درس اردني بالارادة والعزيمة
د
هايل ودعان الدعجة .
كل
ما يفعله الاردن من اجل فلسطين والشعب الفلسطيني ، ليس بجديد ولا بغريب ، وهو الذي
دائما ما يضع كل امكاناته وطاقاته وقدراته في خدمة القضية الفلسطينية ، تماهيا مع
ثوابته ومواقفه الوطنية والعروبية والانسانية والاخلاقية . إذ اخذ على عاتقه اتباع
كل السبل والوسائل نصرة للاشقاء ، موظفا دبلوماسيته المؤثرة والفاعلة التي يقودها
جلالة الملك في لفت انتباه المجتمع الدولي وتذكيره وباللغة التي يفهما ، بحقوق
الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته وبضرورة اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني .
وان هناك قرارات ومرجعيات ومنظمات دولية تؤكد ذلك وتقر به . وهو ما تتسلح به
الدبلوماسية الاردنية في نصرة الاشقاء والدفاع عن حقوقهم . ولأن ملف القضية
الفلسطينية دائما ما يكون حاضرا على الاجندات الملكية والاردنية داخليا وخارجيا ،
فامر طبيعي ان تكون هي الشغل الشاغل للاردن قيادة وحكومة وبرلمانا وشعبا ولمختلف
المكونات المجتمعية . وما الوسائل التضامنية والتعبيرية المتعددة التي خطها واتبعها
رسميا وشعبيا تعبيرا عن مسؤوليته وشعوره واحساسه الوطني والقومي والانساني
والاخلاقي تجاه الاهل في غزة ، الا التماهي الحقيقي مع ما تعنيه القضية الفلسطينية
بالنسبة له . ولأن هذه الوسائل من الكثرة التي يصعب حصرها ، والتي لم تقتصر على
حادثة او فترة زمنية بعينها ، فان الوقوف عند عمليات الانزال الغذائية والطبية
والاغاثية الاردنية المتعددة التي تمت بتوجيهات ملكية وبمشاركة واشراف مباشر
من قبل جلالة الملك ، انما يأتي من باب التأكيد على موقف الاردن المتقدم واستمرار
وقوفه الى جانب الاشقاء هناك ، ووضع العالم بصورة المستوى الاغاثي والانساني الذي
وصله وهو يكسر الحصار الاسرائيلي الظالم وغير المسبوق بارادة وعزيمة واصرار رغم ما
يحيط بهذه العمليات النوعية والفريدة من مخاطر وتهديدات امنية ، لتوصيل المساعدات
الى اهل غزة الذين يتضورون جوعا ويحرمون من ابسط حقوقهم المعيشية ، وبما ينذر
بحدوث كارثة انسانية . حيث كان لها الاثر الكبير في الاسرة الدولية وهي تتابع
العزيمة الاردنية في كسر الحصار ، بطريقة حركت المشاعر والاحاسيس وغيرت في مواقف
ووجهات نظر شعوب العالم تجاه ما يحدث من ابادة جماعية في غزة على يد الكيان
الاسرائيلي ، ليمهد بذلك الطريق امام العديد من الدول لتحذو حذوه في اطار جهود
دولية عبر عمليات انزال مشتركة قادها الاردن في سبيل اغاثة الشعب الفلسطيني في غزة
وتخفيف معاناته ، كما يستدل على ذلك من العمليات التي نفذها الاردن ومصر والامارات
وقطر .. وفرنسا مؤخرا . ليسجل بذلك الاردن واحدا من اهم الدروس العالمية في التسلح
بالارادة والعزيمة ، انتصارا للانسانية التي دارت الشكوك حول حقيقة وجودها على وقع
احداث غزة المجازر وجرائم الحرب والابادة الجماعية التي يرتكبها الكيان
الاسرائيلي ، وما اذا كانت الاطراف الدولية التي تروج لشعار الانسانية وحقوق
الانسان .. مؤمنة به حقا .. اما تتعاطى معه كوسيلة استعمارية لتحقيق مصالحها
واطماعها واجنداتها التي تخفيها خلف هذا الشعار .