شريط الأخبار
مقتل 5 عسكريين اسرائيليين بمعارك جنوب لبنان.. وحزب الله يواصل قصفه القائد السنوار يستشهد بعد اشتباك مع قوة صهيونية واستشهد قائد المقاومة واقفا.. وبقيت روح الأسطورة اعلام عبري: "حزب الله" يتعافى ويُكثف قصفه وإسرائيل تُعاني نقصا بالصواريخ قصف امريكي ثقيل على مخازن اسلحة باليمن الجيش يحبط محاولة تهريب مخدرات على الواجهة الغربية شركات التامين: لائحة الاجور الجديد لنقابة الاطباء ستضر بشكل مدمر المواطن الاحتلال النازي يواصل ابادة شمال غزة: قتلا وتدميرا وتجويعا الجنوب اللبناني يستعصي على الغزاة.. وقتلى وجرحى اسرائيليين الأردن يرحب بقرار أممي يطالب بوقف الاحتلال إجراءاته في القدس ازمة هجرة حادة تجتاح أوروبا.. والقارة العجوز تعيد المجد للنازية الملك يستقبل وزير خارجية إيران: الأردن لن يكون ساحة للصراعات الإقليمية المنطقة العسكرية الجنوبية تنفذ تمرين "الوعد الحق" لاختبار الجاهزية العملياتية الملك يؤكد ضرورة الاستفادة من الفرص السياحية والطبيعية والزراعية بالطفيلة "مكاتب الاستقدام".. شمول عاملات المنازل بالعلاج النفسي الملك يستهل زيارته للطفيلة بتفقد جامعتها التقنية الملك يستقبل وزير الخارجية الايراني دعوة الأردنيين "الذكور" لتأجيل خدمة العلم أو شهادة الإعفاء انتقادات للرفع الكبير لأجور الأطباء.. النقابة تدافع وشركات التامين تلوح بالقضاء 50 شاحنة مساعدات أردنية تعبر إلى شمال غزة

محاولة للفهم.. هل ثمة حرب على السيارات الكهربائية الصينية في الأردن؟

محاولة للفهم.. هل ثمة حرب على السيارات الكهربائية الصينية في الأردن؟


 

ماجد توبه

عاد مصطلح "الغزو" لينتشر بقوة في الاخبار والتغطيات الصحفية في الاونة الاخيرة، لكنه ليس غزوا عسكريا، بل حديث عن غزو للسيارات الصينية الكهربائية للاسواق العالمية، ومن ضمنها طبعا الاردنية! ولمواجهة هذا "الغزو الصيني" استنفرت الولايات المتحدة ودول غربية لمواجهته حماية لصناعاتها الوطنية من سيارات كهربائية وغير كهربائية، تمخضت اخيرا عن رفع ادارة بايدن نسبة الضريبة على السيارات الصينية المستوردة للولايات المتحدة من 25% الى 100%.

"الغزو" الصيني الكهربائي للسوق الأردني كان واضحا ولافتا، بل وطبيعيا، في ظل انخفاض اسعار السيارات الصينية مقارنة بمثيلاتها الغربية واليابانية، وكان الاقبال عليها كبيرا لانخفاض اسعارها وتوفيرها الكبير في الطاقة مقارنة باستخدام البنزين، الذي باتت اسعاره اردنيا فاحشة مع فرض الضريبة الخاصة عليه.

العام الماضي تم التخليص من المنطقة الحرة على نحو 50 الف سيارة كهربائية، اغلبها من الصين، فيما تؤشر الاحصاءات الرسمية الى تزايد الاقبال على اقتناء هذه السيارات العام الحالي، حيث بين وزير الصناعة والتجارة يوسف الشمالي ان 70% من السيارات التي دخلت المملكة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي كانت كهربائية.

ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة، جهاد أبوناصر، كان اعلن أنّ حركة التخليص في المنطقة الحرّة الزرقاء تشهد نموّاً في التخليص على مركبات الكهرباء.

وقد ارتفع التخليص على المركبات الكهربائية بشكل ملحوظ بواقع 12617 مركبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقابل 5686 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة نمو وصلت إلى 122%، وذلك حسب إحصائيات هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية. فيما شهد العام الماضي التخليص على 38277 مركبة كهربائية مقارنة بـ15576 مركبة كهربائية عام 2022 .

طبعا جاء ارتفاع استيراد السيارات الكهربائية مقابل "تراجع كبير" على التخليص على مركبات البنزين في الربع الأول من العام الجاري بواقع 1355 مركبة فقط، مقارنة بـ3309 مركبات خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بنسبة انخفاض 59%..

