شريط الأخبار
المرصد الطلابي يطالب بالغاء عقوبات الطلاب لمشاركنهم بمظاهرات الحكومة تقر مشروع الموازنة العامة بقيمة 12.5 مليار دينار وتوقع نمو 2.5% الفن السابع الصيني يبهر الجماهير الاردنية بمهرجان بكين السينمائي بعمان طلبة جامعات يعتصمون رفضاً للعقوبات بسبب التضامن مع غزة الأردن يسير سربًا من المروحيات المحملة بالمساعدات لغزة المستشفى التخصصي يستقبل مراسل الجزيرة واطفال غزيين مصابين للعلاج فيتو امريكي ضد وقف العدوان في غزة تركيا وإسرائيل و"حلف الأقليات" بينهما الملك وآل نهيان يؤكدان ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان الخارجية :تنفيذ إخلاء طبي لصحفي قناة الجزيرة من غزة مراقب الشركات : تحقيق التنمية المستدامة يتطلب استثمارا بالموارد البشرية مقتل جندي احتلال واصابة قائد كتيبة بعمليات المقاومة شمالي غزة الملك: دور مهم للاتحاد الأوروبي في تحقيق السلام بالمنطقة الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى الإمارات 10 سنوات سجنا للنائب السابق العدوان بتهمة تهريب اسلحة للضفة الحكم بحبس مدانة بالاختلاس في "الاثار" ومحاكمة آخر في "المياه" شفطا مليوني دينار انتهاء مباراة الأردن والكويت بالتعادل الحد الأدنى للأجور: الفناطسة يطالب برفعه الى 300 وعوض يقدره بين 340 - 480 دينارا الملك يمنح أعلى وسام ملكي بريطاني من تشارلز الثالث الملكة تزور جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا

عامٌ على حرب غزة.. إبادة تعليمية في خضم الإبادة الجماعية!

عامٌ على حرب غزة.. إبادة تعليمية في خضم الإبادة الجماعية!


 جلال أبو صالح *

منذ نحو عام، أي حينما بدأت الحرب على غزة، فإن مصطلحاً جديداً بات يشتق من "الإبادة الجماعية” وهو "الإبادة التعليمية المتعمدة” ليدخل قاموس المصطلحات والحروب الذي يطبق بأبشع صورة في القطاع اليوم وأودى بكل العملية التعليمية، المدرسية والجامعية،  لنزع أهم أسلحة الفلسطينيين وهو العلم ومحاربة التجهيل.

وقبل السابع من أكتوبر، كانت هناك 796 مدرسة تستوعب نحو 800 ألف طالب وطالبة، بالإضافة إلى 17 جامعة وكلية مجتمع متوسطة، ومن تلك المدارس والجامعات دمر الاحتلال الإسرائيلي 123 بالكامل و335 جزئياً، حيث تعرضت ست جامعات في قطاع غزة للتدمير الكامل أو الجزئي جراء الهجمات الإسرائيلية.

ووفق معطيات نشرتها وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، تسببت حرب الإبادة على غزة في استشهاد وجرح أكثر من 25 ألف طفل، منهم ما يزيد على 10 آلاف من طلبة المدارس، وسط تدمير 90% من مباني المدارس الحكومية البالغ عددها 307 مدارس. وبينت أن أكثر من 800 ألف طالب وطالبة محرومون من حقهم في التعليم منذ بداية الحرب، يضاف إليهم أكثر من 58 ألفاً يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي الجديد، فضلاً عن 39 ألفاً ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة.

وبحسب معطيات الـ”أونروا”، فإن 200 مدرسة تمثل 70% من مواقعها التعليمية تعرضت للتدمير الكلي والجزئي بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل، مؤكدة أن أكثر من 600 ألف طفل يعانون من صدمة عميقة، ويعيشون تحت الأنقاض، وما زالوا محرومين من التعلم والتعليم، حيث كان نصفهم في مدارس الأونروا.

ويُقدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الأضرار التي لحقت بالجامعات تبلغ كلفتها أكثر من 200 مليون يورو، وأن ما لا يقل عن ثلاثة رؤساء جامعات وأكثر من 95 عميدًا وأستاذًا جامعيين، قُتلوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فيما اضطر نحو 88 ألف طالب إلى تعليق دراستهم، ولم يتمكن 555 طالبًا آخرون من حاملي المنح الدولية من السفر إلى الخارج بسبب الانتهاكات.

 

* مصير مجهول

ويدق خبراء تعليميون ومؤسسات متخصصة في الشأن التعليمي، ناقوس الخطر من استمرار هجمات الاحتلال الاسرائيلي المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة والضفة الغربية المحتلة، مؤكدين "تأثيرها المدمر وطويل الأمد على حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية، ما يحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم”.

وفي التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي، انطلق العام الدراسي الجديد في مدارس الضفة الغربية المحتلة، بينما بقي قطاع غزة محروماً من بدء العام الدراسي. وقبل بدء الحرب الإسرائيلية، كانت المدارس سواء الحكومية أو التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(أونروا)، مجهزة وتستوعب الطلاب بشكل مناسب، إلى جانب أن البيئة التعليمية منظمة ومهيأة، لكن مع بدء الهجمات الإسرائيلية وعدم وجود أماكن آمنة وتدمير المرافق التعليمية، أصبح مستقبل التعليم في غزّة غامضاً وتركت العملية التدريسية إلى مصير مجهول.

