بقيت الدولة الأردنية في صراع وجودي دائم مع أكثر من جهة واتجاه في المنطقة. فالعدو الصهيوني الذي يعض قادته أصابعهم ندما على نجاة الأردن من مخططهم الاستعماري، لا تزال أطماعه العدوانية التوسعية قائمة تجاهه، على الرغم من المعاهدات والاتفاقيات المبرمة، وذلك في إطار مشروعهم الاجرامي في تصفية القضية الفلسطينية، واستكمال يهودية الدولة، وبناء هيكلهم المزعوم على انقاض المسجد الأقصى المبارك.

كما أن التحديات التي تواجه بلدنا تزداد خطورة، في ظل غياب المشروع العربي (بعد افشال المشروع الأول الذي التف حوله أحرار العرب)، في مواجهة مشاريع أخرى مؤثرة في المنطقة والاقليم، وهي مشاريع تتنافس حينا، وتتقاطع احيانا أخرى، وفق اصطفافات وتحالفات ومصالح جيوسياسية ذات أبعاد اقليمية ودولية.

وفي ظل هكذا أوضاع لمعادلات الجغرافيا السياسية في المنطقة، يجد الأردن نفسه مضطرا للتكيف والتفاعل مع هذا الواقع، وإدارة سياساته في عالم متغير، انطلاقا من الفلسفة التي قام عليها الحكم في بلادنا، والمتمثلة في جدلية المصالح الوطنية ومنظومة قيمه ورسالته الدينية والتاريخية، والتي هي حقيقة سر النموذج الأردني في الحكم والسياسة، التي كانت ولا تزال محط احترام وتقدير معظم دول العالم.

إن السياسة الأردنية التي يقودها جلالة الملك، وتقوم على تنفيذها الحكومة، تعي تماما طبيعة ما يجري في المنطقة والعالم من أحداث متسارعة، وما يرافقها من اصطفافات وتحالفات متغيرة تحكمها المصالح، وتقوم الدبلوماسية الأردنية بمتابعتها بكفاءة ومهنية عالية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات ومواقف، بما يحافظ على مصالحنا الوطنية، وفي الوقت ذاته، لا تالو جهدا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وبخاصة في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية والحق التاريخي في الوصاية عليها.

إن التطورات الأخيرة في معادلة الصراع الإقليمي والمرتبطة باتفاق المصالحة بين الأشقاء في المملكة العربية السعودية وايران برعاية صينية، دليل ساطع على طبيعة الديناميكيات الحاصلة في الإقليم والعالم، الذي يشهد - على ما يبدو - تغييرات تحدث، واصطفافات وتحالفات تتشكل على مستوى العالم، ولربما ان البشرية مقبلة على مرحلة، سمتها خلط جديد لأوراق تاريخنا المعاصر، وقد يكون للصراعات القائمة، أو للحروب القادمة (او الوصول إلى ما يسمى حافة الهاوية النووية).. الدور الحاسم في إعادة توزيع هذه الأوراق، التي من المؤكد انها لن توزع?بالطريقة السابقة.

ويقينا ان المخاض الذي يشهده العالم اليوم سينتج عنه، بالضرورة، عالم جديد بنظامه وقواعده وعلاقات دوله وشعوبه.

والغريب أن هناك بيننا، وفي ظل هذه الأوضاع الكونية المعقدة، والتحديات الهائلة، من يطالب الدولة بركوب المستحيل، غير آبه بالنتائج والاخطار التي تواجه الأردن والمنطقة. لكننا على قناعة بحكمة قيادتنا وقدرتها على إدارة السياسة بما يحافظ على الاردن ومصالحه الوطنية. فالدول لا تدار بالعواطف والتمنيات، مهما كانت نبيلة. فمن يركب المستحيل سيفقد الواقع، لا محالة!.

"الرأي"