شريط الأخبار
الملك وامير الكويت يؤكدان الاعتزاز بالعلاقات الاخوية التاريخية بين البلدين قراءات إسرائيلية: هذه الأخطاء قلصت من قدرة الاحتلال على حسم الحرب في غزّة توسيع "حزب الله" هجماته على الكيان.. المغزى والدلالات؟ "العليا للإعمار" تنفذ مشروع ازالة النفايات الصلبة من شوارع وطرقات غزة "ستريت جورنال": جيش الإحتلال يبدأ في حشد قواته تمهيدا لغزو رفح ارقام مرعبة من العدوان الصهيوني: 79 طفلا و50 امراة معدل الشهداء يوميا في غزة حشد امني كبير لازالة وضبط سرقة كميات كبيرة من المياه والتجارة بها الجمارك تحبط تهريب 74 الف حبة كبتاجون بمركز حدود جابر أول أيام "الفصح اليهودي".. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحمون الأقصى دراسة مرعبة: %16 من أطفال و%23 من مراهقي الأردن يعانون الاكتئاب الحاد اتخفاض اسعار بيع الذهب نصف دينار بالسوق المحلي الاحتلال يحضر منطقة لمليون نازح تمهيداً لتوسيع الحرب على رفح حرارة الصيف تطرق الابواب: اجواء حارة وجافة حتى الجمعة امريكا تدوس على الحريات: قمع واسع واعتقالات للمتضامنين مع غزة بالجامعات الامريكية الافراج عن مجموعة جديدة من موقوفي اعتصامات السفارة العليا للإعمار في فلسطين تباشر بتزويد شمال قطاع غزة بالطاقة الشمسية كيف انهارت إستراتيجية إسرائيل للحروب.. وصحف عالمية:القادم اخطر ماذا فعل حزب الله بشمال اسرائيل.. الاسرائيليون: حوّله بقواعده العسكريّة ومُستوطناته لحقل تجارب ودمار جثامين بلا رؤوس وأجساد دون جلود: انتشال المزيد من المقابر الجماعية بغزة الملك: التصعيد بالمنطقة قد يوسع دائرة الصراع ويهدد امنها واستقرارها

الأردن والحساسية الجغرافية!

الأردن والحساسية الجغرافية!

د. زهير ابو فارس 
يبدو أن قدر الأردن، ومنذ تأسيس كينونته السياسية أن يكون ضمن معادلة جيوبوليتيكية معقدة، أو-إن شئتم- ما يمكن أن يسمى «بالحساسية السياسية»، والتي فرضت عليه أن يتعايش معها بكل ما تحمل من تاريخ مثقل بالحساسيات والصراعات والاطماع، والاصطفافات، التي تتغير ككثبان الرمال الصحراوية.


هكذا كانت البدايات، قبل مئة عام، عندما تآمر الحلفاء في الحرب العالمية الأولى على الحلم العربي في إنشاء الدولة العربية المنشودة والموعودة بزعامة الشريف الحسين بن علي ملك الحجاز، ليكون الأردن الأرض التي استطاع الأمير عبدالله المؤسس، بحكمته وذكائه المعهودين، أن ينتزعها من «فم الوحش» الصهيوني، ليسير بها نحو الاستقلال، ولتتواصل مسيرة البناء والتطوير، وصولا إلى المملكة الرابعة، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني.

وبعد الانتكاسات المتتالية، التي أدت إلى انحسار مشروع الدولة العربية في المشرق العربي بقيادة الهاشميين، بعد المؤامرة على الشريف حسين -مفجر الثورة العربية الكبرى، وبعدها الانقلاب الدموي، الذي أسفر عن إبادة وحشية للعائلة الملكية، وإنهاء الحكم الهاشمي في العراق.. نقول، بعد كل هذا الكم الهائل من المؤامرات، وما رافقها من أحداث مأساوية، بقي الأردن مركز الحلم العربي في الحرية والوحدة والحياة الأفضل، حيث استطاع أبناء واحفاد الشريف حسين ان يحافظوا على الراية والرسالة الدينية والتاريخية، واستمروا، بكل أمانة وإخلاص، ف? تحمل مسؤولياتهم التاريخية في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، لتبقى فلسطين في وجدانهم، وجزء اصيلا من عقيدتهم.