 

*صمود معلمي غزة: تعليم افتراضي، وفي الخيام!

وبادر معلمون ومعلمات ونشطاء من غزة إلى فتح صفوف تدريس مكثفة للطلاب الغزيين في مخيمات اللجوء قدر الإمكان كنوع من التطوع ورداً على حرب التجهيل الاسرائيلية التي تستهدف النشء الفلسطيني الجديد، لكن كل هذه المبادرات لا تسد جزءاً يسيراً من حاجة الأطفال والطلاب الغزيين للدراسة، كمالا تعوضهم عن تدمير المدارس والجامعات واستهداف العلماء والمدرسين.

وهنا؛ لا بد من الإشادة إلى دور المعلمين، وحرصهم على استمرارية التعليم وضمان عدم انقطاعه رغم الظروف الصعبة. وداخل الخيام وفي فصول بمدارس مدمرة جزئياً يعمل المدرسون المتطوعون على تقديم دروس للأطفال من المنهاج الفلسطيني، إذ تفتقر تلك الخيام والفصول إلى أبسط الأدوات التعليمية المتمثلة بالكتب والقرطاسية والمقاعد، لكن الفلسطينيين يصرون على تلقي التعليم باستخدام أقل الامكانيات المتاحة.

وسعت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية المسؤولة عن التعليم في الضفة وغزة إلى محاولة استدراك الحفاظ على تعليم الأطفال في القطاع عبر إطلاق "التعليم الافتراضي” وفتح صفوف افتراضية للتدريس، عبر شبكة الانترنت يقدم عبرها معلمون من الضفة الغربية الدروس المكثفة لطلاب غزة.

إلا أن مشاكل جمة تقف في وجه هذه المبادرة، أولها صعوبة توفر الانترنت لأغلب الغزيين، والانشغال بالبحث عن لقمة عيش باتت عزيزة، وحالة التنقل المستمر والنزوح هرباً من الموت والقصف، ناهيك عن عدم قدرة أغلب الطلبة عن توفير أجهزة لوحية أو شبكة انترنت للاستفادة من هذه الدروس، فضلاً عن الأوضاع المتدهورة في الضفة الغربية والتي تعاني أيضاً من اختلالات كبيرة في البنية التعليمية  بسبب العدوان عليها.

 

* طلاب غزة.. مستقبل يبنى بالإصرار وسط الركام!

ورغم معاناة الحرب وويلاتها، ووسط القذائف والصواريخ أصر عدد من طلبة الماجستير على مناقشة رسائلهم العلمية، ليحولوا الخيام التي نزحوا إليها بسبب الحرب إلى قاعات أعلنوا فيها اكتمال حلمهم، وأظهروا إصرارهم وتصميمهم الذي قهر المستحيل. وذلك في ظل حرمان حُرم طلبة الجامعات في غزة من حقهم في التعليم على مدار السنة الماضية، ما أثر بشكل كبير على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.

فيما وضعت الحرب المدمرة طلبة الجامعات أمام دائرة المجهول، وسط فقدان عشرات الآلاف منهم فرصة التخرج، جراء تعطل العملية التعليمية. إذ كانت الجامعات في غزة هدفاً مشروعاً للصواريخ والقذائف الإسرائيلية التي استُهدفت معظمها في القطاع، أبرزها "الإسلامية” و”الأزهر” و”القدس المفتوحة” و”الإسراء” و”غزة” و”فلسطين” و”الأمة”.

 

* بحاجة لحلول.. لكن نريد المساءلة!

في ظل تلك المعطيات، لا بد من تعميم مصطلح الإبادة التعليمية، وضمان المساءلة لهذه الجرائم بحق أجيال لم تفقد  الدراسة فقط، وإنما فقدت أيضا الأمل بالعودة إلى صفوفهم الدراسية في الوقت الحالي، خصوصاً أن إعادة أعمار القطاع ستأخذ سنوات.

ومن المهم التصدي للنتائج الخطيرة الناتجة عن الإبادة الجماعية سواء في التعليم أو الصحة أو البيئة وغيرها، مع ضرورة تدخل كافة الجهات لتوفير المراكز والمؤسسات التعليمية في القطاع، لتعويض الفاقد التعليمي للطلبة في المدارس والجامعات.

وعليه؛ لقد أصبحت الحاجة الملحة لاتخاذ موقف دولي حازم، وأن العدوان المتكرر على مدارس وجامعات غزة والضفة يشكل انتهاكاً صارخاً للأعراف الإنسانية الدولية في ظل تجاهل دولة الاحتلال لاتفاقية جنيف الرابعة التي تصنف المدارس والجامعات كمنشآت مدنية تتطلب الحماية.

فمطلوب من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حاسمة، والتأكيد على ضرورة تحميل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية هذه الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ووقف الإبادة الجماعية، ووضع إطار سياسي دائم لضمان سلامة وكرامة الشعب الفلسطيني وحقه في التعليم.

·       نشرت بموقع منظمة النهضة العربية (ارض)