 

حملة ضد السيارات الكهربائية

في ظل هذا الواقع لتزايد انتشار سيارات الكهرباء، خاصة الصينية، في الاردن، ظهرت بوضوح ما يمكن تسميتها بـ"حملة" ضد السيارات الكهربائية الصينية بدعاوي "عدم سلامتها" وخطورتها، وتم نشر فيديوهات لحوادث قليلة جدا لاحتراق بعضها او فقدان السيطرة عليها مع تعليقات غير علمية ومبهمة، وكان اخرها فيديو من جبل الحسين نشرته مواقع اخبارية ومواقع تواصل لسيارة كهربائية صينية قيل انها تحركت لوحدها واصطدمت بمجموعة سيارات، ليتبين وحسب توضيح لاحق للامن العام ان السيارة تحركت بفعل اهمال سائقها وارتباكه خلال تحميل ابنه!

كما احتفت مواقع اخبارية وتواصل اجتماعي بدراسة بريطانية تحدثت عن ارتفاع معدل حوادث الدهس بالسيارات الكهربائية او الهجينة ببريطانيا مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين والديزل. الخبر نشر مضللا في الاردن وغيرها من دول حيث تم صياغته دون التركيز على الاسباب التي خلصت اليها الدراسة ذاتها لتفسير التزايد النسبي لحوادث الدهس بالسيارات الكهربائية.

 

دراسة وقعت من السماء

الدراسة لم تتحدث نهائيا عن اختلالات فنية في السيارات الكهربائية كسبب لحوادث الدهس، بل فسرتها بثلاثة اسباب، اولها هو تميز هذه السيارات بالهدوء التام بخلاف الضجيج للسيارات العاملة بالنزين الذي يعمل كعامل تنبيه للمشاة أثناء السير إلى جانبي الطرق أو عبور الشوارع.، والثاني ان معظم المقبلين على شراء السيارات الكهربائية هم من فئة الشباب الصغار (16 – 24 عاما)، مما يعني ان الخطر قد يكون بسبب السائقين وتهورهم.

اما العامل الثالث الذي يفسر المشكلة حسب الدراسة هو ثقل وزن السيارة الكهربائية ما يجعل قدرة الفرامل على كبح السيارة في حالات الطوارئ أقل.

طبعا احد العوامل الرئيسية التي يمكن ان تفسر زيادة الحوادث بالسيارات الكهربائية والهجينة هو تزايد اعدادها والاقبال على استخدامها بمعدلات مرتفعة. فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية فإن عدد السيارات الكهربائية والهجينة وصل بنهاية عام 2022 إلى 26 مليون سيارة تنتشر بجميع أنحاء العالم مقابل نحو مليار و400 مليون سيارة تقليدية.

تزايد نشر الاخبار السلبية، واحيانا المضللة، ضد السيارات الكهربائية في الاردن اعاده البعض الى ما اعتبروه مواقف وكلاء سيارات غير صينية، والذين وجدوا منافسا قويا لهم بانتشار السيارات الكهربائية خاصة الصينية، حيث يشكل وكلاء السيارات لوبيا ضاغطا لا يستهان به، فيما تتلقف بعض المواقع الاعلامية الاخبار دون تدقيق او تمحيص، خاصة تلك المثيرة للجمهور! بينما لم يتردد تجار سيارات كهربائية صينية باتهام البعض بنشر اخبار "مدفوعة" دون تقديم اي دليل طبعا.

 

تعليمات واشتراطات رسمية جديدة

الموقف الاكثر اثارة واستغرابا تجاه السيارات الصينية الكهربائية هو الموقف الحكومي، الذي بدا مشجعا للحملة عليها، منتهيا باصدار تعليمات جديدة لإجراءات تقييم المطابقة للمركبات الكهربائية، بموجب قانون المواصفات والمقاييس، بهدف "ضمان مطابقة المركبات التي ستدخل المملكة لمتطلبات جديدة".

وتضمنت التعليمات حظر استيراد وعرض المركبات غير المطابقة للتعليمات الجديدة، واشتراط تقديم شهادة الموافقة النوعية الأوروبية للمركبة أو شهادة المطابقة لمواصفات السلامة قبل الاستيراد.

التعليمات الجديدة كان واضحا فيها استهداف استيراد سيارات الكهرباء الصينية، وهو ما لم يتردد ممثل قطاع المركبات بهيئة مستثمري المناطق الحرة جهاد ابو ناصر من قوله لقناة المملكة قبل ايام، حيث  أكّد، أن التعليمات الجديدة التي استثنت الهايبرد والبنزين دون مبرر، "تهدف إلى الحد من انتشار المركبات الكهربائية في الأردن على الرغم من فعاليتها بالتوفير على المواطنين والحفاظ على البيئة".