لهذه الأسباب وغيرها، بقيت الدولة الأردنية في صراع وجودي دائم مع أكثر من جهة واتجاه في المنطقة. فالعدو الصهيوني الذي يعض قادته أصابعهم ندما على نجاة الأردن من مخططهم الاستعماري، لا تزال أطماعه العدوانية التوسعية قائمة تجاهه، على الرغم من المعاهدات والاتفاقيات المبرمة، وذلك في إطار مشروعهم الاجرامي في تصفية القضية الفلسطينية، واستكمال يهودية الدولة، وبناء هيكلهم المزعوم على انقاض المسجد الأقصى المبارك.

كما أن التحديات التي تواجه بلدنا تزداد خطورة، في ظل غياب المشروع العربي (بعد افشال المشروع الأول الذي التف حوله أحرار العرب)، في مواجهة مشاريع أخرى مؤثرة في المنطقة والاقليم، وهي مشاريع تتنافس حينا، وتتقاطع احيانا أخرى، وفق اصطفافات وتحالفات ومصالح جيوسياسية ذات أبعاد اقليمية ودولية.

وفي ظل هكذا أوضاع لمعادلات الجغرافيا السياسية في المنطقة، يجد الأردن نفسه مضطرا للتكيف والتفاعل مع هذا الواقع، وإدارة سياساته في عالم متغير، انطلاقا من الفلسفة التي قام عليها الحكم في بلادنا، والمتمثلة في جدلية المصالح الوطنية ومنظومة قيمه ورسالته الدينية والتاريخية، والتي هي حقيقة سر النموذج الأردني في الحكم والسياسة، التي كانت ولا تزال محط احترام وتقدير معظم دول العالم.

إن السياسة الأردنية التي يقودها جلالة الملك، وتقوم على تنفيذها الحكومة، تعي تماما طبيعة ما يجري في المنطقة والعالم من أحداث متسارعة، وما يرافقها من اصطفافات وتحالفات متغيرة تحكمها المصالح، وتقوم الدبلوماسية الأردنية بمتابعتها بكفاءة ومهنية عالية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات ومواقف، بما يحافظ على مصالحنا الوطنية، وفي الوقت ذاته، لا تالو جهدا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وبخاصة في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية والحق التاريخي في الوصاية عليها.

إن التطورات الأخيرة في معادلة الصراع الإقليمي والمرتبطة باتفاق المصالحة بين الأشقاء في المملكة العربية السعودية وايران برعاية صينية، دليل ساطع على طبيعة الديناميكيات الحاصلة في الإقليم والعالم، الذي يشهد - على ما يبدو - تغييرات تحدث، واصطفافات وتحالفات تتشكل على مستوى العالم، ولربما ان البشرية مقبلة على مرحلة، سمتها خلط جديد لأوراق تاريخنا المعاصر، وقد يكون للصراعات القائمة، أو للحروب القادمة (او الوصول إلى ما يسمى حافة الهاوية النووية).. الدور الحاسم في إعادة توزيع هذه الأوراق، التي من المؤكد انها لن توزع?بالطريقة السابقة.

ويقينا ان المخاض الذي يشهده العالم اليوم سينتج عنه، بالضرورة، عالم جديد بنظامه وقواعده وعلاقات دوله وشعوبه.

والغريب أن هناك بيننا، وفي ظل هذه الأوضاع الكونية المعقدة، والتحديات الهائلة، من يطالب الدولة بركوب المستحيل، غير آبه بالنتائج والاخطار التي تواجه الأردن والمنطقة. لكننا على قناعة بحكمة قيادتنا وقدرتها على إدارة السياسة بما يحافظ على الاردن ومصالحه الوطنية. فالدول لا تدار بالعواطف والتمنيات، مهما كانت نبيلة. فمن يركب المستحيل سيفقد الواقع، لا محالة!.

"الرأي"