بعد صمت القبور ضد العدوان الصهيوني
بيادق المعارضة السورية المسلحة تشحذ مدافعها وتنادي بحلب مع محو غزة!
تساؤلاتٌ كثيرة مطروحة عن توقيت انطلاق
عملية ما وصفتها المُعارضة السورية المسلحة بـ”درع العدوان”، ضد الجيش العربي
السوري، ومن هي الجهات التي تقف خلف العودة للتصعيد، بعد اتفاق وقف التصعيد، حيث
المشهد في لبنان ذهب نحو اتفاق هدنة مع حزب الله، في الوقت الذي يُعاد فيه إشعال
الجبهة السورية.
وهذا التصعيد هو الأوّل من نوعه منذ
مارس/ آذار 2020، عندما اتّفقت روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد، وتركيا
التي تدعم فصائل المعارضة، على وقف لإطلاق النار أدى إلى وقف المواجهات العسكرية
في آخر معقل كبير للمسلحين في شمال غرب سوريا.
العين على تركيا بطبيعة الحال، كونها
الداعم الأوّل لفصائل المُعارضة، وذلك بعض رفض مُتواصل من الحكومة السورية لدعوات
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتطبيع، طالما رفض أردوغان سحب قوّاته من شمال
سورية، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول وجود تحريض تركي على هذه العملية السورية
العسكرية.
وزارة الدفاع التركية من جهتها أعلنت
موقفها الأوّلي من عملية "درع العدوان” السورية، حيث قالت إنها تُراقب التطوّرات
"عن كثب” التحرّكات الأخيرة لفصائل المعارضة في شمالي سورية، وأكّدت اتخاذ كافة
الإجراءات من أجل ضمان أمن القوّات التركية الموجودة هُناك، ويُوحي تصريح الدفاع
التركية هُنا بأن تركيا مُحايدة بشأن هذه العملية، فهل تتصرّف الفصائل المعارضة
السورية المسلحة بمُفردها فعلًا، ودون دعم خارجي؟
قناعة الجيش العربي السوري تبدو ذاهبة
باتجاه دعم خارجي لهذه العملية حيث علّق قائلاً على هذه الأحداث التي وصفها
بالهجوم الكبير، إنه "وفي انتهاك سافر لاتفاق خفض التصعيد وبإيعاز من مشغليها
الإقليميين والدوليين، قامت التنظيمات الإرهابية المنضوية تحت ما يسمى "جبهة
النصرة الإرهابية” والموجودة في ريفي حلب وإدلب بشن هجوم كبير وعلى جبهة واسعة
صباح يوم الأربعاء مستهدفة القرى والبلدات الآمنة ونقاطنا العسكرية في تلك
المناطق”.
وأضاف بيان الجيش السوري "تصدّت قواتنا
المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن وكبدت التنظيمات الإرهابية
المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وتقوم قواتنا بمواجهة التنظيمات
الإرهابية بمختلف الوسائط النارية وبالتعاون مع القوات الصديقة وصولاً لإعادة
الوضع إلى ما كان عليه”.
وقالت وزارة الدفاع السورية إن هيئة
تحرير الشام وفصائل أخرى موجودة في ريفي إدلب وحلب قامت "بشن هجوم كبير على جبهة
واسعة صباح يوم الأربعاء 27 / 11 /2024 بأعداد كبيرة من الإرهابيين وباستخدام
الأسلحة المتوسطة والثقيلة مستهدفة القرى والبلدات الآمنة ونقاطنا العسكرية في تلك
المناطق”.
فيما أعلنت فصائل المعارضة السورية –
بقيادة هيئة تحرير الشام – في شمال غربي البلاد، أمس الأربعاء، بدء عملية عسكرية
واسعة ضد قوات الجيش السوري و”المليشيات المُوالية لإيران” في ريف حلب الغربي،
وأوضحت هذه الفصائل أن الحملة العسكرية تهدف إلى "توسيع المناطق الآمنة” للمدنيين،
ما يضع علامات استفهام حول حقيقة نوايا هذا التوسيع في ظل فشل هذه الفصائل بإسقاط
الدولة السورية على مدى سنوات منذ اندلاع المُؤامرة ضد سورية.