وقال أبو ناصر، إنّ جميع المركبات الكهربائية الموجودة في الأردن حاليا، لا تملك الشهادات المطلوبة ضمن تعليمات المواصفات والمقايس، وذلك لأنها لم تمكن مطلوبة أساسا. وعبر عن استغرابه من "طلب شهادات الموافقة الأوروبية والأميركية، على الرغم من أن الصين صنعت أكثر من 30 مليون مركبة تتمتع بمواصفات سلامة عالية”.

الخبير في مجال النفط والطاقة، هاشم عقل كان أكد بتصريح سابق عدم وجود مواصفة دولية للمركبات الكهربائية؛ سواء في أمريكا أو اوروبا، مبيّنا أن المواصفة الوحيدة في العالم موجودة في الصين، نظرا لكونها الدولة الاكثر تصنيعا للمركبات الكهربائية.

اللافت هنا، ان الحملة الامريكية والغربية الشعواء على السيارات الصينية الكهربائية لم تبرر نهائيا بوجود مواصفات فنية سلبية في تلك السيارات، بل بررت فقط بانها لحماية صناعة السيارات الامريكية والغربية، باعتبار ان الحكومة الصينية تدعم صناعة السيارات الكهربائية لديها مما يمكنها من المنافسة الكبيرة بالاسعار، ناهيك عن ان الاجراءات الامريكية والاوروبية تاتي ضمن الحرب التجارية مع الصين ومحاولة ضرب نموها الاقتصادي.

تجدر الاشارة هنا، الى ان الولايات المتحدة لا توفر الضغوط على دول كثيرة في العالم، خاصة الحليفة لها، لرفض الاستثمارات الصينية وعدم توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية معها وذلك ضمن الحرب التجارية العالمية المشتعلة بين القطبين، ودون مراعاة لمصلحة الدول التي يمكن ان تستفيد من الاستثمار الصيني.

 

 

سؤال الجدوى الاقتصادية حاضر بقوة

التوقع اليوم ان ترتفع اسعار السيارات الكهربائية في الاردن بعد التعليمات والاشتراطات الجديدة، والتضييق على استيرادها من الصين وبالتالي الحد من انتشار مثل هذه السيارات بين المواطنين، وبقاء الاعتماد اكبر على سيارات البنزين.

لكن السؤال هو لماذا لا تشجع الحكومة على انتشار السيارات الكهربائية وهو امر يوفره الاستيراد من الصين، رغم اننا ملتزمون كما باقي العالم بخفض التلويث وانبعاثات الكربون واستخدام الطاقة النظيفة؟ وايضا فان انتشار السيارات الكهربائية يوفر مليارات الدولارات بدل استيراد مشتقات نفطية؟!

والسؤال الذي بات يتردد كثيرا اليوم: هل ستلجا الحكومة الى العودة الى رفع نسبة الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية، بعد ان كانت قدمت دعما لها من خلال فرض نسبة ضريبة خاصة مخفضة على هذه السيارات أسهمت بتقديمها بأسعار معتدلة للمواطنين مما أدى لزيادة الإقبال عليها.؟

وكما قال الخبير هاشم عقل، فإن الحكومة (كما هو مفترض) هي المستفيد من انتشار المركبات الكهربائية، الأمر الذي يستوجب منها تشجيع المواطنين على اقتنائها".

 

واوضح أن الدولة "توفّر نحو (4.5) مليار دينار سنويا في حال التحول نحو المركبات الكهربائية، نظرا لعدم استيراد المشتقات النفطية وقطع الغيار لمركبات البنزين، وبالتالي تستطيع استثمار هذه المبالغ في تعزيز قوة الدينار ورفع احتياطات العملة الصعبة".

ولفت عقل إلى أن واردات الخزينة من الضريبة الخاصة على المشتقات النفطية تبلغ (1.2) مليار دينار سنويا.

ومن الجملة الاخيرة لعقل يمكن تفسير عدم تشجيع الحكومة حقا للسيارات الكهربائية، فهي ستخسر جزءا مهما من واردات الضريبة الخاصة على المشتقات النفطية بالتحول عن استخدام سيارات البنزين على المدى القصير، ويبدو انها لا تفكر بالمدى المتوسط ولا البعيد عند تخطيطها اقتصاديا وماليا؟!