وكشفت وكالة "رويترز” عن مصدر عسكري لم
تسمه، أن مسلحي المعارضة تقدموا وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف
مدينة حلب، وعلى بعد بضعة كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء، اللتين يوجد بهما حضور
قوي لجماعة حزب الله اللبنانية.
إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة
الأمريكية، ليست بمعزلٍ عن التصعيد في سورية من خلال فصائل المُعارضة، حيث يأتي
التصعيد ضد الجيش السوري بعد التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو خلال تعليقه على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ووجّه نتنياهو حديثه
للرئيس السوري بشار الأسد قائلًا: "الأسد يجب أن يفهم أنه يلعب بالنار”.
كما أضاف أن إسرائيل "تقوم بإجهاض
محاولات إيران وحزب الله والجيش السوري لتمرير الأسلحة إلى لبنان”، وبالنظر لتوقيت
التصعيد، لا يُمكن استبعاد فرضية وجود أصابع إسرائيلية في تحريك المعارضة السورية
ضد حكومة دمشق.
وقبل تهديد نتنياهو نشر الجيش
الإسرائيلي عدة اتهامات للدولة السورية "الداعمة للمُقاومة”، صدر آخرها من جانب
رئيسة قسم الإعلام العربي، كابتن إيلا، إذ قالت إن الحكومة السورية تُساعد إيران
وحزب الله في تهريب الأسلحة نحو لبنان بوسيلتين رئيسيتين:
الوسيلة الأولى بحسب المسؤولة الإعلامية
في الجيش الإسرائيلي تخزين الأسلحة في مستودعات الجيش السوري، والثانية تقديم
التسهيلات عبر المعابر التي تديرها وحدة "الأمن العسكري” التابعة للنظام.
تقارير غربية قالت إن الهجوم الذي
أطلقته فصائل المعارضة ضد الدولة السورية في ريفي حلب وإدلب يغيّر لأول مرة منذ
شهر مارس 2020 خرائط السيطرة في شمال غرب البلاد، بعدما ثبّتها اتفاق تم التوصل
إليه بموجب لقاء مباشر بين الرئيسين التركي، رجب طيب إردوغان، والروسي، فلاديمير
بوتين.
وفي حصيلة أوّلية نشرها "المرصد السوري
لحقوق الإنسان”، قُتِل 80 من عناصر "هيئة تحرير الشام”، و19 من فصائل "الجيش
الوطني” السوري الموالي لتركيا، و54 من القوات السورية، بينهم 4 ضبّاط برتبٍ
مُختلفة.
وقال الجيش العربي السوري إن قوات جوية
روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا قرب الحدود مع
تركيا، لصد هجوم "تحرير الشام” الذي يعد الأكبر مُنذ هُجوم وقع بإدلب في فبراير
(شباط) 2020، وتوقف بموجب اتفاق تركي روسي وُقّع في 5 مارس (آذار) من العام ذاته.
وبدأت حشودات عسكرية تابعة للجيش العربي
السوري في التوجّه إلى مدينة للمشاركة في صد الهجوم الواسع الذي تشنّه فصائل
مسلحة، وتضمّنت الحشودات العسكرية دبّابات وراجمات صواريخ وعتاد عسكري، ظهرت في
مقاطع مُتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بكُل حال، لا يُمكن تقديم طرف مُستفيد
على الآخر بخُصوص إعادة تفعيل المشهد السوري عسكريًّا وتصعيده، وصولاً لما يجري
الحديث عنه بنوايا احتلال المعارضة لحلب، وأنباء عن قطع الطريق الرئيسي بين دمشق،
وحلب، فتركيا أردوغان تُريد التطبيع مع الرئيس السوري بأي ثمن، وتحريك بيادقها
المُفترض إعادة تذكير منها له بنواياها السابقة، أما إسرائيل نتنياهو، فالأخير
هدّد الأسد علنًا لدعمه إيران وحزب الله، ويبدو أن الأخير (الأسد) لا يكف عن اللعب
بالنار بدعمه المُستمر للمُقاومة، ويحدث كُل هذا، مع اقتراب عودة الرئيس الأمريكي
المُنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض، وهو صديقٌ مُقرّب لكُل من نتنياهو وأردوغان!
"رأي اليوم”- خالد الجيوسي: